الأردن 2017: الرهانات الاقتصادية/ محمد أبورمان

لن يكون العام 2017 سهلاً ولا خفيف الظل على الأردنيين؛ فهناك متغيرات ستشكل منعطفاً مهماً في تحديد أين نقف، وما هي أوضاعنا السياسية والاقتصادية في ظل ما يجري.

لو أتينا إلى المعادلة الداخلية، فإنّ الأزمة الاقتصادية هي الهمّ الأول لمطبخ القرار والأردنيين. ولا يبدو هناك أي أفق حقيقي لتجاوزها، أو إحداث طفرة في الاستثمار، في ظل الظروف الإقليمية المتدهورة، والنشاط الإرهابي والمليشياتي، ما يجعل من أي مشروع استثماري كبير عبر رجال أعمال في الخارج أو الداخل، أمراً مستبعداً تماماً، قبل أن تتضح صورة الأمور في المنطقة عموماً وإلى أين تسير. ففي النهاية، الأردن جزء من الخريطة الإقليمية، وحتى إن كان يتمتع بميزة الاستقرار السياسي، فإنّ المستثمرين حساسون للمخاطر الأمنية كثيراً.

في ضوء هذه القناعة، فإنّ التعويل الرئيس لدى المسؤولين هو على تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة:

الهدف الأول، التسريع في صندوق الاستثمار السعودي-الأردني المشترك. ومن المتوقع أن يتم ضخّ ثلاثة مليارات دولار من الأشقاء في الصندوق، في بداية العام المقبل. لكن قوننة هذه الاستثمارات وتحويلها إلى مشروعات، يحتاجان أعواما أخرى؛ فلن تكون هناك نتائج ملموسة على المدى القريب.

أما الهدف الثاني، فيتمثل في محاولة تذليل العقبات التي تقف دون إعادة تدشين خطّ عمان-بغداد، ما سيحرّك السوق المحلية في مجال النقل والاستيراد والتصدير. وبالفعل، بدأت الحكومة المضي فيه، ما يفسّر تنشيط قنوات التواصل المتبادلة، خلال الأسابيع الأخيرة، بدمج الاقتصادي والسياسي، والذي يقوم على استقبال قوى عراقية في الأردن من أجل دور الوساطة والمصالحة السياسية الداخلية العراقية.

الهدف الثالث يتمثّل في محاولة الالتزام قدر المستطاع ببرنامج صندوق النقد الدولي، لتخفيض مجمل الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي والوصول به في العام 2021 إلى نسبة 77 %. وإن كانت المؤشرات الراهنة لا تعزز التفاؤل بالوصول إلى هذا الرقم، فعلى الأقل إدارة الدين العام، وضبط نسبته لعدم تجاوز سقف الـ94 % من الناتج المحلي الإجمالي.

ورفع أسعار الكهرباء سيتم في بداية العام المقبل، في حال ارتفع سعر برميل النفط إلى أكثر من 55 دولاراً؛ كي تحافظ الحكومة على التوازن الحالي.

ليس من السهل تحقيق توقعات البنك الدولي بأن يصل معدل النمو الاقتصادي في البلاد، مع العام 2018، إلى 3.1 %، مقارنة

بـ2.3 % في العام 2016؛ فالمعادلة صعبة ومعقدة، في ظل ضعف فرص الاستثمار العاجل أولاً، ومحدودية المساعدات الدولية لتغطية موضوع الأشقاء اللاجئين السوريين ثانيا، إذ لا تتجاوز قيمة المساعدات 40 % من الكلفة الحقيقية.

وما تزال الحكومة متأملة بإمكانية الاستفادة من مخرجات مؤتمر لندن، في حال استطاع القطاع الخاص الأردني استثمار الفرصة، والتواؤم مع شروط “قواعد المنشأ”، ما يخلق فرصاً جيدة لتنشيط القطاع، وتشغيل السوريين والأردنيين.

فيما يتعلّق بآفة البطالة الخطرة، ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ومع انشغال المسؤولين بهاجس أوضاع الشباب في الآونة الأخيرة، فإنّ هناك مبلغ 80 مليون دينار رصدت لضخّها في المحافظات لدعم المشروعات الشبابية الريادية، في محاولة لتحريك عجلة التشغيل. لكن المأمول من نتائج هذه الطريقة ليس كبيراً.

في الأثناء، ستُطبخ على النار مع مجلس النواب قوانين إصلاحية، بخاصة ضريبتي الدخل والمبيعات. لكن الحكومة تريد التأكد من النتائج، وعدم الاستعجال، كي لا تضطر إلى تعديلات أخرى، ما يؤثر سلباً بصورة كبيرة على استقرار السياسات الاقتصادية.

بين هذا وذاك، ثمة مخاوف من خسائر قد تلحق بشركات حيوية ورئيسة مهمة تصل إلى عشرات ملايين الدنانير.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري