بدا لعديد النواب الموقعين على مذكرة حجب الثقة عن وزير الداخلية سلامة حماد، أن نتيجة التصويت اليوم ستكون في غير صالحهم، وأن الخاسر الأكبر في هذه المواجهة المبكرة هو مجلس النواب.
اتصالات ومداولات النواب في اليومين الماضيين، تركزت على البحث عن تسوية تحفظ حق النواب في مساءلة الحكومة عما جرى من أحداث في الكرك، مقابل تجنب التصويت على مذكرة حجب الثقة.
الخطة البديلة لطرح الثقة، تستند إلى مذكرة نيابية يجري العمل عليها، تتبنى الطلب من الحكومة تشكيل لجنة تقصي حقائق في أحداث الكرك، وفي ضوء نتائج التحقيق تتحدد المسؤوليات، ويصبح بالإمكان محاسبة المسؤولين المقصرين.
ولا يبدو الهدف من وراء هذا التحرك النيابي والرسمي حماية وزير الداخلية من خطر حجب الثقة، بل تجنيب مجلس النواب مواجهة ربما تكون نتيجتها محسومة، في ظل الانقسام الحاصل في أوساط النواب بشأن المذكرة التي وقع عليها 48 نائبا فقط.
وإذا كان النواب جادين حقا في تحمل مسؤولياتهم الرقابية، واستخلاص الدروس من عملية الكرك الإرهابية، فإننا نقترح عليهم تطوير مذكرتهم “البديلة” لتتضمن مطالب أخرى لا تقل أهمية عن التحقيق في الأحداث.
على سبيل المثال لا الحصر، الطلب من الحكومة التقدم بخطة متكاملة لمكافحة التطرف من جهة، ومحاربة الإرهاب من جهة أخرى. وتشمل في بنودها التعديلات التي ينبغي إدخالها على التشريعات، بما يضمن فرض عقوبات مغلّظة على المروجين للجماعات الإرهابية والملتحقين بها. وتقديم عرض شامل لاستراتيجية الحكومة لمكافحة التطرف على جميع المستويات، والمؤسسات المستهدفة بخطط الإصلاح.
وكذلك، الكيفية التي ستتعامل فيها الحكومة مع مئات الأردنيين المقاتلين في صفوف الجماعات الإرهابية في سورية والعراق، في حال قرر هؤلاء العودة للأردن. ينبغي أن تكون لدينا استراتيجية واضحة في هذا المجال، إضافة إلى خطة “الداخلية”، للتعامل مستقبلا مع الموالين لتنظيم “داعش” الإرهابي خارج السجون؛ فمن بين هؤلاء خرج الإرهابيون الأربعة في الكرك، ومثلهم المئات ممن لا يترددون في إعلان ولائهم ومبايعتهم للبغدادي. صحيح أن معظم هؤلاء حوكموا من قبل، لكنهم الآن خارج السجون؛ فماذا نفعل معهم، وكل واحد منهم بات قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي مكان؟ واجب الحكومة أن تقدم للنواب وللشعب تصورا خلاقا للتعامل مع هذا الخطر القابع في أحشاء المجتمع.
وثمة حاجة أيضا للطلب من الحكومة التقدم بخطة طوارئ أمنية وإعلامية جاهزة للتطبيق في حال وقوع أحداث مشابهة لأحداث الكرك، تضمن التناغم والتنسيق بين أجهزة الحكومة كافة، وتوفر الحماية لرجال الأمن عند مواجهة الإرهابيين، لتقليل الخسائر البشرية، لا بل وتجنبها نهائيا. على أن تُعطى الحكومة مهلة شهر واحد لتقديم هذه الخطط والبرامج، وعرضها للنقاش تحت قبة البرلمان، وفي وسائل الإعلام، لتصبح خطة وطنية يلتف حولها كل الأردنيين.
في اعتقادي أن تحقيق هذه المطالب سيشكل إنجازا تاريخيا لمجلس النواب، يفوق في أهميته الوطنية إقالة وزير أو حتى حكومة؛ لا بل إن إقرار هكذا خطة قد يفرض، وبشكل تلقائي، تغييرات في مواقع وزارية.