أما آن لليمن أن يترجل .. ؟؟

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب – يكفي قتلا و تقتيلا وتدميرا في اليمن و على اليمن , يكفي نزيفا و دمارا , فالقاتل والمقتول كلاهما يمني والمهدوم من منازل ومدارس ومستشفيات هي من عرق اليمني وهي ما ادخره من مسيرة العمر . 
لا تقتلو اليمنيين ولا تقاتلوهم , فلن تدركوا من قتالهم شيئا , فقد طمعت امم كثيرة في اليمن ولكنها لم تدرك الا الهزيمة , فقد انكسرت قرون الغزاة على الصخرة اليمنية منذ نواس بن ذي يزن وحتى هذه اللحظة . 
اليمن استعصت على الغزاة وحتى اولئك الذين حوّلوها من اليمن السعيد الى اليمن التعيس , لم توسع لهم الّا المقابر , ولم تمكنهم من ان يطالوا كرامتها و عزتها , فقد افتدت ذلك بالدم والولد و الزرع و الضرع . 
لم يحكم اليمن في التاريخ غير أهلها وحتى الغزوات التي اندحرت , فانها لم تصب في اليمن الا ما تصيبه الموجة العابرة في الصخرة الصماء .
أين العالم الصامت على قتل اليمنيين تحت شعارات و ذرائع واهنة , ولماذا يجري قتل اليمنيين ؟ هل من اجل حمايتهم و حماية مصالحهم و مستقبلهم وابعاد الغزاة عنهم ؟ والدفاع عن مصالحهم ضد من ؟ وعن أي مستقبل؟ وكل ما يملكون يدمر ؟ و من هم الغزاة الذين يذكرون في وسائل الاعلام ؟ ام اولئك الذين يقصفون بكل اشكال الاسلحة الحديثة ؟ 
ان من يريد حماية اليمنيين لا يجوز ان يقتلهم , ومن يريد ابعاد الاعداء عن اليمنيين عليه مواجهة هؤلاء الاعداء الذين لهم دولة و حدود وعسكر واقتصاد , و اذا كانت ايران هو العدو المخشي منه فلماذا لا تضرب ايران في عقر دارها او عبر حدودها او بحرها , و لماذا يرفع شعار شبيه بالذي رفعه المستعمرون الانجليز , حيث كانوا يحكمون الهند بمندوبهم السامي وقد مارسوا القتال لاخر جندي هندي !! .

اليمن ابو العرب وجذرهم و موئلهم الاول يجري التفريط به وتسليمه للقتل والتدمير و الابادة بذرائع ما انزل الله بها من سلطان , فالاطفال يقتلون و تهدم مدارسهم والمستشفيات تضرب وكذلك المدنيين . 
لماذا كل هذا ! ما الذي كان ينقص اليمن ؟ ولماذا التعامل معه مثل قصة الدب والطفل حين صاحب الدّب طفلا صغيرا و اراد ان يحميه , فلما سقطت ذبابة على رأس الطفل , ذهب الدب واحضر حجرا كبيرة ليضرب بها الذبابة فهشم رأس الطفل .. هذه هي صداقة الجهل اذن . 
واذا كانت اطراف عربية تتمسك بالشرعية في اليمن فعن اي شرعية يتحدث المتمسكون و المقاتلون والنظام العربي كلّه يفتقد للشرعية , و لم يولد من رحم صناديق الانتخابات , و انما من فوهة الدبابات و المدافع وشراء الاصوات و المحاسيب واستمالة المعارضين او تهشيمهم وابادتهم .
دعونا نلتقط انفاسنا فانتم تضربون جذر الامة في اليمن وتستعدون عليها وتتجمع عليكم الامم بالقتل تجمع الاكلة على قصعتها كما كان يقول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) نتاج تفرق الامة وضعفها ويصبح لا قيمة لكم بين الامم لتفرقكم وذهاب ريحكم و ضعفكم فتتجاهلكم الامم كما هو الحال الان .
لقد كافح اليمنيون طويلا لتكون لديهم بنية تحتية وان لم تكن متطورة , فلماذا يجري اعادتهم للقرون الوسطى وماذا يعني الانتصار على اليمن ؟ ولماذا استنهاض الثارات و الاحقاد والضغائن و الدماء واستعادة قيس و يمن , و عرب عاربة و مستعربة وشمال و جنوب , ولسواد عيون من يحدث ذلك ؟؟ .
هذه النار التي اشعلوها في اليمن إن لم يطفئوها بسرعة الان وليس غدا , فانها ستاكل الجميع ان لاتجد ما تأكله , وكا قيل ” النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله ” فلماذا تخرجون الجني من القمم وانتم لستم اهلا للتحكم في افعاله , لقد بعثتموها حربا ضروسا معتقدين انكم قادرن على الخروج من إوارها والاستفادة منها .

أيّها السادة المالكون لمقدرات الامة وقد ساهم بعضكم في ذبحها بدل انقاذها و اسعادها , ان عيون اطفال اليمن لن تغفر لكم ولن تبرءكم وستبقى تطاردكم دامعة وغاضبة وسوف تقودكم الى مقابر الغزاة في اليمن . 
اليمن عربي اكثر من اي بلد عربي مزايد عليه وهو لن يسمح للغزاة أيّا كانت هويتهم بغرس اقدامهم في أرضه , فلا تزايدوا عليه ولا تقلقوا , فقط اتركوه يتخلص من اي غاز حتى لو كان شقيق او جار , فهو لا يقبل الضيم فلماذا يكون ذوي القربى عليه اشد مضاضة و قسوة . 
في اليمن عقول نيّرة اعرف الكثير منها, منهم من هو سياسي او اقتصادي او اكاديمي او من الشيوخ والوجهاء او زعماء القبائل , وكل هؤلاء ضد القتل والموت والابادة والغزو والهيمنة , اتركوهم ينقذون بلدهم , استمعوا اليهم , ساعدوهم في اطفاء الحريق , اعرف الكثيرين منهم و لديهم مبادرات تحتاج ان تنجح , لقد استمعت الى الرئيس الاسبق علي ناصر محمد وغيره من شخصيات اليمن من الشمال والجنوب , وهم غير قابلين ان يحشروا لا مع هذا الفريق و امواله ولا مع هذا الفريق وتعصبه , بل هم مع اليمن , فلماذا كلما اكتملت مبادرة وبدأت تنجح جرى حصدها و قصفها بالسلاح مرة اخرى . 
اليمن اصبح متعبا والصراع المسلح لن يحسم الامر وسيزيد الخلل سوءا , فالدول التي تقاتل اليمن وفي اليمن وعلى ارض اليمن , استنزفت ثرواتها وقتل من ابنائها ما يجعلها تراجع حساباتها وبسرعة , فاليمن في نهاية المطاف ليس عدوا والشرعية التي يقاتل من اجلها هي كنباتات الشرفات التي لا يمتد جذورها بعيدا عن التراب , واليمنيون لن يستوردوا غزاة ابدا سواء من الجيران او من ايران !! . 
حان لليمنيين ان يترجلوا من الخنادق ومن ظهور الدبابات و المدافع , و ان يعودوا الى حقولهم و مدارسهم ومقيلاتهم , فاليمن الذي لم يحكم عبر التاريخ للغزاة طويلا لم يحكم اليوم ابدا , وترك الصراع في اليمن من هذه اللحظة اجدى من استمرار نفخ النار والرماد فيه واعادة اشعاله .

المبادرة الجديدة من شخصيات يمنية ما زالت قائمة برسم الحركة , و قد جرى بلورتها في القاهرة وتحتاج لاطراف تسمع , و هي امتداد لمبادرة سابقة تحدث عنها علي ناصر محمد ويمكن انفاذها شروط غير معقدة , و مطالب معقولة للرئيس السابق علي عبدالله صالح الموصوف بالمخلوع والذي لم يخلع حتى الان , ولا يعرف احد متى يخلع او من يستطيع خلعه طالما هو نابت في الصخر اليمني وطالما ان الايدي الممتدة لخلعه مختلفة البنان واللون والدم والاهلية .
والسؤال لماذا لا تنجح المبادرات في وقف الحرب على اليمن , و لماذا لا يجري الامساك بالمهمة او الدور العماني واعراب الجملة العمانية في المصالحة اليمنية والتي تملك اسباب النجاح ، ألم ينضج الموت في اليمن حتى الان ! ليقوم من يقول كفى كفى كفى ؟! ..
أين ابناء اليمن الذين حملوا اسمه وكبرت اسماؤهم به ورضعوا من ثديه , اين هم واين حكمتهم المضروب بها المثل , من يجمع الان شتات اليمن ويحشد الطبقة القادرة على بناء الجامع المشترك اليمني لاسقاط التدخل في شؤون اليمن أيّا كان مصدر التدخل . 
اليمن بحاجة الى مبادرات سلام والاموال التي انفقت في الحرب عليه كانت تستطيع ان تجعله سعيدا وآمنا وجارا أمينا لكل جواره , لماذا يعود اليمنيون يتفرقوا ” أيدي سبأ ” في انحاء العالم العربي والعالم , هل يمكنهم على اختلاف اتجاهاتهم ان يتداعوا الان الى عمّان _ الاردن او القاهرة او حتى اي بلد اخر محايد ليشكل ذلك ضغطا على كل الاطراف وفضحا للمخططات التي تستهدف اليمن مهما كان مصدرها . 
على ابناء اليمن في الداخل والخارج ان يرفعوا اصواتهم الان عاليا حتى تخرس اصوات المدافع والبنادق , حرب الأخوة هذه لا يستفيد منها سوى الاعداء الحقيقيين , و هم ليسوا بحاجة الى تعريفهم او توجيه البوصلة باتجاههم , فالانظمة تتغير ولا رهان عليها والشعوب و الاوطان هي الباقية والرهان كل الرهان عليها .

Related posts

ترامب يعين ماسك في منصب غير حكومي للرقابة على كفاءة الحكومة

مليشيات الحوثي هاجموا مدمرتين أميركيتين بالبحر الأحمر

الفيدرالي يخفض الفائدة فما الانعكاسات على الأسواق؟