القذافي معبود المناضلين في الأردن/ فهد الخيطان

تناقلت وسائل إعلام عربية أمس خبرا، مفادها أن الممثلة الأميركية الشهيرة شارون ستون حصلت على خمسة ملايين دولار لقاء قضاء ليلتين مع الرئيس الليبي معمر القذافي.

لم تورد الخبر وكالة أنباء عالمية ذات صدقية، أو صحف عالمية، ولهذا يبدو لي أن الخبر مفبرك، ليس لأن القذافي لم يكن يقوم بمثل هذه الأفعال الوضيعة، بل لأن  شارون ستون، ومهما كان رأينا فيها أشرف ألف مرة من القذافي، ولو فكرت بالحصول على المال مقابل الجنس، لجنت الملايين من رجال أعمال حول العالم، يملكون من السحر والجاذبية ما لا يقارن مع قبح القذافي وشذوذه الجنسي الذي تكشف بعد موته.

لجنة التحقيق الليبية التي ينسب إليها تسريب خبر شارون ستون، تعمل منذ سنتين على كشف تفاصيل ما كان يدور إبان فترة حكم القذافي، وثمة تفاصيل مرعبة عن جرائم سادية ارتكبها، وممارسات جنونية قام بها أثناء حكمه بحق معارضيه ومؤيديه أحيانا.

القذافي كما تذكرون كان معبود المناضلين العرب من شتى التيارات والأحزاب السياسية؛ يساريون وقوميون وإسلاميون. وكان لمناضلينا الأردنيين نصيب كبير من حفلات القذافي ومهرجاناته ومؤتمراته.

كانوا يقصدون خيمه زرافات وجماعات. وفد مغادر إلى طرابلس الثورة ووفد راجع. رموز من صفوة النخبة السياسية على رأس كل وفد.

لم يشعروا يوما بالإهانة؛ فقد كان القذافي يتمتع بـ”مرمطتهم” أياما طويلة وهم ينتظرون اللقاء معه في خيمة بقلب الصحراء. في أحيان كثيرة كان المناضلون الأشاوس، يقطعون مئات الأميال لموعد مع الزعيم في نقطة نائية، ثم يكتشفون بعد وصولهم أن الموعد قد تأجل، وعليهم أن يعودوا من جديد لفندق أقرب لزريبة في طرابلس، في انتظار أن “يحن” عليهم القائد بلقاء في مقبل الأيام.

وإذا ما حصلت المعجزة وقبل القائد بلقائهم، وإلقاء خطبة عرمرمية بالحضور، كان عليهم أن يتقبلوا بصدر رحب إهاناته الشخصية لبعضهم، وتعليقاته السمجة، وإساءاته لبلدانهم، وما عليهم سوى التصفيق بحرارة للقائد الملهم.

لقد سمعت روايات كثيرة من سياسيين وصحفيين أردنيين من ضيوف القذافي عما كانوا يتعرضون له من مقالب وإهانات أثناء زياراتهم لليبيا. وكنت أتساءل مع نفسي كيف يقبل هؤلاء المهانة على أنفسهم. لو طرق أحدهم باب مسؤول في الأردن وتأخر عليه دقائق، لأقام الدنيا ولم يقعدها، بينما كان يتقبل بصدر رحب الإهانة من القذافي وموظفيه. المهم أن يحظى بمصافحة ذاك المخبول الذي ادعى يوما أنه ملك أفريقيا وعميد حكام العالم، وصاحب مدرسة في الحكم لم يسبقه إليها فلاسفة اليونان والرومان والإسلام.

يقال إن سياسيين وصحفيين عربا جنوا ثروات طائلة من العمل في خدمة القذافي؛ ألفوا كتبا تمجد الزعيم العبقري، ونظموا مؤتمرات عن الكتاب الأخضر”هلوسات تثير السخرية”، ونصبوا القائد المغوار زعيما للمؤتمر القومي العربي. وماكان يثير الاستغراب فعلا أن السلطات الأردنية رخصت في التسعينيات حزبا يبشر بالكتاب الأخضر وأفكار القذافي.

بعد كل الذي حصل وتكشف، وكان معروفا من قبل عن عهد القذافي، لم يتجرأ سياسي أردني واحد ممن أدمنوا على خيمة القذافي على الاعتذار عن سلوكه في تلك الحقبة السوداء.

Related posts

رئيس حزبي لمجلس النواب العشرين*أ. د. ليث كمال نصراوين

من يدفع فاتورة الحرب وكيف نتعامل مع آثار العدوان؟* حسين الرواشدة

توجهات إيجابية في ميدان الشراكة بين القطاعين العام والخاص* د. محمد أبو حمور