عروبة الإخباري – “كثيرون يموتون في حلب.. المقابر الآن كاملة العدد”.. هذا ما أبرزته صحيفة “إندبندنت” البريطانية في تقرير لها عن الوضع في أحد أكبر المدن السورية.
امتلأت مقبرة حلب القديمة قبل عام مضى، بينما امتلأت المقبرة الجديدة الأسبوع الماضي، وحاليا يتم ترك الجثث ملقاة في شوارع القطاع الشرقي المحاصرة، ويتم دفن البعض في الساحات الخلفية للمنازل، والبعض الآخر يترك في ثلاجات الموتى.
“ليس لدينا أماكن أخرى”، هذا ما يشير اليه محمد أبو جعفر، رئيس هيئة الطب الشرعي بالمدينة، فقد اكتظت المشرحة بالجثث، وأصبحوا عاجزين عن عن تسلم أي جثامين أخرى.
على مدى أسبوعين، قصفت القوات الحكومية المنطقة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 310 مدنيين، بينهم 42 طفلا، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وحاول ستيفن أوبراين، منسق الإغاثة والطوارئ بالأمم المتحدة، الوصول إلى شرق مدينة حلب، التي يقطنها قرابة 275 ألف إنسان، “قبل أن تصبح مقبرة كبيرة”.
تركت الجثث في حلب لتتحلل في الشوارع، ولم تستطع سيارات الإسعاف والإنقاذ الوصول لتلك الجثث، إما بسبب الاستهداف، أو نفاذ الوقود.
“أُحضرت امرأة من الحي، وسجلت في المشرحة، وما زلنا لا نعرف لمن الجثة.. أقسم بالله لقد بكيت، وأنا الذي تعودت على تلك المشاهد المروعة” يقول أبو جعفر.
فالجثث الملقاة في الشوارع، بالقرب من خطوط النار، تنهشها القطط، قبل أن يستطع أهالى الحي أن يوصلوها إلى المشرحة.
وفي ظل الحصار الشديد، المفروض على شرق مدينة حلب منذ شهر يوليو، أوشكت المواد الغذائية واللوازم الأساسية على النفاذ.
وعندما شنت القوات الحكومية غارات جوية على جميع المرافق الطبية السبعة في المنطقة، تم إجلاء المستشفيات تماما، وأقام الأطباء نقاطًا طبية صغيرة، يقدمون من خلالها عناية بسيطة.
“كل جريح هو شهيد محتمل” يقول زكريا أمينو، نائب رئيس المجلس المحلي لشرق مدينة حلب.
وقالت إحدى الممرضات، التي تعمل في تلك النقاط الطبية، إن بعض الجرحى توفوا خلال انتظار العناية الطبية، بسبب وجود نقص في الدم.
أضافت “الأسوأ من ذلك، أن بعض المرضى لم ينجو، بعد إجراء عمليات جراحية لهم، بسبب البرد الشديد”.
“هناك جرحي في كل مكان، أخشى أن أخطو فوقهم عندما أسير” يقول أبو جعفر.
ويخشى أبو جعفر أن تتسبب الجثث المتكدسة في كشف أماكن العيادات السرية.
في السنوات الأربع الماضية، أكثر من 20 ألفًا من سكان محافظة حلب قتلوا، أكثر من 80% منهم في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، وفقا للمرصد السوري.
وكانت المقبرة القديمة للمنطقة الشرقية، امتلأت بالفعل قبل أن تسيطر قوات المعارضة على المنطقة عام 2012، إلا أنه استمر استخدامها في ظل المعارك العنيفة، وقصف القوات الحكومية، بينما بحث المسؤولون عن قطعة أرض أخرى، وبالفعل وجدوا واحدة، إلا أنها قصفت الصيف الماضي.
“ندفن موتانا في حدائقنا لفترة من الوقت”، يقول أمينو، في وقت يكاد يكون توثيق حالات الوفاة مستحيلا.
فهناك 20 جثة في المشرحة لم يتم التعرف عليها، منذ 3 ديسمبر الماضي.
ونشر أبو جعفر صورة لفتاة تبلغ من العمر 5 أشهر، وجدت تحت الأنقاض في إحدى مناطق حلب منذ يومين، ويعتقد أن والديها ماتا، وهناك فتاة صغيرة فقدت إحدى ساقيها، وتوجد الآن في إحدى العيادات تحت الأرض.
ويعتقد أن كل هذه الجثث لمدنيين؛ فالمقاتلون يدفنون موتاهم بشكل مستقل.
“لا احترام للموتى، والباقون على قيد الحياة هنا حالهم أسوأ”، يوضح أبو جعفر للصحيفة البريطانية.