عروبة الإخباري – عقب مضي أعوام من البحث عن ذوي الشاب محسن “اسم مستعار”، تمكنت وزارة التنمية الاجتماعية صدفةً من العثور على ذويه، غير أن الآمال تبخرت بلم شمل الشاب ذي الإعاقة الذهنية بسبب رفض عائلته استقباله.
وروى الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطروط تفاصيل حكاية محسن، الذي يقيم في إحدى الدور التابعة للوزارة المعنية برعاية ذوي الإعاقة الذهنية، فقال “دخل محسن إلى الدار قبل نحو عشرة أعوام، حيث تم العثور عليه هائما في شارع عام، ومنذ ذاك الحين تم نشر أكثر من إعلان لدعوة ذويه للتعرف عليه، لكن لم يراجع أحد بشأنه”.
وتابع “قبل فترة بسيطة تعرف أحد عمال الصيانة على الشاب، وقدم أرقام هاتف العائلة إلى مدير المركز الذي بدوره اتصل بالعائلة، لكنها كانت ترفض الحضور حتى لزيارة ابنها، وبعد فترة غير ذوو محسن أرقام هواتفهم، ولاحقا غيروا مكان السكن”.
ولا تعد حالة محسن الوحيدة التي تتعامل فيها “التنمية” مع أشخاص هائمين على وجوههم، إذ يوجد حاليا نحو 6 أشخاص من فئتي المسنين وذوي الإعاقة تم العثور عليهم ولم يتعرف عليهم أحد حتى الآن.
وأقدم هؤلاء، بحسب الرطروط، رجل مسن عثر عليه في وضع إنساني صعب جدا العام 1996 في مغارة بإحدى مناطق عمان، يليه شخص آخر عثر عليه العام 2002 في شارع رئيس، وآخرهم شخص عثر عليه في طريق دولي العام 2006.
وأوضح الرطروط أن “الأشخاص الستة هم إما مسنون مصابون بالزهايمر أو أشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية الشديدة، لا يستطيعون التعريف على أنفسهم، ورغم الإعلانات المتكررة في الصحف لكن أيا من أقاربهم لم يقم بالمراجعة بشأنهم”.
وأشار إلى وجود عدد أقل من الأطفال الهائمين على وجهوهم الذين يدخلون مؤسسات الرعاية الاجتماعية، وغالبا ما يتم العثور على أسرهم بعد عدة أيام، لكن في حالات نادرة يبقى الأطفال في الدور الرعاية دون معرفة ذويهم.
وقبل نحو 4 أعوام تم العثور على طفلين (عامان وثلاثة أعوام) تحت جسر مادبا، ولم يقم أحد بالمراجعة بشأنهما حتى الآن، وما يزال الطفلان في دور الرعاية.
وأكد الرطروط أن “التحدي أمام عمل الوزارة يتعلق بفئتي كبار السن وذوي الإعاقة، إذ غالبا ما يعاني هؤلاء من جفاء الأقارب والتخلي عنهم”.
ويبلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة المستفيدين من خدمات المراكز الإيوائية الحكومية 600 شخص، موزعين على 5 مراكز حكومية، في حين يقدر عدد كبار السن المقيمين في دور المسنين بنحو 350.
وكانت دراسة أجرتها “التنمية” على دور الرعاية الإيوائية الحكومية، أظهرت أن 63 فقط من بين 550 منتفعا في المراكز الحكومية، تزورهم أسرهم أسبوعيا، وحوالي 20 % من هؤلاء تزورهم أسرهم سنويا، ما يؤشر إلى ضعف التواصل بين الشخص ذي الإعاقة وعائلته.
وفيما تتنصل عائلات من مسؤولية زيارة ومتابعة أبنائها المقيمين في دور رعاية ذوي الإعاقة، فإن مسودة تعديلات قانون الأشخاص ذوي الاعاقة المعروض حاليا أمام مجلس النواب، ينص على “إنهاء نظام الرعاية الإيوائية لذوي الإعاقة بشكل متدرج على مدى عشر سنوات”.
وبحسب التعديلات، تنص المادة 17 من مشروع القانون في الفقرة “ج” على: “تتولى وزارة التنمية الاجتماعية، بالتنسيق مع المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، وضع خطة وطنية شاملة تتضمن حلولا وبدائل مرحلية ودائمة، لتحويل الدور غير الحكومية الإيوائية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة إلى جهات خدماتية نهارية دامجة، على أن يبدأ تنفيذ هذه الخطة خلال مدة لا تتجاوز سنة واحدة من تاريخ نفاذ هذا القانون، ولا يتجاوز استكمالها مدة 10 سنوات”.
وأثارت التعديلات في حينه قلقا كبيرا بين أهالي الأشخاص ذوي الإعاقة، خصوصا أن الإيواء في عدد من الحالات يكون الخيار الوحيد أمام العائلات، خصوصا في حالة وفاة كلا الوالدين أو أحدهما، أو حالات تعدد الإعاقات أو مرض الوالدين.
في مقابل ذلك، أكد المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين أن مشروع القانون الجديد يهدف في كل بنوده إلى “دمج الأشخاص ذوي الإعاقة وتوفير حماية أكبر لهم”.
وأوضح أن التوجه في القانون إنما “يأتي انسجاما مع الدراسات العالمية، التي أثبتت أن المكان الأنسب لنماء وتطور الشخص ذي الإعاقة هو محيطه الأسري، مع الحصول على الدعم من المراكز النهارية التي تقدم خدمات تأهيلية، بما يساهم في دمج ذوي الإعاقة في المجتمع، ومساعدتهم ليكونوا أفرادا منتجين في المجتمع، باعتبار أن فكرة الإيواء والعزل لذوي الإعاقة باتت مرفوضة.