د. مطاوع يدعو إلى الاهتمام بصياغة الرسالة الإعلامية وإجراء الأبحاث الميدانية حول ردود الفعل

عروبة الإخباري – استضاف منتدى الفكر العربي، مساء الثلاثاء 1/11/2016،وضمن لقاءاته الفكرية الأسبوعية، وزير الإعلام الأسبق د. سمير مطاوع في محاضرة بعنوان “دور الإعلام في صنع الرأي العام”، تناول فيها من واقع خبراته الممتدة عبر ما يزيد على خمسين عاماً في حقل الإعلام، عدداً من المرتكزات المتعلقة بعملية صنع الرأي العام أو التأثير فيه، من خلال تقنيات الوسائل والأساليب الإعلامية، وصياغة المضمون أو الرسالة، وتأهيل الإعلاميين ذوي الكفاءة، وأهمية إجراء الأبحاث الميدانية حول الجمهور المستهدف ودراسة ردود الفعل، والدور التوعوي للإعلام الهادف. وأدار اللقاء، الذي حضره إعلاميون ودبلوماسيون وأكاديميون، د. محمد أبوحمور الأمين العام لمنتدى الفكر العربي.
كلمة د. محمد أبوحمور
أكد د. محمد أبوحمور، الأمين العام لمنتدى الفكر العربي، في كلمته التقديمية للقاء أهمية دراسة دور الإعلام في صنع الرأي العام في ضوء ما يشهد الوطن العربي من أحداث متلاحقة ومصيرية، وقال: إن الرأي العام يؤدي دوراً مؤثراً أيضاً في مسارات الأحداث وتحولاتها، مما يزيدمن أهمية الدور الإعلامي وآليات أدائه وفق أساليب وخطط منهجية ومدروسة تحافظ على هذا الأداء ولا تُفقِد الإعلام دوره وهويته.
ودعا د. أبوحمور إلى مراجعة الخطاب الإعلامي العربي من مختلف النواحي؛ مشيراً إلى أن ذلك أصبح أمراً ضرورياً في ضوء ما يبدو من ظواهر خلل في بعض الأحيان تحتاج إلى جهود إصلاحية مؤسسية عربية ورؤية مشتركة في إطار المسؤولية الإخلاقية إزاء الراهن والمستقبل، والحفاظ على هوية الأمّة ومرتكزاتها الإنسانية والحضارية.
وقال د. أبوحمور: إن تعدد أنواع ومصادر التدفق الإعلامي، من إعلام دول وإعلام خاص وإعلام جماعات ومجموعات ذات إيديولوجيات وتوجهات سياسية أو اجتماعية معينة، وأحياناً بلا هوية، فضلاً عن تعدد وسائل الاتصال والنشر والتواصل الاجتماعي في الفضاء الإلكتروني، يفرض الاهتمام بهوية الإعلام العربي وسط كل هذه التطورات، والتركيز على خطاب إعلامي قادر على التأثير الإيجابي، مع الاستناد إلى أسس علمية منهجية في صياغة الخطاب الإعلامي، وأساليب مجدية في الاستفادة من تعددية الوسائل الحديثة؛ موضحاً أهمية الإعداد الجيد للعناصر البشرية والكوادر القائمة على العملية الاتصالية، وكذلك أهمية صياغة المحتوى الملائم للجمهور المستهدف، وإجراء الدراسات التحليلية والاستطلاعية المسحية للجمهور وردود الفعل.
وأضاف أن الإعلام العربي المعاصر ينبغي أن يأخذ دوره في نقل الصورة الحقيقية للواقع العربي أمام منافسة الإعلام الخارجي الموجه، والمتمكن مالياً وسياسياً وتكنولوجياً، ولديه محتوى مبرمج ومدروس، وفضاء مفتوح للتعبير، ويخدم أجندات ومصالح جهات خارجية؛ معتبراً أن أزمات الإعلام العربي لا تنفصل عن أزمة القيم والثقافة والفكر التي تعيشها مجتمعاتنا العربية في مسألة الهوية وتفكك الدولة الوطنية، وعدم وجود رؤى واستراتيجيات واضحة للتعامل مع التحديات الداخلية والعالمية.
وأشار د. أبوحمور إلى أن الإعلام الجديد أو الإعلام الاجتماعي أصبح قادراً بدوره على إحداث التأثير في الرأي العام وتوجهاته أضعاف ما كان عليه الإعلام التقليدي، من ناحية مساحة الانتشار والسرعة والحرية، وإنْ كان المضمون في هذا الإعلام الجديد عبر المواقع الإلكترونية المختلفة لا يزال موضع تساؤل من حيث الجودة والمصادر، ولا سيما في مصادر الأخبار؛ إذ تتحدث بعض التقارير عن نسبة لا تتجاوز 30% من الأخبار العربية فيما تقدمه وكالات الأنباء العالمية، ومعظمها تركز على أخبار الكوارث والحوادث والجوانب السلبية، التي تعكس في الخارج صورة سيئة عن الإنسان العربي، ويمتد تأثيرها إلى الداخل العربي مع ما يرافقها من صور تزعزع الثقة بالذات، وتغذي المعنويات السلبية وإثارة النزعات التحريضية وبث الفُرقة والكراهية والتطرف.
محاضرة د. سمير مطاوع
دعا د. سمير مطاوع وزير الإعلام الأسبق في محاضرته إلى ضرورة الاعتناء بإجراء أبحاث ميدانية لمعرفة ردود الفعل الجماهيرية إزاء الرسالة الإعلامية، وعدم الاكتفاء أو الاعتماد كلياً على هذه الردود من خلال ما تنشره الصحافة أو تبثه وسائل الإعلام الأخرى من إذاعة وتلفزيون. ذلك أن هذه الأبحاث تبرز -تأييدا أو معارضة – مدى الحاجة إلى تعديل الرسالة أو توضيح مضمونها بشكل أكبر، ليسهل على الفئات الجماهيرية ذات التعليم المتوسط أو البسيط فهمها واستيعاب المطلوب وبالتالي اتخاذ موقف منها .
كما دعا د. مطاوع إلى تجنّب النصح والخطابة في توجيه الرأي العام باعتبار أن المتلقّي سيجد نفسه يُساق بنوع من الإكراه لتبنّي مضمون الرسالة، ما يؤدّي إلى نتيجة عكسية ، وهي ما لا يريده المرسل الذي يهمه التأثير الإيجابي في الرأي العام، وبالتالي صنع رأي عام مؤيد لطبيعة الرسالة، سواء أكانت تهدف إلى الحصول على الدعم أم تعزيز الرفض أو المعارضة. وأوضح ذلك بمثال عن دور بعض الإذاعات العربية في مرحلة الحرب الباردة العربية – العربية خلال حقبة الخمسينات والستينات. وهي حالة لا تختلف عن الدور الذي تمارسه بعض الفضائيات العربية في الوقت الحاضر .
وشدّد على ضرورة الإيمان بالقضايا التي يطرحها الإعلامي نيابةً عن حكومته أو مؤسسته، والمعرفة الكاملة بدور وتأثير الوسيلة الإعلامية التي يستخدمها في بثّ رسالته الهادفة إلى صنع رأي عام متفهّم وداعم للرسالة الإعلامية.
وركّز على أهمية توافر القدرات الشخصية للعاملين في حقل الإعلام من أجل ضمان النجاح،والاستفادة من أصحاب الخبرات الإعلامية، والإلمام الجيد بأساليب استخدام كل وسيلة من وسائل الإعلام كأداة اتصال وفي نفس الوقت كأداة استقطاب ردود الفعل من الناحية الأخرى . وعلى نفس الدرجة من الأهمية ملاحظة أن يصاغ المضمون بما يتّفق مع طبيعة ” الرسالة” والفئة الجماهيرية التي تتلقّاها وأيضا الوسيلة الأسهل والأكثر نجاحا في الوصول إلى تلك الفئة.
وفيما يتعلق بتعبير “الرأي العام”، قال د. مطاوع: أن هذا التعبير يستعمل كثيراًفي هذه الأيام – وبشكل يومي تقريبا – فيما تنشره الصحافة أو تبثه الإذاعات ومحطات التلفزيون والفضائيات . ولا جدال أن السبب الأساس والأهم في التركيز على التعبير يعود إلى الوعي الجمعي لما يدور حولنا من حروب وكوارث وسفك دماء؛ مشيراً إلى أن دور الإعلام في صنع الرأي العام يمثّل أهم مرتكزات علم الإتصال بمفهومه الحديث؛ أي نقل الكلمة وبالتالي ” الرسالة” من المرسل إلى المتلقّي.
وفي إطار عرضه لتقنيات وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفزيون، أوضح د. مطاوع أن وسائل الإعلام هذه هي الأدوات الأهم والأكثر تأثيراً على مساحة أوسع من الإعلام المجتمعي الذي أفرزته التكنولوجيا الحديثة، نظراً لتوزع لواقط اهتمام جمهور وسائط التواصل الاجتماعي.
كما أوضح ضرورة معرفة دور وفاعلية كل وسيلة من الوسائل الإعلامية في إحداث التأثير المطلوب في الرأي العام ، وشروط صياغة وإعداد المادة المرسلة لضمان نجاح الرسالة في تحقيق الهدف منها؛ مشيراً إلى أن أيبحث من أبحاث الثقافة الإعلامية المتمثّلة في صياغة أساليب منوّعة هدفها أولاً تحقيق الوعي بتفاصيل وأهداف ما يبثّه الإعلام واستيعاب مضمونه – والمُرسل في العادة مصدر حكومي، أو مؤسسىة مجتمع مدني كالأحزاب والنقابات والجمعيات والنوادي على اختلاف توجّهاتها – وجميعها تستخدم وسائل الإعلام لإيصال الرسالة بما يحقّق لها التأييد المجتمعي أو تحفيز المعارضة أو الرفض لسياسة أو برنامج أو خطّة لديها.

Related posts

(صور) الملكة تلتقي سيدات من جمعية نادي صاحبات الأعمال والمهن

الذكاء الاصطناعي والاتصالات: أهلاً بالسرعات الاستثنائية، وداعاً للمشاكل التقنية!

البنك العربي الراعي البلاتيني للجمعية العامة السابعة والخمسين للاتحاد العربي للنقل الجوي