ابو حمور يشارك في اجتماع إقليمي حول الإصلاح التربوي ببيروت

عروبة الإخباري – بدعوة من معهد المواطنة وإدارة التنوع في مؤسسة “أديان” بلبنان وبالشراكة مع منتدى الفكر العربي،عُقد في بيروت الاجتماع الإقليمي حول “الإصلاح التربوي لمواجهة التطرف في المنطقة العربية”، يومي 29 و30 أيلول 2016، بمشاركة عربية من لبنان والأردن ومصر والعراق والبحرين وسورية وتونس وسلطنة عُمان، ضمتشخصيات فكرية ونيابيةووزراء تربية وتعليم وتعليم عال سابقين، وباحثين أكاديميين، وصانعي سياسات وخبراء ومختصين في شؤون التربية والتعليم والثقافة والتنمية الإنسانية والإعلام؛ بمن فيهم عدد من أعضاء المنتدى، مع مشاركة من المكتب الإقليمي لليونسكو، والمعهد العربي لحقوق الإنسان، واللجنة الوطنية لليونسكو، والمركز التربوي للبحوث والإنماء في لبنان، والعديد من المؤسسات التربوية من القطاعين العام والخاص ومن المجتمع المدني.
وناقش المشاركون خلال 17 ورقة عمل في إطار أربعة محاور تناولت التطرف وأدواته وجذوره في المجتمعات العربية، والإصلاح التربوي لمواجهة التطرف، ومعوقات الإصلاح التربوي، وخبرات في الإصلاح التربوي من المنطقة العربية. وذلك بهدف التفكّر المشترك في قضايا الإصلاح التربوي سبيلاً للوقاية من التطرف في المجتمعات العربية.
وفي كلمته الافتتاحية لهذا الاجتماع الإقليمي، نقل د. محمد أبو حمور الأمين العام لمنتدى الفكر العربي تحيات رئيس المنتدى وراعيه سمو الأمير الحسن بن طلال إلى المشاركين، وهنأ فيها مؤسسة “أديان” بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيسها؛ مؤكداً أن تدشين هذه الشراكة بين منتدى الفكر العربي ومؤسسة “أديان” هو نموذجفي سياق المسؤولية الإخلاقية لمؤسسات ومراكز الفكر في العمل على صون الكرامة الإنسانية، وتأكيد دور الفكر المبادر في إغناء الأفكار والنظرات نحو حياة حرة كريمة للإنسان العربي، وخاصة في هذه المرحلة التاريخية الحساسة التي تمرّ بها الأمّة، ويمرّ بها العالم أيضاً. 
وأضاف أن مسؤوليتنا في البلدان العربية تبدو مضاعفةً أمام التحديات الخطيرة التي تهدد القواسم المشتركة بين مختلف مكونات هذه الأمّة، وتاريخها، وتراثها، وإسهاماتها في الحضارة الإنسانيّة؛ مشيراً إلى أن الحضارة العربية الإسلامية وحضارات هذه المنطقة جسدتمبدأ “التنوّع في إطار الوحدة”، وكانت منارات هادية للبشرية جمعاء، ولم تكن يوماً حضارات منغلقة على نفسها، بل كانت منفتحةً على الحضارات والثقافات الأخرى في العالم، وحصيلة تنوع ثقافي مُنتِج فيما بينها من جهة، وبينها وبين الآخرين من جهة أخرى، وأن استلهام التاريخ الحضاري والإنساني ينبغي أن يقود إلى الفهم السليم للحاضر واستشراف المستقبل المشترك. 
وقال د. أبو حمور: إن مَنْ لا يتأمل ذلك الماضي ويفهم التاريخ لا يستطيع أن يعي الحاضر ويخطط لمستقبله.ولعلّ المأزق الذي يقع فيه البعض هو سوء تمثُّل روحية المعاني في إنجازات الماضي، والعجز عن التقدّم إلى الأمام نحو المستقبل، وبالتالي فقدان الاستناد إلى ركائز الهوية الحضارية وإنماء بذورها وتفاعل مكوناتها. والنتيجة ستكون حتماً تطرفاً إلى جانب أو آخر، وفقدان الرؤية الجامعة التي لا تتحقق إلا عبر النهج الوسطي، حيث تصح الرؤية إلى المحيط والتأثير فيه والاستفادة من أحسن ما في روافده، وضمان السير القويم نحو تحقيق صالح المجموع.
وأوضح د. أبوحمورأن شعار منتدى الفكر العربي يؤكد هذه المعاني ممثلةً في عبارة “الانتماء والإنماء”، بدلالاته الروحية والعملية معاً. ولذلك جاءت أهداف المنتدى، وكما هي مُنصَّبة على الإسهام في تكوين الفكر العربيالمعاصر وتطويره ونشره، فهي معنية أيضاً بدراسة العلاقات الاقتصاديّة والاجتماعية والثقافية في الوطن العربيّ، وفتح آفاق الحوار، والإسهام في تكوين نظرة عربية علمية نحو مشكلات التنمية. وفي الوقت نفسه بناء الجسور بين قادة الفكر وصانعي القرار، والربط بين الفكر والمواطنة في إطار المجتمع المدني.
وأضاف أن هذه المبادىء التي اختطها المنتدى هي مرتكزات ضمنت له الاستمرار في أداء رسالته منذ حوالي35 عاماً، ومنحته مرونة التعامل على نحو شمولي مع توالي التحولات والتغيرات عربياً وعالمياًعلى امتداد العقود الماضية وما تخللها من انعطفات حادّة على مختلف الصعد؛ مشيراً إلى أن المنتدى بادر مع بدايات الربيع العربيّ وتداعياته إلى إطلاق “الميثاق الاجتماعي العربيّ”، وأتبعه بميثاقٍ اقتصاديّ، وقريباً سيطلقُ ميثاقاً ثقافياً، ثمَّ ميثاقاً بيئياً، وميثاقاً سياسياً في إطار المشروع النهضويّ الذي يتبنّاه. وقال: إن الأزمات التي عاناها الإنسان العربي قبل هذه المرحلة وفي أثنائها، هي نتيجة تراكمات وتشابكات معقدة عبر مراحل تاريخية متعددة، وقد آن الأوان لأن توضع تحت المجهر ويُنظر إليها نظرة كليّة وتفصيلية، تكشف عن الروابط والعلاقات بينها.
وقال د. أبو حمور: إننا نسعىإلى تكوين تصورات مشتركة في إطار توافق استراتيجي طويل الأمد، مؤكداً ضرورة الحوارات السلميةالجادة والمسؤولة للوصول إلى طريق قويم من أجل نبذ التطرف والعنفوإرساء قيم العيش المشترك، داعياً إلى التركيز على أخلاقيات الحوار لضمان الحياة الحرة الكريمة وإرساء أسس التلاقي والتفاهم والسلم الأهلي في المجتمعات العربية. 
وأشار د. أبو حمور في هذا الصدد إلى أهمية دور الشباب والمرأة في صناعة المستقبل الذي هو مستقبل الوطن العربي؛ محذراً من تنامي الاستقطابات الفكرية الداعية للتطرف والتي تهدد روافع النهوض والإصلاح والتطوير، وداعياً إلى تعميق البحث والتشخيص العلمي الموضوعي لثلاثية الأزمة وثلاثية الحلمعاً؛ أي التربية والتعليم، والتنمية البشرية، والاقتصاد، وذلك بعد أن أثبتت الأحداث خلال السنوات القليلة الماضية التشابك الوثيق بين هذه الحلقات في بناء الإنسان وبناء الموارد والبيئة التي تحفظ على الإنسان حياته وكرامة فكره وعيشه، وسدّ الفجوات التي تستغلها جماعات التطرف والإرهاب لصالح أجنداتها؛ موضحاً خطورة تفاقم معدلات البطالة في الوطن العربيّ، التي بلغت نسبتُها 17.5%، مما ينذر بمأزق كبير مع دخول الفرصة السكانية عام 2030، حيث سيشكل الشباب نسبة 70% من المجتمعات العربية، بمعنى أننا سنكون أمام استحقاقات عالية الدقّة، ليس فقط في مجال توفير فرص العمل، وفي ضمان المواطَنة الحقّة والمشاركة الاجتماعية والانتقال إلى مجتمع المعرفة وثقافة العمل والإنتاج، ولكن أيضاً في سياسات الربط بين استراتيجيات النهوض والإصلاح، وفي مقدمتها والأساس فيها إصلاح وتطوير المنظومات التربوية والتعليمية.
وكانت قد تحدثت في الجلسة الافتتاحية النائب بهية الحريري رئيسة اللجنة النيابية للتربية في لبنان ورئيسة المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير، التي ركزت في كلمتها على الدور الأساسي للنهوض التربوي في إعادة بناء الاستقرار وانتظام دورة الحياة، داعيةً القيادات التربوية في هذا الاجتماع الإقليمي إلى عدم التوقف عند الربط بين الإصلاح التربوي ومكافحة التطرف، لأن الإصلاح يجب أن يكون شاملاً لكل نواحي الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والبيئية، ما يساعد الأجيال الصاعدة على العيش في بيئة آمنة ومستقرة ومزدهرة، لكي لا تستقطب من موجات التطرف التي تسود العالم الآن، والتي تمتلك القدرات العلمية والتقنيات الحديثة في ممارسة الاستقطاب والتطرف. كما دعت النائب الحريري إلى عملية نهوض حقيقية من أجل بناء الدولة المدنية الحديثة على أسس المواطنة والعدالة وحقوق الإنسان، بعيداً عن التسلط والفساد والفشل والضياع.
كما ألقيت كلمات في الافتتاح من قبل الأستاذ زياد الصائغ مستشار السياسات في مؤسسة “أديان”، و د. نايلا طبارة مديرة معهد المواطنة وإدارة التنوع، و د.ندى عويجان رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء في لبنان. 
وقد ترأس الأب البروفسور فادي ضو رئيس مجلس إدارة مؤسسة “أديان”، ود.محمد أبو حمور الأمين العام لمنتدى الفكر العربي جلسات الاجتماع، التي شارك في مداخلاتهاوتقديم أوراق عمل من أعضاء المنتدى كلٌ من: د.نبيل الشريف وزير الإعلام الأسبق (الأردن)، و د.إبراهيم بدران وزير التربية والتعليم الأسبق (الأردن)، و د.عصام زعبلاوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق (الأردن)، و د.وجيهة البحارنة (البحرين)، إضافة إلى د.نادية سعد الدين أستاذة العلوم السياسية ومديرة تحرير الشؤون الفلسطينية في جريدة “الغد” الأردنية، والأستاذ محمد نور الشريدة نائب أمين عام المنتدى، والأستاذ كايد هاشم مساعد الأمين العام ومدير تحرير مجلة “المنتدى” الفكرية الثقافية. كما تم دعوة أعضاء المنتدى في لبنان للمشاركة في هذا الاجتماع.
إعلان بيروت حول الإصلاح التربوي للوقاية من التطرف في المجتمعات العربية
هذا، وصدر في ختام الاجتماع “إعلان بيروت حول الإصلاح التربوي للوقاية من التطرف في المجتمعات العربية”، متضمناً 16 توصية لمواجهة تحديات المنظومات التربوية والتعليمية في الدول العربية، التي تعاني غياب الرؤية الاستراتيجيّة الواضحة والمحدّدة، بينما يشكّل إصلاح المنظومة التربويّة والتعليميّة، على أساس قيم المواطنة والتنوع والعيش معًا، مدخلًا حيويًّا لمواجهة التطرّف. ولا يستقيم إصلاح التربية والتعليم دونما تحقيق إصلاح مجتمعيّ متكامل وشامل، ما يتطلّب ثورة تربويّة للأنسنة.
ودعت التوصيات إلى العمل على بناء منظومة تربويّة وتعليميّة تعزّز قيم المواطنة الحاضنة للتنوّع على مختلف أشكاله، وترسّخ مبادئ عدم التمييز وقبول الاختلاف. والسعي لأن يكون هدف المنظومة التربويّة والتعليميّة بناء إنسان يتمتّع بشخصيّة مستقلّة حرّة، قادر على التعبير وممتلكًا لأدوات الفكر النقدي ومهارات التواصل والحوار. وكذلك العمل على تمحور المنظومة التربويّة والتعليميّة حول المتعلّم وإشراكه في مختلف أبعادها، بما فيه عمليّات التقويم، لكي يجد معنى لتعلّمه كسبيل لتنمية الذات وللمشاركة الفاعلة في الحياة. والاهتمام بالتكوين الشامل للمتعلّم وإدماج المكوّنات الثقافيّة والتواصلية والفنيّة الإبداعيّة والرياضيّة، وتلك التي تشجّع على الابتكار العلمي في المنظومة التربويّة والتعليميّة.
وأكدت التوصيات أهمية التركيز على دور المعلّم الرئيسي في العمليّة التربويّة والتعليميّة كميسّر للحصول على المعرفة وليس كمصدر لها، وتأهيل المعلّمين وسائر العاملين في المجال التربويّ وبناء قدراتهم لبث قيم المواطنة ومنع التمييز ومواجهة التطرّف وقبول التنوّع والاختلاف. والعمل على أن تكون المدرسة فضاءً مفتوحًا يرسّخ مفاهيم الديمقراطيّة وقيم حقوق الإنسان. وتنقية المناهج الدراسيّة من الصور النمطيّة وخطابات الكراهية والتمييز بكلّ أشكاله تجاه أيّ مكوّن ثقافي أو ديني أو إثني أو جندري من مكوّنات المجتمع. وإيلاء اهتمام خاص بمجالات التنشئة الاجتماعيّة والإنسانيّات واللغات والفنون وفق قيم المواطنة واحتضان التنوّع.
كما دعت إلى إدراج مقرّرات الفلسفة كمقرّرات أساسيّة في مراحل التعليم العام المختلفة بهدف تنمية القدرات النقديّة لدى المتعلّم. ومراعاة التعبير عن الإرث الثقافي المتنوّع في مقرّرات التاريخ التي يجب أن تشمل تقديم التاريخ الاجتماعي وتاريخ الشعوب. 
وضرورة إيلاء مسألة التعليم الديني العناية الخاصة، والتركيز على دوره في التربية على قيم الحياة العامة المشتركة، والتنبّه إلى المقاربات الانتقائيّة والتوظيف الإيديولوجي للنصوص الدينيّة. والتأكيد على الحاجة الملحة لمراجعة الموروث الديني وتجديد الخطاب بما يعزّز قيم المواطنة والعيش معًا.
ودعت أيضاً إلى تشكيل مجالس عليا مستقلّة للتربية والثقافة والعلوم تضع السياسات والمناهج التربويّة. وتشكيل هيئات وطنيّة مستقلّة تتولّى رصد عوارض التطرّف وتقويم المنظومة التربويّة وتضمن التزامها بمعايير الجودة. وتعزيز الشراكة بين المؤسّسات التربويّة الرسميّة والمجتمع المدني والخبراء، في عمليّة صياغة المنظومة التربويّة والتعليميّة وبنائها، والمشاركة في وضع السياسات والبرامج التربوية. وتشكيل شبكة عربيّة للتربية من أجل الأنسنة والمواطنة الحاضنة للتنوّع، بهدف تنسيق الجهود وتبادل الخبرات.

توقيع مذكرة تفاهم بين معهد المواطنة وإدارة التنوع ومنتدى الفكر العربي
جرى خلال حفل الافتتاح توقيع مذكرة تفاهم بين منتدى الفكر العربي ممثلاً بأمينه العام د.محمد أبوحمور، ومعهد المواطنة وإدارة التنوع – مؤسسة أديان ممثلاً بمديرته د.نايلا طبارة. وهدفت هذه المذكرة إلى تقوية أواصر التعاون بين الجانبين خدمة لقضايا الفكر العربي، ووضع إطار للتعاون بينهما لتطوير عرى الترابط الفكري والعلمي والبحثي وتبادل الخبرات.
ونصت المذكرة على التعاون بما يخدم أهداف الجانبين من خلال التشاور وتبادل الآراء والزيارات والدراسات والندوات المشتركة، فضلاً عن تبادل الكتب والدوريات والمعلومات العلمية والثقافية والوثائق ذات الاهتمام المشترك، وتنفيذ مشروعات مشتركة تنسجم مع أهداف المنتدى والمعهد، إلى جانب العمل على إقامة الفعاليات المشتركة حول القضايا الفكرية والعلمية، بما في ذلك التدريب وتنمية القدرات وورش العمل وتقديم خدمات المشورة الفنية وإعداد الدراسات والبحوث ونشر المعلومات والتقارير ذات الاهتمام المشترك.

Related posts

مؤسسة شومان تكرم الفائزين بجائزتي »الباحثين العرب« و»أدب الأطفال« للعام 2024

بمبادرة سعودية وحضور أردني… (الأسبوع العربي في اليونسكو) لوحة فسيفسائية لتنوع وجمال التراث

(صور) أحمد الهاشمي أول طفل إماراتي يحصل على “جائزة الموهبة الصاعدة” من اليونسكو