الإنتخابات في الأردن : ما في “القِدر” أخرجته “المغرفة”/د.فطين البداد

الذي تابع الشعارات الإنتخابية لأغلب المرشحين لاحظ غياب الصوت السياسي عن مجمل المرشحين الذين دأب التلفزيون الرسمي على إتاحة الفرصة لهم لمخاطبة الناخبين في مناطق دوائرهم .

المرشحون – كالعادة – اختاروا ناطقا باسم قوائمهم ، وهذا بدوره كان يطل على المشاهدين شارحا شعار القائمة ومدلولاته بطريقة مضحكة .

فمثلا : إن كان رمز القائمة صورة سلحفاة ، فإن الناطق الرسمي يروج لهذا الكائن على اعتبار أن السلحفاة كائن صبور متأن ، يعتمد في حياته على حكمة ” في التأني السلامة وفي العجلة الندامة ” .

أحد المرشحين خرج على الناخبين بنصائح عن فوائد الزيتون والزيت ، مؤكدا أن ورود كلمة الزيتون في القرآن الكريم ليس عبثا ، ومن أجل ذلك ، فإنهم اتخذوا في القائمة قرارا بجعل شجرة الزيتون شعارهم .

مرشح ثالث ، أو ناطق باسم قائمة قال : قد تسغربون سبب اختيارنا رأس حصان كشعار ، وبدأ يشرح سبب هذا الإختيار وصفات الحصان ومكانته بدءا من الصهيل مرورا بالحمحمة .

لم يقل أي من المرشحين الذين خاطبوا الناخبين أي كلمة عن حجم المديونية أو كيف سيفعل هو بشأنها ، ولم يتحدث أحد عن برنامج متكامل أعدته القائمة التي ينتسب إليها ولو بشكل ومضة تلفزيونية يوحي لناخبيه من خلالها أنه جاء ليعمل وفق برامج وأهداف وخطط .

وإذا تعلل البعض بأن الوقت الممنوح للمرشحين قصير ، فإن ما يفند ذلك هو غياب البرامج عن نشرات أغلب المرشحين الذين اقتصر دورهم على ما يبدو ، على تقديم الأيس كريم والكنافة والمناسف ، في مشاهد تذكر بانتخابات سابقة ، رغم جدية الإنتخابات الحالية ، وقضاء قانون الإنتخاب على آفة الصوت الواحد في تطور مهم باتجاه الإصلاح بمختلف وجوهه .

لم يكن منتظرا من الدولة أن تخبر المرشحين عما يجب أن يخوضوا فيه ، بل إن دورها انتهى بتقديم قانون انتخاب جيد ، إلا أنه بمرشحين من مستويات مختلفة ظل على حاله ، حيث لم يحاول أغلبهم التقاطه والإستفادة منه ومن هامش الحريات المتاح في البلد لإشعار الناخبين والاردنيين بأن هناك تسخينا انتخابيا خارجا عن إطار العزوة والعشيرة والمنطقة .

إنه الجمود المتوارث الذي أرجعنا إلى الخلف ، وإنه الركود الفكري عند ” بعض ” أقول ” بعض ” المرشحين والقوائم التي تعتقد أننا نعيش في الأردن أحكاما عرفية .

الوطن يستحق أن ننبش قضاياه الصعبة ، وليس أولها ولا آخرها صعود نسبة الدين إلى الناتج الإجمالي بحوالي 93 % وهي كارثة بكل المقاييس .

إجمالا ، فإن هذه المقالة كتبت ليلة الأحد قبل يومين من الإنتخابات ، وبالتأكيد سيكون نواب البرلمان الثامن عشر ما بعد الثلاثاء قد تم حصر أعدادهم ومعرفة أسمائهم لأن ” ما في القدر أخرجته المغرفة ” ، وكلي أمل ، كأردني ، أن يكون هذا البرلمان مختلفا وذا جدوى .

مبروك سلفا للفائزين ، والشعب ينتظر أفعالا ورجالا يكون الأردن همهم الأول والأخير بعيدا عن الشللية والمحسوبية والواسطات والإقليمية والفئوية ، لعل وعسى أن يكون هذا المجلس مختلفا .

وأقول للمرشحين الذين اخفقوا : حظ أوفر في جولات قادمة .

د. فطين البداد

fateen@jbcgroup.tv

Related posts

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات

العرس ديموقراطي والدعوة عامة!* بشار جرار