عروبة الإخباري- – تشكل مشاركة حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين في الأردن، تحديا للدولة التي تحاول استعادة ثقة الشارع بالانتخابات، واختبارا للجماعة التي قاطعت الانتخابات لنحو تسعة أعوام وتحاول إعادة بناء شرعيتها عبر البرلمان.
ويقول مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي لوكالة فرانس برس ان الدولة تواجه اختبارا يتمثل بأن “جماعة الإخوان المسلمين اختارت المشاركة في الانتخابات بكامل قوتها بعد كل السياسات والإجراءات التضييقية التي اعتمدتها الدولة ضدها”.
ويضيف “الانتخابات اختبار يواجه الجماعة كذلك، فقد دخلت معركة الانتخابات بعد قطيعة طويلة وحملة شديدة عليها وانشقاقات داخلية”، مشيرا إلى أن “الجماعة تريد خوض الانتخابات والحصول على تمثيل في البرلمان لتعيد بناء شرعيتها عبر بوابته وتوفر لنفسها قنوات تواصل واتصال مع الدولة بعدما سدت النوافذ والقنوات”.
وقرر حزب جبهة العمل الاسلامي في حزيران/ الماضي المشاركة في الانتخابات المقررة الثلاثاء المقبل.
وبدأ التوتر بين جماعة الاخوان المسلمين والسلطات الاردنية مع بداية الانتفاضات في دول عربية عدة في ربيع 2011. وتأزمت العلاقة بين الجماعة والسلطات بعد منح الحكومة ترخيصا لجمعية تحمل اسم “جمعية الاخوان المسلمين” في آذار/ مارس 2015 وتضم عشرات المفصولين من الجماعة الام.
واتهمت الحركة الاسلامية السلطات بمحاولة شق الجماعة التي تشكل عبر جبهة العمل الاسلامي، المعارضة الرئيسية في البلاد.
واعتبرت السلطات ان الجماعة الأم باتت غير قانونية لعدم حصولها على ترخيص جديد بموجب قانون الاحزاب والجمعيات الذي أقر عام 2014، فأغلقت عشرات المقرات للجماعة بالشمع الأحمر. وقضى نائب المراقب العام للجماعة زكي بني إرشيد عاما ونصف العام في السجن بتهمة انتقاد دولة الامارات عبر صفحته على موقع “فيسبوك”.
ويقول محمد أبو رمان من مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية “هذا اختبار مهم وخطير للدولة. فمشاركة حزب جبهة العمل ستمثل تحديا كبيرا بعد غياب طويل لما له من ثقل شعبي وما يمثله من صوت معارض للسياسات الرسمية عموما”.
ويضيف “كيف ستتعامل الدولة مع هذا الواقع؟ هل ستصر على مصداقية عملية الإصلاح وانتخابات نزيهة لتحمي سمعتها (…) وتأتي ببرلمان يمثل مختلف الأطياف؟”، بينها المعارضة، “أم أن غواية الصراع مع الحركة والتوق إلى الإطاحة بها سيتغلب على حسابات الدولة، فتخسر كل شيء من أجل مكاسب جزئية؟”.
وأكد ان “مشاركة الحزب نيابة عن جماعة الإخوان المسلمين (الأم)، بمثابة اختبار كبير ومفصلي للحركة الاسلامية”.
ويؤكد رئيس الهيئة العليا للانتخابات في حزب جبهة العمل الإسلامي بني إرشيد لفرانس برس “ما يهمنا هو ان تمضي الانتخابات بشكل نظيف دون معوقات أو تدخلات أو تزوير”.
ويضيف “ما يعنينا هو ان ينتهز الاردن فرصة قد تكون الأخيرة لاستعادة ثقة المواطن بالانتخابات وبالمؤسسات الرسمية”، مؤكدا ان “أكبر التحديات التي نواجهها هو فقدان الثقة بالعملية الانتخابية”.
وقاطع حزب جبهة العمل الاسلامي انتخابات عامي 2010 و2013 احتجاجا على نظام “الصوت الواحد” بشكل رئيسي و”التزوير” في الانتخابات، بحسب قوله.
وكان يعمل بنظام “الصوت الواحد” المثير للجدل منذ التسعينات، وهو ينص على صوت واحد للناخب لاختيار مرشح واحد. وأقرت الحكومة في 31 آب/ أغسطس الماضي مشروع القانون الانتخابي الجديد الذي ألغى “الصوت الواحد” وخفض عدد مقاعد مجلس النواب الى 130. ويتيح النظام الجديد للناخب التصويت لأكثر من مرشح ضمن نظائم القائمة النسبية المفتوحة.
ويخوض التحالف الوطني للإصلاح الذي يقوده حزب جبهة العمل الاسلامي الانتخابات ب20 قائمة و120 مرشحا بينهم شخصيات عشائرية وسياسية ومرشحون مسيحيون وشركس.
ويقول بني إرشيد “نحن معنيون بانتخابات نزيهة تفرز إرادة حقيقية للشعب أيا كانت النتائج”.
وحصل حزب جبهة العمل الاسلامي في انتخابات عام 1989 على 22 مقعدا من أصل 80 في مجلس النواب.
ويقول أبو رمان إن “فرص الاخوان في الانتخابات المقبلة جيدة إن لم يحصل أي تدخل مباشر من الدولة”.
ويضيف “صحيح ان انشقاقات حدثت في الجماعة، لكن ذلك لم ينل من قاعدتها الاجتماعية والشعبية خصوصا في المدن الكبرى”، معتبرا ان “ما يخدم الجماعة في هذه الانتخابات غياب بدائل سياسية قوية في المشهد السياسي”.
ويتفق الرنتاوي مع أبو رمان على أن “الجماعة اختارت المشاركة رغم كل القيود والمصاعب وستحصل على عشرين مقعدا، وربما اكثر او أقل، ما سيجعلها اكثر قوة سياسية ممثلة بالبرلمان”.
ويرى أن “الانتخابات ستشكل أيضا اختبارا لشعبية وجماهيرية الجماعة لتبرهن أنها تيار وطني لا تيار ديني وحزبي مغلق”.
ويشير الى أن حملة مرشحي الاخوان المسلمين “غير حزبية بالكامل وفتحوا قوائمهم على شخصيات وتيارات مختلفة وهي حملة غير محكومة بخطاباتهم وشعاراتهم السابقة”، متحدثا عن “أداء مغاير للجماعة”، ومعربا عن أمله “في أن تكون تغيرات جذرية وليست تكتيكية مؤقتة”.
ويقول عريب الرنتاوي “الاختبار الأول هو ان تثبت الدولة قدرتها على تنظيم انتخابات نزيهة وحرة وشفافة، لان الرأي العام لديه شكوك كبيرة استنادا لنتائج سابقة واعترافات حكومية بوقوع تزوير واسع النطاق”.(ا ف ب)