ملامح طلاق قومي يساري

عمان- اتسمت صفحات بعض أعضاء وأنصار محسوبين على القوى والأحزاب القومية واليسارية منذ بدء الدعاية الانتخابية الرسمية، بحالة من فوضى الانتقاد المتبادلة، بلغت حدود التشهير والاتهامات لبعض المرشحين، وتجاوزت قواعد المنافسة الموضوعية المشروعة.

وعكست حالة الفوضى تلك، وإن اقتصرت على مواقع التواصل الاجتماعي، حقيقة حجم الخلافات البينية بين أنصار التيار اليساري والقومي المؤطر منه وغير المؤطر، وهي الحالة التي بدأت بالتشكل قبل أسابيع من بدء عملية تسجيل القوائم الانتخابية منتصف آب (أغسطس) المنصرم، والتي شهدت انقسامات بين المرشحين أفضت إلى تعذر بناء قائمة موحدة تحمل برنامج مؤيدي القومية واليسارية ككتلة واحدة في مختلف الدوائر الانتخابية الثلاث والعشرين.

وكانت دراسة أعدها مركز راصد لمراقبة الانتخابات الخميس الماضي، أظهرت مشاركة 12 مرشحا في الانتخابات النيابية المرتقبة من الأحزاب القومية واليسارية، بينهم سيدتان، من بين 234 مرشحا حزبيا يمثلون 39 حزبا أردنيا.

وفي تصريحات سابقة رصدتها “الغد”، تمسكت قيادات الأحزاب القومية واليسارية، باستدامة العمل السياسي المشترك بينها وبين حلفائها غير الحزبيين، وأكدت مرارا تشبثها بالمستويات الدنيا من التوافقات السياسية في موسم الانتخابات وما بعده.

غير أن الخطاب الدبلوماسي الذي غلب على لغة البيانات السياسية الدورية للأحزاب القومية واليسارية، على مدار أعوام، غاب عن كثير من أعضائها خلال الأيام القليلة الماضية، ما شكّل “صدمة” لدى متابعي الانتخابات، على حد تعبير أحد مراقبي الحملات الانتخابية، وبما ينذر بوقوع “طلاق بائن بينونة كبرى بين الأحزاب”.

في أثناء ذلك، غابت الدعاية الانتخابية الجماعية عن بعض الحملات الانتخابية لمرشحي التيار القومي واليساري الحزبيين، باستثناء بعض القوائم في عمّان، بما فيها غير المؤطرة حزبيا، حيث شكلت مبادىء التيار السياسي اليساري والقومي، وعلى رأسها المواطنة، حجر الزاوية لحملاتها الانتخابية.

كما استطاعت بعض القوائم الانتخابية، المحسوبة على التيار اليساري والقومي، أن تدفع بمرشحي القوائم على اختلافهم في القائمة الواحدة، إلى تبني البرنامج الانتخابي الأقرب للقومية واليسارية، دون إسقاط رؤى المرشحين الآخرين من حساباتهم في البرنامج الانتخابي.

وتعزو قيادات في الأحزاب القومية واليسارية تصاعد خلافاتها الانتخابية، إلى “تخلي مرشحين عن مبادئهم القومية واليسارية لجهة التحالفات المصلحية الرأسمالية”.

ويقول أحد المرشحين المحسوبين على تلك القوى، إن “حالة الانقسام داخل القوى القومية واليسارية غير مسبوقة، ووصلت إلى حد التجريح، بدلا من رص الصفوف في المعركة الانتخابية، لأسباب خلافية ذات نزعة فردية”.

وفيما تشكل الانتخابات النيابية، محطة  حاسمة، لإحداث التوافق السياسي بين الشركاء في حدوده القصوى وتجاوز الخلافات السياسية، يبدو أن الانتخابات المقبلة المقررة في العشرين من الشهر الحالي، قد تشكل محطة لانقسام دائم بين الأحزاب القومية واليسارية، على غرار الانقسام السابق في لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة.

ويشعر المتابع عن قرب، لبعض مؤيدي التيار القومي واليساري، أن تكريس منهجية الحوار باتت السمة الأبعد عن السلوك المعياري للعمل السياسي المشترك بينهم، وهو ما عززته أيضا نتائج دراسة مركز راصد، التي أظهرت  أن القوائم التي تضم مرشحين يساريين “لم تبن من قبل مرشحين يساريين فقط، بل كانت عبارة عن قوائم مختلطة بين اليسار والوسط والتحالفات العشائرية”.(الغد)

Related posts

حلف الناتو يشيد بجهود الملك لمنع المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط

تعديلات مؤقتة للملكية الأردنية على رحلات من وإلى مطار الملك حسين الدولي

٧٨ محاميا يؤدون اليمين القانونية أمام وزير العدل