لا عزاء للمرشحات/ فهد الخيطان

المفاجآت غير مستبعدة في نتائج الانتخابات النيابية المقبلة؛ فقد يحمل النظام الانتخابي الجديد أشخاصا إلى قبة البرلمان لا يتوقع أحد فوزهم، وقد يخرج من السباق آخرون يظن الناس أنهم أكثر حظاً في النجاح.

لكن مهما بلغ نطاق المفاجآت، فإنها لن تحمل الكثير للنساء المرشحات، وستقتصر في الغالب على الذكور المتنافسين.

من بين 1269 مرشحا يتوزعون على 227 قائمة، تخوض 252 سيدة السباق الانتخابي. وللنساء، كما هو معروف، حصة ثابتة “كوتا” في مجلس النواب، خصص لها 15 مقعدا من بين 130.

والمفارقة أن جماعات الإسلام السياسي، وحزب جبهة العمل الإسلامي تحديدا، هي الأكثر ترشيحا للنساء، فيما التيارات اليسارية والقومية لم ترشح سوى سيدتين!

عدد النساء المرشحات يتناسب، بقدر معقول، مع حصتهن المقررة في البرلمان، لكنها أقل بكثير من نسبتهن كناخبات. ولو كانت حصة “الكوتا” النسائية أكثر من 15 مقعدا، لزاد عدد المرشحات عن الرقم الحالي.

صحيح أن للنساء الحق في المنافسة على جميع مقاعد البرلمان، لكن جميعنا يعرف أن حظوظهن بالفوز ضئيلة جدا. والتجارب الانتخابية السابقة تعطينا الدليل على ذلك.

هل حسّن قانون الانتخاب الحالي من فرص النساء بالفوز؟

بدرجة قليلة، من وجهة نظري. الأمر لا يخص القانون بالدرجة الأولى، بل الثقافة السائدة التي تضع النساء في درجة أقل من الرجال. وباستثناء حالات قليلة جدا، لم تتمكن النساء من كسر ثقافة التحيز والتمييز.

ونظام “الكوتا” النسائية في القانون الحالي ينطوي على تمييز فاضح ضد نساء عمان على سبيل المثال؛ إذ يمنح دوائرها الخمس التي يزيد عدد ناخبيها على المليون ونصف المليون ناخب، مقعدا واحدا، أسوة بدوائر لا تحوز على عُشر هذا العدد من الناخبين.

من بين النساء المرشحات للانتخابات، كفاءات تفوق بدرجات الرجال المرشحين. لكن ذلك لن يسعفهن كثيرا، بسبب العامل الثقافي. فحتى النساء الناخبات نادرا ما يقفن إلى جانب المرشحات، ويخضعن بقناعة أو تحت سطوة الرجال، للمنطق السائد عند الانتخاب.

وثمة عامل إضافي يقلل من فرص فوز النساء بالتنافس، هو العدد القليل من النساء اللامعات، أو ما نطلق عليه “النجمات”، سواء كن من الناشطات في الميدان السياسي أو الاجتماعي. ثلاث أو أربع مرشحات فقط يحملن هذه الصفة من بين المرشحات للانتخابات الحالية، وما تبقى حالهن من حال المرشحين الذكور.

المشكلة أن”النجمات” يتنافسن في نفس المحافظة “عمان”. واحدة منهن ستنال المعقد المخصص للكوتا النسائية، فيما تطمح أخريات للفوز بالتنافس. سيكون الأمر صعبا من دون شك، بالنظر إلى قوة ونفوذ المرشحين الذكور، وعدد الناخبين في دوائر العاصمة.

في دوائر المملكة الأخرى، المنافسة بين النساء تقتصر تقريبا على مقاعد “الكوتا”. قلة قليلة جدا تنافس على المقاعد الـ115، وباستثناء بعض مرشحات “العمل الإسلامي”، لا تملك باقي المرشحات الأمل في المنافسة خارج “الكوتا”.

يسجل للنساء الأردنيات إقبالهن على المشاركة في الانتخابات، رغم ما يواجهن من معيقات اجتماعية وثقافية. وأعتقد أن من حقهن على الدولة رد الجميل لهن، وذلك برفع حصتهن “الكوتا” في المستقبل، ولو كان ذلك على حساب الذكور.

الدولة الأردنية هي القوة الوحيدة المؤهلة لكسر الثقافة البالية، وإنصاف النساء.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري