عروبة الإخباري – احتفت لجنة المسرح والدراما في رابطة الكتاب الاردنيين في ندوة تكريمية مساء أمس الاحد، باسرة الفيلم الوثائقي “المرابطون” الذي حاز على الجائزة الذهبية ضمن فئة الافلام الوثائقية في المـهـرجان العربي للإذاعة والتلـفـزيـون بدورته 17 في تونس.
ويعرض الفيلم الذي انتجه التلفزيون الاردني وكتبه الروائي مخلد بركات واخرجه رائد عربيات، فكرة الرباط داخل مدينة القدس، ويروي قصص المرابطين ودفاعهم عن القدس وصمودهم أمام الممارسات والانتهاكات اليومية التي تقوم بها قوات الاحتلال، ويجسد لصمودهم البطولي تاريخا وواقعا، من خلال المزج بين قصصهم الواقعية في التصدي والصمود وبين مفردات الحياة المقدسية كل يوم، وطقوس البقاء والتشبث بالهوية، وممارسة الحياة بكل شجونها، مع التركيز على مفردات التراث المقدسي المادي وغير المادي حينما يشكل روحيا حصنا منيعا لحلم العودة والتشبث بالأرض.
وثمن مستشار وزير الثقافة مدير الدراسات والنشر في الوزارة الروائي هزاع البراري الذي رعى الاحتفائية مندوبا عن الوزير، مبادرة لجنة المسرح والدراما بتكريم أسرة الفيلم، الذي يقف عند واحدة من المفاصل المهمة المتعلقة بالمدينة في الراهن والمعيش، وهي قضية الرباط، منوها الى تلك “الجدارة الفكرية” التي ينطوي عليها الفيلم، حيث كُتب نصّه بإحساس مفعم بالمحبة وتمت معالجته إخراجيا من قبل مخرج صاحب تجربة لافتة في مجال الأفلام الوثائقية.
وبين البراري دور الوزارة في الفترة الاخيرة نحو انتاج الافلام حيث تم انتاج ستة افلام وثائقية ضمن مشروع العقبة مدينة للثقافة الاردنية، اضافة الى اقامة مهرجان متخصص للفيلم، وان مهرجان العام الحالي سيقام بنسخة الدولية.
وقدم عضو اللجنة الناقد الدكتور مصلح النجار قراءة نقدية للفيلم الفائز قال فيها : “هم المرابطون اسمًا على اسم المرابطين المغاربة الذين حكموا الأندلس وكان شعارهم الرباط ضد الحملات الصليبية، هؤلاء هم أولئك، الذين جاؤوا مع صلاح الدين الأيوبي للرباط جوار المسجد الأقصى من المغرب العربي، فكم كان مخلد بركات حاذقًا في ربط المرابطين الجدد بالمرابطين القدامى”.
ونوه إلى أن “الجانب الفنّيّ التفنّنيّ في الفيلم كان عاليًا، ومتقنًا، ولكن الجانب الأكثر أهمية في الفيلم هو الجمال المعرفيّ المتمثّل في جمال الفكرة الذي يطرح نماذج جماليّة أبديّة أزليّة، تستأثر بالاهتمام من أجيال العرب والمسلمين، والبشر في هذا العالم، فهو يطرح نماذج المعذّب والتراجيدي، إلى جانب البطوليّ، وهي نماذخ خالدة غير مرشحة للزوال، وتأتي التقانات لاحقًا، لكنّ الحكم العريض الذي يمكن أن نَحكم به على هذا العمل أنه يمثّل ذكاء اللغة والتهاب الصورة البصرية”.
وأكد الروائي مخلد بركات أن فكرة الفيلم كانت بمثابة حلم يراوده بمعية المخرج، حيث كانت الرغبة في عمل فيلم عن القدس، ليكون التساؤل تاليا: من أي نافذة يمكن الإطلالة على المدينة، وهي صاحبة الشجون العديدة، ومن ثم كان الاتفاق على فكرة (الرباط)، وقد تناول الفيلم، وفقا لبركات، موضوعة الرباط من زوايا متعددة.
ولفت إلى ان فريق العمل ركز جهده وبحثه على حارة المغاربة التي تحمل هذه الثيمة واهلها الاكثر تشبثا بالهم، مشيرا إلى انه من هنا بدأ التفكير بانواع وتفاصيل “الرباط” حيث مثلت هذه “الحارة” و”الثوب الفلسطيني” و”سوق باب السلسلة ” ومقاومة تجاره لمختلف انواع الضغوط والاغراءات من قبل الاحتلال الصهيوني لمغادرة محلاتهم وصمود “مسجد سلمان الفارسي” ورعايته، وحارسة المسجد الاقصى هم نماذج وشواهد على حالات “الرباط” في القدس والصمود في وجه الاحتلال والتهويد.
و بدوره أشار مخرج الفيلم رائد عربيات إلى أن عددا كبيرا من الأفلام كان قد شارك في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون بدورته 17 في تونس، وحصل الفيلم على الجائزة الذهبية ضمن فئة الأفلام الوثائقية، في ظلّ منافسة شديدة، ما يعكس ذلك الجهد المضاعف الذي بذل من قبل طاقم الفيلم، في سبيل إنتاجه بتلك السوية المميزة.
وأكد رئيس الرابطة الناقد الدكتور زياد أبو لبن أهمية النشاط النوعي الذي راحت تضطلع به لجنة المسرح والدراما في الرابطة، مبينا أهمية الفيلم وضرورة الاحتفاء به وبأسرته، انطلاقا من أهمية الموضوعة التي تتبعها، مشيدا بالقراءة التي قدمها الناقد النجار واصفا اياها بانها “نصا على نص” لما تضمنته من جماليات وفنيات اللغة.
وبيّـن أبو لبن ان الهيئة الإدارية الحالية في الرابطة تعمل جاهدة على إعادة المكانة الحقيقية للرابطة على صعيد العمل الثقافي.
وكان مقرر اللجنة الناقد المسرحي مجدي التل قال في مستهل الاحتفائية: “إن الفيلم الذي يتحدث عن القدس وصمود اهلها ومن ورائهم جميع اهلنا في فلسطين، هو “حكاية” و”نبراس”، فهو حكاية نعيد نسجها في ذاكرتنا لان للقدس وفلسطين حضورا ومكانة، وإن كان الاردن رئة فلسطين، فإن فلسطين موضع القلب له، وإن كانت العين عمان، فإن القدس نورها الازلي، وليس غرابة وان كان من باب التصادف، أن يأتي هذا التكريم اليوم الاحد بالتوافق مع الذكرى الــ47 لإحراق المسجد الأقصى المبارك، والذي نفذه متطرف يهودي في الحادي والعشرين من عام 1969.
ونوه إلى أن الاردن الذي ينحاز للحب والجمال والعدل والوسطية وللعلم والتنوير، يزخر بالقدرات الابداعية في مختلف المجالات، داعيا إلى إعلاء شأن “القوة الناعمة” التي تمثل “النبراس” الذي يضيء بإبداعات أبنائه وتفوقهم درب الرفعة مثلما تحصن هذه “القوة” جبهته الداخلية ومجتمعه وتتصدى للدفاع عن قضاياه المركزية والمصيرية في مواجهة قوى الظلام والعدوان، بمختلف صورها واشكالها.
وأشار إلى أن هذا الفيلم ليس الا نموذجا لتلك القوة الناعمة التي تستطيع من خلال الابداع ان تتصدى لعاديات الايام وتدافع عن قضايانا المركزية التي تمثل القدس جوهرها، وتتواصل إلى ما يسمو بالوطن ورفعته، تحمي منجزه وتنتصر لقضاياه .
كما اشتملت الاحتفائية على عرض للفيلم الفائز، ومن ثمّ سلم مندوب وزير الثقافة ورئيس الرابطة واعضاء الهيئة الادارية الدروع والشهادات التكريمية للبخيت وعربيات والنجار.