سلّط تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” حول إلحاق الأطفال السوريين اللاجئين بالمدارس الأردنية، الضوء على المخاطر التي يتعرض لها قطاع التعليم في المستقبل.
التقرير الذي حمل عنوان “نخاف على مستقبلهم”، جاء منصفا بحق الأردن، وعرض بشكل متوازن الوضع العام والجهود”السخية” التي بذلتها الحكومة الأردنية لضمان حصول الأطفال السوريين على حقهم في التعليم.
ورغم نجاح الأردن في إلحاق 75 ألف طفل إضافي في العام الدراسي 2016/ 2017، إلا أن ثلث الأطفال السوريين في سن التعليم، والمسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لم ينالوا حظهم من التعليم؛ ويقدر عددهم بنحو 80 ألف طفل.
ويشير التقرير أيضا إلى أن الأردن لم ينل سوى القليل من المنح الموعودة لدعم قطاع التعليم. وقدرت خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية النفقات الإضافية للتعليم، بنحو 250 مليون دولار للعام الحالي، لم يتسلم منها سوى 42 مليون دولار، حسب “هيومن رايتس ووتش”.
نعرف من واقع الحال أن استيعاب الطلبة السوريين في المدارس الأردنية، وعلى المدى الطويل، يلقي بأعباء ضخمة على كاهل قطاع التعليم الحكومي. معظم المدارس الحكومية تعاني من الاكتظاظ الشديد، ونقص فادح في الغرف الصفية والكوادر التعليمية. وبسبب الطلب المتزايد من قبل اللاجئين وضغط المنظمات الدولية، تضطر السلطات الحكومية إلى التضحية بمعايير جودة التعليم، وتجاوز الحدود المقررة لعدد الطلبة في الغرفة الصفية، ونسبة المعلمين إلى عدد الطلبة في المدرسة الواحدة، وحصة كل طالب من الحصص الدراسية.
وبينما كانت وزارة التربية والتعليم تكافح للخلاص من نظام الفترتين، اضطرت لتفعيل النظام من جديد في الكثير من المدارس، لاستيعاب أطفال اللاجئين السوريين.
لم يكن التعليم المدرسي بأحسن حال قبل أزمة اللجوء السوري. لكن تدفق الأطفال السوريين إلى المدارس الحكومية بأعداد كبيرة، فاقم من الأزمة، في ظل شح الموارد الوطنية، وضعف مستوى الاستجابة الدولية للحاجات الطارئة لقطاع التعليم.
لكن الأزمة الحالية على فداحتها، لربما تبدو قابلة للاحتواء مقارنة مع ما يمكن أن يحصل في المستقبل. فخلال السنوات القليلة المقبلة، سيتلقى الأردن الدعم، وإن كان قليلا، للوفاء بمتطلبات قطاع التعليم، وغيره من القطاعات.
بيد أن الأزمة في سورية، وحسب كل التوقعات، ليست مرشحة للحل. وحتى لو تمكن المجتمع الدولي من وضع نهاية للحرب الدائرة، فإن فرص اللاجئين في العودة إلى ديارهم تبدو ضئيلة في غضون السنوات المقبلة، إن لم تكن معدومة بالنسبة لمعظمهم.
وعادة ما تفتر عزيمة القوى الدولية والمنظمات الأممية عندما يطول أمد الصراعات، وتنسحب تدريجيا من ميادين العمل، وتنقل اهتمامها لأزمات جديدة في أماكن أخرى من العالم. وتمدنا التجارب العالمية بالعديد من الأمثلة التي انتهت فيها كوارث إنسانية إلى طي النسيان.
في هذه الحالة، ستجد الدول المستضيفة نفسها وحيدة في مواجهة أعباء اللجوء. هذا ما نخشاه في الأردن؛ فإذا كان المجتمع الدولي يمن علينا بالمساعدات ونحن في ذروة المواجهة، فكيف يكون رد الفعل إذا ما توقفت الحرب في سورية؟