تلاعبوا ولا تلعبوا/ فهد الخيطان

أمُر على أخبار الرياضة الأردنية عبر صفحات “الغد”، واستوقفني مثل كثيرين خبر”الفضيحة” التي هزت الساحة الكروية التي تفجرت بعد تسريب تسجيل صوتي منسوب لرئيس نادي الوحدات النائب السابق طارق خوري، يزعم فيه بتقديم دعم مادي لفرق كرة قدم لتسهيل مهمة الوحدات للفوز بالدوري.

خوري نفى بشدة ما جاء في التسجيل، وقال إنه مفبرك بالكامل. لكن اتحاد كرم القدم، وبناء على شكوى حركها النادي الفيصلي، المنافس التقليدي للوحدات، كلف اللجنة التأديبية بالتحقق من صحة التسجيل.

وعلى غرار ما يحصل في التسجيلات المنسوبة لزعماء التنظيمات الإرهابية، تنتظر الأوساط الرياضية والإعلامية بفارغ الصبر نتائج التحقيق للتأكد من صحة التسجيل أو عدمه، التي سيترتب عليها تداعيات لاحصر لها على خوري شخصيا الذي يستعد لخوض الانتخابات النيابية مرة أخرى، وناديه الذي فاز بالدوري، والفرق التي يثبت تورطها بفضيحة التلاعب بالنتائج.

لا أذكر خبرا رياضيا على الصعيد المحلي أهم من”الفضيحة” هذا العام. ومن وجهة نظري المتواضعة كان الحدث الأكثر إثارة في دوري السنة الأخيرة، مقارنة بالأداء الباهت لفرق الدوري الممتاز، على ما تقول الصحافة الرياضية.

في الصحافة العالمية، أكثر ما يثير اهتمام القراء حاليا أخبار انتقالات نجوم الكرة بين الأندية العالمية. أخبار من هذا النوع في وسائل إعلامنا تثير الضحك فعلا. قبل أيام نشرت “الغد” صورة للاعب يوقع لأحد أندية الدوري الممتاز، وكان يجلس على”صوفة” في منزل أحد مسؤولي النادي؛ على يساره أحد الإداريين وأمامه على الطاولة علبة سجائر وولاعة، وعلى يمينه مسؤول ثان يدخن.

يستحيل تخيل لقطة كهذه في نادي يوفنتوس مثلا، لكن لو افترضنا حصولها، فهى كفيلة بكتابة نهايته ونهاية اللاعب، ورئيس النادي. ولا ننسى بالطبع صورة “الطبايخ” للاعبي الفرق والمنتخب،التي تتحفنا بها وسائل الإعلام كل يوم. آخر ماشاهدت، صورة للاعبين يلتهمون وجبات سريعة، التي يحذر الخبراء كل يوم من مضارها على صحة الأشخاص العاديين، فما بالك بالرياضيين.

فضيحة كتلك المنسوبة بالتسجيل المزعوم لطارق خوري، حدث مثلها في الدوريات العالمية. وقد شهدت أروقة المحاكم في إيطاليا وبريطانيا تحقيقات مدوية قبل سنوات، أطاحت بلاعبين وأندية.

وحصل التلاعب بالنتائج على نطاق أوسع كالدوريات القارية. وشمل التحقيق بفضيحة مشابهة السنة الأخيرة معظم الفرق الأوروبية. وتشير نتائج التحقيق إلى رشى بالملايين دفعت للاعبين وأندية وحكام.

لو صحت المزاعم عن تلاعب بنتائج دوري الأندية فإن الرشى على الأرجح لن تتعدى بضعة آلاف من الدنانير، وربما أقل من ذلك.

يشفع للأوروبيين الذين يتلاعبون بنتائج المباريات، أن فرقهم تلعب كرة تشع احترافا ومتعة لملايين المتابعين حول العالم، وتجني عوائد مالية بمئات الملايين، وتقوم عليها صناعة عالمية يستفيد منها ملايين البشر.

في بلادنا تغيب متعة اللعب عن رياضة كرة القدم، ولا تكاد تحتمل مشاهدة بضع دقائق من مباراة في الدوري الممتاز. وفي غياب اللعب الجميل، ها نحن نستمتع بمتابعة فصول فضيحة التلاعب بالنتائج.

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات