الموصل في دائرة الضوء بعد عامين من سيطرة داعش عليها

عروبة الإخباري- عندما تعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في ديسمبر كانون الأول بأن ينتزع العراق السيطرة على مدينة الموصل معقل تنظيم داعش الإرهابي بحلول نهاية 2016 قوبل الهدف بترحيب حذر من الحلفاء الغربيين ومسؤولين من داخل حكومته.

وبعد مرور أقل من سبعة أشهر استعاد الجيش العراقي السيطرة على معظم المواقع الكبيرة للمتشددين في محافظة الأنبار بغرب العراق وتقدم باتجاه الموصل أكبر مدينة تحت سيطرة التنظيم.

وحصلت الحملة التي تود إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما استكمالها قبل يناير كانون الثاني على قوة دفع بالسيطرة على الفلوجة الشهر الماضي ثم قاعدة القيارة الجوية التي تبعد 60 كيلومترا إلى الجنوب من الموصل والإعلان عن إرسال قوات أمريكية جديدة للعراق.

وقال أكبر مسؤولي الأمم المتحدة في العراق الأسبوع الماضي “التقدم ضد داعش وضع تحرير الموصل على جدول الأعمال بقوة.”

وقال دبلوماسي كبير يقيم في بغداد ومسؤول غربي طلبا عدم ذكر اسميهما إن العبادي الذي يدعمه التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة يريد الآن الزحف صوب الموصل بحلول أكتوبر تشرين الأول.

وردا على سؤال عن موعد أكتوبر تشرين الأول أشار متحدث باسم العبادي مجددا إلى الإطار الزمني وهو بحلول نهاية العام لكنه قال إن توقيت التحركات المحددة من مسؤولية القادة العسكريين ولن يعلن.

ورغم تنامي الثقة في الجيش العراقي بعد عامين من انهياره في مواجهة تقدم متشددي داعش فإنه لا تزال هناك حاجة لفعل الكثير استعدادا للموصل ويقول منتقدون إن الإطار الزمني الذي طرحه العبادي يظل طموحا للغاية.

وتحاصر قوات البشمركة الكردية الموصل ومدينة تلعفر من ناحية الشرق والشمال والغرب منذ شهور لكن المتطرفين ينشطون في منطقة صحراوية واسعة إلى الجنوب على مساحة 14 ألف كيلومتر مربع بين نهر دجلة والحدود مع سورية. وتلعفر معقل آخر لداعش وتقع على بعد 65 كيلومترا إلى الغرب.

ويقول مخططون عسكريون إن الحملة تحتاج إلى ما يتراوح بين 20 ألفا و30 ألف جندي. ويجب على القوات التقدم من القيارة حيث يتمركز

خمسة آلاف من أفراد قوات الجيش ووحدة تابعة لجهاز مكافحة الإرهاب. وسيتم تحريك وحدات عسكرية أخرى تابعة للجهاز.

ويتلقى الآلاف من أفراد الشرطة و15 ألف مقاتل محلي تدريبات للاحتفاظ بالأرض بعد الهجوم.

* “حجر زاوية مهم”

قال مصدر في جهاز الأمن بإقليم كردستان “القيارة حجر زاوية مهم بالنسبة للعراقيين لكن الطريق لا يزال طويلا أمامهم حتى يصلوا إلى مشارف الموصل ثم التحدي الأكبر وهو تطويق جنوبي الموصل … القيارة ليست سوى نقطة واحدة على هذا الطريق الطويل.”

وكانت القوات الأمريكية التي وصل عدد أفرادها إلى الذروة بعد الغزو عام 2003 إذ بلغ 170 ألف جندي قد فشلت في تأمين المنطقة الواقعة إلى الجنوب الغربي من الموصل بشكل كامل عندما حاربت تنظيم القاعدة آنذاك.

ويقول مسؤولون غربيون إن انتزاع السيطرة على الموصل دون خطة لاستعادة الأمن والخدمات الأساسية والحكم إلى جانب وجود المال والأفراد لتنفيذ ذلك على الفور يجازف بتكرار الخطأ الذي وقعت فيه إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن عام 2003 عندما أطاحت بالحكومة في غياب خطط لحكومة جديدة.

وتشعر الولايات المتحدة والسلطات العراقية بالثقة في أن القوات ستكون مستعدة للهجوم على الموصل.

وقال مسؤول عسكري أمريكي إن من المرجح أن تتبع القوات أسلوب “الانفجار النجمي” في الهجوم نظرا لنجاحاته في الآونة الأخيرة أي الدفع بالضربات الجوية في الوسط ثم مهاجمة دفاعات داعش من الخلف.

وتابع “لا يتعين عليك بالضرورة أن تقاتل المدينة بأكملها مرة واحدة. ربما يجب عليك محاربة أجزاء وقطع من المدينة.”

وقال المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب صباح النعماني إن الجهاز سيضرب من اتجاهات متعددة بدعم جوي مكثف. وأحجم عن التعليق بشأن موعد شن أي هجوم.

* الفرار أم القتال

لكن الكثير يعتمد على رد داعش. وما زال هناك مليون مدني في الموصل وتحمل المدينة دلالة رمزية لأنها المكان الذي أعلن منه التنظيم الإرهابي قيام “دولة الخلافة” في يونيو حزيران 2014.

ويتوقع المصدر الأمني الكردي والمسؤولون العراقيون أن يقاتل المتطرفون “حتى الرمق الأخير وحتى آخر رصاصة”.

وذكر المصدر أن ما يصل إلى عشرة آلاف متطرف موجودون في المدينة لكن متحدثا باسم التحالف قال إن من المرجح انخفاض هذا العدد قبل الهجوم.

ويتوقع سيناريو بديل تدفق عدد كبير من المقاتلين وتسليمهم بخسارة الموصل على أمل استئناف القتال فيما بعد وهو ما تعد وسائل الإعلام التابعة للتنظيم أنصاره له.

وقالت صحيفة النبأ التابعة للتنظيم الشهر الماضي إنه لا يمكن القضاء على دولة الخلافة بتدمير مدينة ما وحصار أخرى.

ويتوقع اللفتنانت جنرال شون ماكفارلاند قائد قوات التحالف فرار كبار القادة والمقاتلين الأجانب “مثلما حاولوا في الفلوجة – دون نجاح.”

وقال بيل روجيو وهو خبير في مكافحة الإرهاب بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن المتطرفين قد يسلكون دروبا في الصحراء لدخول سورية إذ يوفر انتشار عدد كبير من الجماعات هناك غطاء أفضل لهم.

وأضاف “شاهدوا هذا الفيلم من قبل من 2007 إلى 2009” في إشارة إلى زيادة عدد القوات الأمريكية مما أضعف تنظيم القاعدة. وقال “يعلمون أنه عندما يقاتلون حتى الموت فإن الأمر لن ينتهي على نحو جيد بالنسبة لهم.”

ويشير وجود “وزير الحرب” في صفوف التنظيم عمر الشيشاني الذي أفادت تقارير بمقتله قرب القيارة الأسبوع الماضي إلى أن داعش قد تصمد في بادئ الأمر على الأقل. وأشار ماكفارلاند “هذا مؤشر على أن هذا هو المكان الذين كانوا يتمركزون فيه” في إشارة إلى ضربة جوية استهدفت الشيشاني.

* خطر المواجهة

وإذا أخفقت داعش في إبداء مقاومة كبيرة فإن محللين يقولون إن القوة التي أعدت بغداد لها ستكون كافية لتحقيق النصر.

وإلا فإن بغداد قد تحتاج إلى البشمركة وجماعات مسلحة شيعية تدعمها إيران للهجوم من مواقع أخرى مما يثير خطر حدوث مواجهة مع العرقيات والطوائف المختلفة في الموصل والتي تنظر إلى هذه الجماعات بعين الريبة بعد اتهامها بارتكاب انتهاكات.

وقال المصدر الأمني الكردي إن البشمركة التي تعني حرفيا “من يواجهون الموت” قد تسيطر على المزيد من القرى قرب الموصل لكن دون أن تدخل المدينة. وتقدم الأكراد في مواجهة داعش بشمال العراق مما أدى إلى توسيع مساحة إقليمهم.

وذكر الدبلوماسي الكبير أن العبادي الذي قد يواجه انتقادات واسعة إذا تدخلت جماعات موالية للحكومة في الموصل سيحاول احتواء الجماعات الشيعية مثلما فعل في الفلوجة محققا نجاحا متفاوتا لكنه قد يظل عاجزا عن مواجهة الضغوط السياسية من خصومه وداعميهم الإيرانيين.

وقد تطلب بغداد المزيد من الدعم البري من التحالف. وقال الجنرال جوزيف فوتيل المشرف على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط إن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) قد تقدم طلبا بإرسال المزيد من القوات إلى العراق دون أن يحدد موعد ذلك أو طبيعة القوات التي ستطلبها.

وقدم الجنود الأمريكيون دعما مدفعيا وثيقا للعراقيين وشنوا ضربات ضد داعش ويمكن للوسيلتين تسريع وتيرة هجوم الموصل. وقد تلعب الوحدات الهندسية دورا مهما أيضا إذا نسفت داعش جسورا على النهر الذي يمر عبر الموصل.

وقال ماكفارلاند “كلما استعدنا السيطرة على مدينة من العدو نتعلم شيئا. ويصبح العدو أيضا أضعف بعض الشيء لذا نجد أننا نستطيع استخدام أساليب أو تكتيكات مختلفة.” (رويترز)

Related posts

طهران لا “تسعى” للتصعيد… 37 بلدة بجنوب لبنان دمرتها إسرائيل

الانتخابات الأميركية… نهاية للحرب على غزة أم استمرار لها؟

(فيديو) الرئيس الأستوني: يجب حل العديد من الأمور قبل الاعتراف بفلسطين