انطباعات عن الملقي/ فهد الخيطان

البرنامج اليومي لرئيس الوزراء د. هاني الملقي، زاخر بالنشاطات والزيارات الميدانية. الملقي يتحرك بهمة عالية، ويكشف عن طاقة لا تنضب للتواصل والحوار مع مختلف الفعاليات.

ومن يشارك في لقاءاته، يخرج بانطباعات إيجابية عن رئيس طموح ومبادر، لا يتردد في طرح أفكار خارج الصندوق، حتى لو بدت متسرعة في نظر البعض.

حزمة الإجراءات للحد من البطالة، والتي أقرها مجلس الوزراء أول من أمس، نموذج على منهجية الملقي في معالجة المشكلات. لم يكتف بالتنظير المعهود عن مشكلة البطالة، فسارع إلى طرح ثمانية إجراءات محددة، يعتقد أن تطبيقها سيحد من نسبة البطالة المرتفعة في المملكة.

ليس واضحا بعد إن كانت الحكومة قد اختبرت بعض الإجراءات التي تبنتها قبل إقرارها تحت ضغط الحاجة لفعل يترك أثرا ملموسا على المدى القصير. منها، على سبيل المثال، وقف استقدام العمالة الوافدة باستثناء عاملات المنازل. معظم العمالة الوافدة تذهب لقطاعي الإنشاءات “المقاولات” والزراعة. وقد تبنت حكومات سابقة سياسات مماثلة لتحفيز الأردنيين على العمل في القطاعين، إلا أن النتائج كانت مخيبة لأسباب يطول شرحها. ما أخشاه أن المستثمرين في القطاعين سيبدأون بالتذمر من نقص العمالة بعد حين، ويضغطون على الحكومة للتراجع عن قرارها. مشكلة العاطلين عن العمل من الأردنيين أنهم في غالبيتهم من حملة الشهادات المتوسطة والجامعية، ولا يقبلون على العمل في مهن شاقة، أو حتى تطوير قدراتهم للتكيف مع احتياجات سوق العمل.

التحدي الأكبر أمام الرئيس هو النجاح في برنامج التمويل الجماعي للمشاريع الصغيرة؛ فهو متحمس جدا للمشروع ويؤمن بفوائده. والمشروع، في كل الأحوال، فكرة خلاقة تستحق الدعم فعلا.

يقول بعض من يحضر لقاءات رئيس الوزراء إنه يبالغ أحيانا في صرف الوعود، خاصة ما يتعلق منها بمشاكل مستفحلة، لا يمكن بأي حال تحقيق اختراقات جوهرية فيها خلال فترة قصيرة؛ كمشكلة النقل العام في الأردن والأزمات المرورية، وتطوير جهاز الدولة البيروقراطي وتحسين جودة الخدمة المقدمة للجمهور.

متحمسون لتجربة الملقي يخشون من أن يؤدي رفع سقف التوقعات إلى ردة فعل سلبية في المستقبل القريب، خاصة أن التطورات الإقليمية من حولنا لا تتيح سوى هامش ضيق من المناورة، قد لا يتسع أحيانا لقرارات مفصلية؛ فيما التوقعات بشأن خطط الاستثمار العربي والأجنبي في الأردن متذبذبة لدرجة لا تبعث على الاطمئنان.

ولنا أن نضيف على مخاوف أصدقاء الملقي، القلق من اهتمامه بالتفاصيل. لا أعتقد أن من واجبات رئيس الوزراء الخوض في أمور كالبسطات والمعرشات في الشوارع، وملاحقة الملاحظات الصغيرة بهذه الشؤون التفصيلية. إنها تفاصيل تعني رؤساء البلديات والحكام الإداريين. ولا يمكن لرئيس وزراء يحمل على أكتافه أحمالا ثقيلة من المشكلات الكبرى والتحديات، أن يشغل نفسه بتفاصيل من هذا المستوى.

صحيح أنها مشكلات تعني المواطنين كثيرا وتمس حياتهم، لكنها من اختصاص جهات حكومية وأهلية يتعين أن تتولى معالجتها.

إذا ما واظب الملقي على الاستغراق في التفاصيل، فسيجد نفسه غارقا في المسائل الجزئية، ولن تترك له بيروقراطية الجهاز الحكومي وقتا للتفكير بالمهمات الرئيسة للحكومة.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري