ذات البيت / بقلم تمام سلطان الحطاب

عروبة الإخباري – اذا نظر المواطن الأردني او حتى العربي البسيط حوله يجد انه لا يوجد مثال على اي دولة عربية ناجحة وهذا صحيح من الخليج الى المحيط، النجاح هنا طبعا بالمعيار السياسي و المقصود به القدرة على التأقلم مع الواقع و المتغيرات المفروضة عليك كي تتطور كدولة وأفراد.

من اهم المعطيات المفروضة على الاْردن من غير التعليم هي هوية الدولة، فالدولة يجب ان تكون علمانية اي لا دين لها فالدولة ليست فردا بل الأفراد هم من يتسمون بعدة انتماءات و ليس الدولة. الاْردن يجب ان يتحول الى العلمانية لعدة أسباب منها الأمني و الشمولي والابتعاد عن الغطرسة والتغول.

في الجانب الشمولي، من المستحيل ان يكون هنالك دولة كل سكانها متجانسون اي من لون و دين و عرق .. الخ واحد و هذا يعني انه الدولة من المفروض ان تكون علمانية كي تضم جميع فَئات المجتمع دون تميز و تحفظ حقوق الأقليات منعاً لتوغل الأكثرية فأهم عمل وفريضة على اي دولة هي الحفاظ على رعاياها بأي ثمن، فالدولة هي بحكم القانون العادل لها السلطة على مجريات الحياة اليومية للمواطنين و من يعيشون داخل حدودها و تمتلك امر الحياة و الموت على الأفراد فالدولة هي ” ال leviathan” .

اذا عملنا بهذا المنطق فعلينا التجرد من دينية الدولة و هذا لا يعني عدم العمل ببعض القوانين المأخوذة عن الشريعة الاسلامية او القوانين الطبيعية، لكن على الدولة صون حقوق الأقليات، وهذا يعني اعتماد قوانين منبثقة عن هذا العصر بسبب تقاعس علماء الدين عن الاجتهاد في جميع الأديان و تحليل الحرام و تحريم الحلال. هذا منطقيا يدعو الى حل و تجديد السلطة القضائية و النظام القضائي في الاْردن لتضم اكبر عدد من فئات المجتمع الأردني و جعله اكثر مرونه، في نفس الوقت إلغاء أشكال الديكتاتورية و التخلف بإزالة محاكم أمن الدولة او المحاكم العسكرية للمدنيين وعدم استعمالها أدوات للتنكيل بالناس بمجرد ابداء رأي او ميول سياسي.

فعدم تحمل و تقبل الآخر من قبل الدولة دليل على ضعف الدولة و لوجود أزمة شرعية، في جميع الأحوال يجب ان يخضع اي شخص الى محاكمة عادلة بغض النظر عن التهمة اذا أردنا ان نتطور فالعدل أساس المُلك و ليس الدين أساس المُلك!!

من ناحية اخرى الاْردن يستطيع ان يحذو حذو التجربة التركية في علمانية الدولة و مبدأ فصل السلطات و النهضة الاقتصادية الممتازة، فتركيا انتقلت من دولة عسكرية شبه فاشلة غارقة بالديون الى عملاق اقتصادي رقم ١٦ على مستوى العالم و حافظت على هويتها العلمانية بغض النظر عن الموروث العثماني الثقيل الذي ورثته، فالحزب الحاكم قاعدته إسلامية فالدولة شيئ والافراد شيئ اخر.

برأيي التجربة التركية او الكورية الجنوبية يمكن اعادت إنتاجها في الاْردن بنجاح اذا ما توفرت النية وأعيد انتاج القضاء على أساس عادل و شامل و مَرن.

في الأمور الأمنية الدولة المتجانسة فكريا و فيها مساوئ يصعب اختراقها اي ان الدولة التي تعليمها محترم وقوي و نظام الحكم فيها عادل يكون الأمن فيها قوي و من الصعب التلاعب بعقول بعض الشباب او الأشخاص المغرر بهم.

اضافة الى هذا.. اذا كان محيطك متمسك بهوية معادية لك او تنقضك ليل نهار دون فعل شيئ و نظام التعليم فيها يعاديك فهذا يجبرك ان تتخذ ذرائع لحماية نفسك، حتى لو كان هذا غير صحيح كما تفعل اسرائيل، فكل محيطها يُشهر العداء لها او دينية الدولة وهذا يعطيها ذرائع بقول انها الديمقراطية الوحيدة او انها في خطر كي تحصل على كل الدعم المطلوب او او او، لكن علمانية الدولة سوف تفرغ اسرائيل من هذا المحتوى و حتى على المستوى الداخلي الاسرائيلي فاسرائيل لن تطالب بيهوديتها اذا كان محيطها محايدا من ناحية الدولة وليس الحزب الحاكم.

*تمام سلطان الحطاب – كندا – جامعة يورك – الدراسات العليا

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات