لقاء الملقي الأول: رسالة نوايا/ جمانة غنيمات

كان مريحاً اللقاء الأول لرئيس الوزراء د. هاني الملقي، مع عدد من الصحفيين، يوم الأحد الماضي. لاسيما أن الرئيس قدّم موقفا واضحا في التأكيد على حرية الإعلام والنقد الموضوعي لحكومته، بخلاف ما قيل عن رد فعل غاضب صدر عنه على نقد مباشر لتشكيلة فريقه الوزاري.

واحترام الحريات الصحفية، وضمنها حتماً قبول النقد البنّاء، سيكون علامة فارقة في أداء الحكومة الحالية، خصوصا في ظل غياب مجلس النواب. وهذه النتيجة ليست معروفة بعد بالتأكيد، بل تحتاج لأكثر من اختبار؛ لكن جوهر رسالة الملقي حتى اللحظة، يتمثل في النوايا الطيبة على هذا الصعيد. وهو الأمر الضروري والمفيد لنا كإعلاميين، من جهة. كما يدرك الرئيس ربما، من جهة أخرى، أنه يحتاج لتقييم موضوعي لأداء حكومته في فترة الأربعة أشهر المقبلة، وهي الحاسمة لمستقبل هذه الحكومة، ومستقبل د. الملقي شخصياً.

الملفات التي بين يديّ الحكومة متشعبة وكبيرة، ومربكة بلا شك. وقد حاول الرئيس، خلال اللقاء، إيضاح نوايا حكومته حيالها، متوجاً ذلك بإعلانه أنه سيضع خططا تنفيذية لعمل فريقه، تشتمل على أهداف محددة في مختلف القطاعات. ويتوقع رفع هذه الخطط إلى جلالة الملك قريبا.

طبعاً، ليس منطقيا مطالبة الحكومة بحل كل المشكلات، بل إن مثل هذا التفكير سطحي بافتراض أحسن النوايا؛ لأن المشاكل عميقة وكبيرة، لاسيما على الصعيد الاقتصادي. مع ذلك، يظل مطلوبا من الحكومة وضعنا على أول الطريق الصحيحة، بما يخلق إحساساً بأننا نذهب في اتجاه الإصلاح والإنجاز الضروريين.

ليس مهماً سرد تفاصيل اللقاء، رغم الإثارة التي انطوى عليها بعض اللقاء. لكن المهم تلك الروحية التي لمسناها عند الرئيس، بحرصه على بذل مساع صادقة لإحراز فرق، ولو قليل، في بعض الملفات، وبما يجعلنا نتفاءل قليلا بإمكانية تحقيق ذلك، لاسيما مع ما يقال عن د. الملقي بأنه “إنسان شغّيل” لا يكل ولا يمل.

بالتأكيد، يبقى طول النفس والمتابعة هما الأهم. وهنا أشير إلى ما قاله الرئيس في نهاية اللقاء؛ بأنه شكّل ثلاث لجان لمتابعة العمل، يرأس كل واحدة منها أحد نوابه الثلاثة. ولعل أداء هذه اللجان سيكون الاختبار للرئيس بأن يتمكن فعلا من زحزحة بعض القضايا.

تحركات د. الملقي بعد ذاك الاجتماع، وخصوصا متابعته لحادثة استشهاد منتسبي دائرة المخابرات العامة الخمسة، ونشاطه الميداني في مواقع أخرى تهم الناس، هما مؤشران على مسلك إيجابي، لأن الميدان نصف النجاح، كما يقال.

لكن لا مناص من الإقرار بأن فريق الرئيس غير منسجم، بل ومتضاد أحيانا. وهذه عقدة كبيرة لأي رئيس حكومة. وعلى

 د. الملقي أساساً إدراك ذلك، في سبيل تجاوز تبعات الاختلاف وعدم التوافق بين الوزراء، لأن هذه النقطة ربما تكون عامل الإفشال الكبير له في مواجهة تحديات ذات نتائج خطيرة في حال عدم التصدي لها بكفاءة الفريق المتماسك.

وفي ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها الأردن، والمعطيات المتشابكة والمعقدة، لا نملك إلا دعم الحكومة ومساعدتها، علها تنجز شيئا؛ وعلها تستطيع اتخاذ سياسات تحمي المكتسبات، وتجنب الوطن مزيداً من الأزمات الخانقة.

مضى أسبوعان على تشكيل حكومة د. هاني الملقي. وقد وجه الرئيس خلال هذه الفترة أكثر من رسالة إيجابية؛ منها تخفيض أسعار 75 سلعة في المؤسسة الاستهلاكية المدنية، وقيامه بزيارات ميدانية للعديد من المواقع، آخرها في العقبة. لكن بعد ذلك، يحتاج الناس إلى ما هو أكثر من النوايا الطيبة، وأبعد من الزيارات الميدانية؛ إنهم بحاجة لأفق يسمح بالأمل بمستقبل أفضل على أكثر من صعيد. فهل تتمكن الحكومة من زرع هذا الأمل؟ لننتظرْ ونرَ.

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات