برجوع ليبرمان الى الحكومة الاسرائيلية ممثلا للحزب الإحتلالي المتعصب “اسرائيل بيتنا” ،يكون نتنياهو قد استكمل الحلقة التي يريدها للبقاء في سدة الحكم فترة أطول. فما يحمله ليبرمان من حقد وكراهية ووحشية تجاه الفلسطينيين ،يكمله نتنياهو بما لديه من غدر و خداع ومماطلة وتسويف. هذا على الرغم من المباغضة التي يحملها الواحد ضد الآخر. وكلا الرجلين يمثل ركنا اساسيا في الموجة اليمينية الإحلالية الإستعمارية التي تجتاح الشارع الاسرائيلي منذ 20 سنة تقريبا،حتى أصبحت إسرائيل بأجيالها الشابة بؤرة صهيونية شديدة العنصرية، شبيهة بألمانيا النازية قبيل الحرب العالمية الثانية . ساعد على تنامي هذه الحالة أولاً: التأييد الامريكي المطلق لكل عدوان اسرائيلي سواء كان مباشراً على الفلسطينيين، او انتهاكا للقانون الدولي أو الإنساني. وثانيا ضعف المنطقة العربية وتفككها وبالتالي غياب وزنها الاقتصادي والسياسي و الدبلوماسي والثقافي والاعلامي .وثالثا تبعثر احزاب الوسط والاحزاب اليسارية و حركات السلام الاسرائيلية إلى درجة الاختفاء.. ورابعاً الانقسام الفلسطيني المزمن والذي فاقت حدته كل التوقعات وأوقع أضراراً هائلة، و شجع الإسرائيليين على الإستخفاف بمستقبل الشعب الفلسطيني.
ومن هنا فإن الامر يتطلب من الجانب الفلسطيني أن “يشعر بالصدمة” إزاء الحالة الإسرائيلية التي تعمل الآن على شراء الوقت ،لاستكمال مشروعها التوسعي بابتلاع الأراضي و تحويل الفلسطينيين إلى أقليات سكانية و ليس شعبا متماسكا. و عليه إدراك خطورة اجتماع الرجلين، لأنهما سيدفعان الإحتلال الإسرائيلي إلى مستويات أكثر عدوانية. .أولاً: سيعمل ليبرمان على إصدار قوانين عنصرية تجاه الفلسطينيين بمن فيهم فلسطينيي 1948 ،لتشمل هذه القوانين النفي والقتل و الإغتيال بتهم الخيانة و مهاجمة الجنود الإسرائيليين، ومصادرة الممتلكات والاراضي كعقوبات لهم ،وغير ذلك الكثير. وهذا يتطلب جهداً واستعداداً قانونياً وحشداً دولياً للحيولة دون اصدار مثل هذه القوانين ثانياً: سوف يتشدد نتنياهو و ليبرمان في مسألة “يهودية الدولة” وسيجعلا اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة نقطة الارتكاز لأي تفاوض مستقبلي ، في عين الوقت الذي لا يؤمنان فيها بالمفاوضات. ورغم وجود دول لها صفة دينية مثل ايران ،الا ان ما يسعى اليه نتنياهو هو الاعتراف بالصفة اليهودية الحصرية للدولة تمهيدا لإسقاط الحقوق والمطالبات الفلسطينية و العربية ،و كمدخل لاخراج من هو ليس يهودي. ان نتنياهو وليبرمان على حد سواء لا يؤمنان بحل الدولتين وانما يؤمنان فقط “بضرورة طرد الفلسطينيين من كامل اراضي فلسطين وجزء من الاراضي المحيطة بها” .وهنا يصبح تمكين الفلسطينيين من البقاء في اراضيهم والصمود في مواقعهم هو العمود الفقري لاستراتيجية المواجهة. وسوف يعمل ليبرمان ونتنياهو بقوة على تقديم الدعم المالي و الإداري “للمستعمرين” و “المستعمرات” من جهة ،و على تعميق الانقسام الفلسطيني الذي صرف الكثيرين عن الاهتمام بالشأن الفلسطيني من جهة ثانية. ثالثاً: سوف يدفع تحالف نتنياهو- ليبرمان بقوة بالحل الاقتصادي الاداري، ويتجاهل المسألة السياسية تماما،و سيركز على تمييع الصراع الاسرائيلي العربي الفلسطيني من خلال المدخل الاقتصادي و الأمني، وخاصة المياه والغاز والطاقة الكهربائية و التسلل إلى مشاريع وصناديق الاستثمار. يرافق ذلك محاولة جر الاردن و مصر الى ترتيبات ادارية مع الضفة الغربية و غزة. سابعاً: سوف ينطلق كل من نتنياهو وليبرمان باختراعات سياسية غير مسبوقة مثل :الحدود المؤقتة، وتأجير الاراضي الفلسطينية، وتفويض الاراضي لمدة (100) عام ،والموافقة على حدود افتراضية، وتناوب الادارة بين الليل والنهار، ومصادرة تدريجية لإذون الاقامة في القدس،و زلازل مفتعلة في الأماكن المقدسة، وغير ذلك الكثير. وفي هذه الاثناء ستكون الادارة الامريكية غير قادرة على اتخاذ أي موقف إزاء ما تقوم به إسرائيل ،و أوروبا منشغلة في قضايا التطرف و الإرهاب و اللاجئين،و الأقطار العربية مستنفذة قواها في أزماتها الداخلية المستفحلة.
ان مواجهة الإنقضاض الإسرائيلي المستفحل و غير المعلن على كل ما هو فلسطيني، و الذي يمثل تحالف نتنياهو- ليبرمان رأس الحربة فيه،و الموجة الصهيونية التوسعية التي يقودها الرجلان، تتطلب يقظة فلسطينية غير اعتيادية، وعملاً منسقاً على المستويات الفلسطينية والعربية والدولية،و انهاء الانقسام الفلسطيني ادراكا لخطورة الموقف وتجميعا للقوى الفلسطينية لبناء المستقبل ،ودفعا نحو مزيد من مساندة العالم للحقوق العادلة للشعب الفلسطيني.