بالرغم من أنّ رئيس الوزراء د. هاني الملقي، حافظ على عدد لا بأس به من وزراء الحكومة السابقة، كما كان متوقّعاً، بخاصة التكنوقراط، والإعلام والخارجية والتربية والتعليم والمالية والاتصالات والبلديات؛ إلا أنّ خروج وزير الزراعة من الفريق الوزاري لم يكن مفهوماً، إلا ضمن تدوير المواقع والمناصب.
المثلب الرئيس في التشكيلة الحكومية يتمثل في دخول أعداد جديدة غير مبررة من الوزراء إلى الفريق. وإن كان بعضهم من الشباب الصاعد المتنوّر، إلا أنّ الزج بأعداد كبيرة في الحكومة من الواضح أنّه كان نتيجة تداخلات متعددة، واسترضاءات، كالعادة، ما جعل الفريق الحالي يبدو مفتقرا لتجانس حقيقي بين أفراده!
أظن، وليس كل الظنّ إثما، أنّ هذه التشكيلة بصيغتها النهائية ليست اختيار الرئيس الجديد، وأنّ تشكيلته الأولى كانت أقل عدداً وأكثر انسجاماً. لكن للأسف، هكذا تشكّل كثير من الحكومات لدينا!
إذا كانت تلك تقاليد سياسية! فإنّ ما خرج عنها وشكّل صدمة لكثير من السياسيين والمراقبين، هو عودة وزير الداخلية سلامة حمّاد، بعد خروجه من الوزارة قبل قرابة أربعين يوماً فقط. خروجه كان مفاجأة كبيرة، وعودته صدمة!
عندما خرج الرجل من الحكومة، أثيرت شائعات وأقاويل كثيرة، وتمت فبركة قصص وأخبار عن سبب تلك المفاجأة، بخاصة أنّه جاء بالتعديل الحكومي في شهر أيار (مايو) 2015، ليخرج في شهر نيسان (أبريل) 2016، مع تعديل وزاري أجري اضطرارياً على حكومة د. عبدالله النسور لتولّي د. خالد كلالدة موقع رئاسة الهيئة المستقلة للانتخاب، فتمّ تغيير حماد مع الكلالدة!
تغيير حمّاد لم يكن إلا نتيجة إصرار رئيس الوزراء السابق
د. عبدالله النسور، على ذلك، فاستغل التعديل ليقحم اسم حمّاد ويصرّ عليه، بعد أن وصلت العلاقة بين الرجلين إلى مرحلة غير ممكنة من الخلافات والتحدّي والنديّة والمواجهة، خرجت أخبارها إلى العلن!
لم تكن هناك رغبة لدى دوائر القرار في ذلك التغيير، لكن الرئيس أصرّ عليه، وهكذا كان. وإن كنت للأمانة، شخصياً، انتقدت استحضار سلامة حماد بعد طول غياب وزيراً للداخلية، في المقال الأول الذي كتبته عنه، ورأيتُ ذلك بوصفه مؤشراً سلبياً، إلا أنّ أداءه حينها فاجأني، بجرأته وكفاءته، وفي إصراره على كشف أنياب الدولة في مواجهة ظاهرة الخروج على القانون والتمرّد والتطاول على الحق العام.
لنقل إنّ “مطبخ القرار” أراد تصحيح وإصلاح خطأ النسور، وهذا جيّد. ونتمنى من الوزير الجديد، الذي ساهم في إدارة انتخابات 1989، ضمن حكومة الشريف زيد بن شاكر، أن يساعد في تكرار التجربة النزيهة نفسها. لكنّ ما هو خارج المألوف والعرف السياسي الأردني ما حدث مع الوزيرين مازن القاضي ويوسف الشواربة!
الرجلان لم يمكثا في الحكومة أكثر من أربعين يوماً. ومن الواضح أنّهما قبلا الدخول إلى الحكومة الجديدة على قاعدة “اتفاق عرفي” أو ربما “جنتلمان”، بأنّهما لن يخرجا مع الحكومة التي لم يكن متوقعاً أن تعمّر طويلاً حين إجراء التعديل، وأنّهما -على الأغلب- سيكونان ضمن الفريق الجديد.
لم يُختبر الرجلان حقّاً، وخروجهما مؤذٍ لهما. وكان بالإمكان، طالما تمّ الزج بأسماء كثيرة على قاعدة “المحاصصة” و”الكوتات”، أن يبقيا في حقائب أخرى مثلاً. ولو تجاوزنا ما حدث مع الباشا مازن القاضي، وهو مدير أمن عام سابق ونائب سابق، وله باع طويل مع الدولة، فإنّ ما هو غير مقبول أكثر ما حدث مع الصديق اللطيف الدمث يوسف الشواربة!
مرّة أخرى، دخول لأسماء وخروج لأسماء على قاعدة غير الكفاءة والأهلية، بالرغم من تكريس قيمة جديدة لبقاء الأكفاء، كما حدث مع وزراء تكنوقراط أنجزوا جيداً في المرحلة السابقة.