عروبة الإخباري – كشف منتدى الاستراتيجيات الأردني، في تقرير له، عن تراجع ثقة المستثمرين الأردنيين والأجانب في الاقتصاد الوطني خلال العام الماضي.
جاء هذا الإعلان بناء على أداة جديدة أطلقها المنتدى أمس تتمثل بـ”المؤشر الأردني لثقة المستثمر”، والذي يعتبر الأول من نوعه على المستوى الوطني والاقليمي.
وكان المنتدى بنى هذا المؤشر بالاعتماد على 3 جوانب هي الثقة في النظام النقدي، والثقة في النشاط الاقتصادي الحقيقي، والثقة ببورصة عمان.
ووفق تقرير صادر عن المنتدى، فإنّ هناك تراجعا في ثقة المستثمرين شهده العام الماضي وذلك بـ3.8 نقطة، لكنه أشار الى تحسن خلال الشهرين الأولين من العام الحالي وذلك 2.7 نقطة.
تراجع ثقة المستثمر العام الماضي جاءت، وفق التقرير، بسبب تراجع مؤشري “النشاط الاقتصادي” و”بورصة عمان” خلال هذه الفترة، فيما كان التخفيف من حدة هذا التراجع بسبب تحسن طفيف طرأ على مؤشر “النظام النقدي” لذات الفترة.
وقال التقرير إنّ مؤشر”النشاط الاقتصادي” خلال العام الماضي تراجع بحوالي 3.1 نقطة وذلك بسبب انخفاض عدد الشركات المسجلة وإجمالي رأس مالها، إضافة إلى انخفاض حجم الائتمان الممنوح للقطاع الخاص وانخفاض حجم الإنتاج الصناعي وعدد رخص البناء الممنوحة، لكنه عاود للارتفاع خلال الربع الأخير من العام ليصل نهاية 2015 إلى 1.3 ويحافظ على هذا المستوى خلال أول شهرين من العام الحالي.
كما تراجع “مؤشر بورصة عمان” بنحو 1.6 نقطة؛ حيث يشير التقرير إلى أن هذا التراجع سببه تراجع طرأ على المؤشر خلال النصف الثاني من 2015، والذي يعود إلى استقرار مؤشر الأسهم في بورصة عمان وانسحاب العديد من الاستثمارات الأجنبية من السوق المالي.
وخفف من حدة تأثير تراجع المؤشرين السابقين، ارتفاع شهده “مؤشر النظام النقدي الذي ارتفع بـ0.9 نقطة، وذلك بعد ارتفاع إجمالي الاحتياطات الأجنبية لدى البنك المركزي وتقلص الفرق في سعر الفائدة بمقدار 0.75 نقطة بين كانون الثاني 2015 وشباط 2016.
وبحسب التقرير، فإن تحسنا على مؤشر “ثقة المستثمر” طرأ خلال بداية العام الحالي وذلك بسبب تحسن على مؤشر “بورصة عمان” الذي ارتفع في شباط (فبراير) العام الحالي بـ3.1 نقطة، بعد ارتفاع في حجم الاستثمارات الأجنبية.
وطغى تحسن هذا الجانب –وفق التقرير- على التراجع الذي شهده مؤشرا “الثقة في النظام النقدي” و”النشاط الاقتصادي” واللذان انخفضا بقيمة 0.3 نقطة، و0.1 نقطة على التوالي خلال شباط العام الحالي.
ويعزى انخفاض مؤشر النظام النقدي خلال هذا الشهر إلى انخفاض احتياطات البنك المركزي من العملات الأجنبية، فيما يعزى ثبات مؤشر “النشاط الاقتصادي” إلى ثبات نسبة الائتمان الممنوح للقطاع الخاص وثبات الرقم القياسي للإنتاج الصناعي، وارتفاع عدد الشركات المسجلة رغم انخفاض رأس مال الشركات.
ويعتمد المؤشر الأردني لثقة المستثمر على بيانات رسمية يزودها كل من: البنك المركزي الأردني، دائرة الإحصاءات العامة وبورصة عمان.
وينوي المنتدى إصدار المؤشر بشكل شهري في حال توافر كافة المعلومات من الجهات المعنية، فيما كان قد بدأ برصد ثقة المستثمر من خلال رصد جميع المؤشرات الفرعية بدءاً من شهر كانون الثاني (يناير) للعام 2007.
وكان التقرير ذكر أنّه في العام 2008 تحسن المؤشر بـ31.4 نقطة، مقارنة بالعام 2007، فيما تراجع العام 2009 و2010 بحوالي 23.2 نقطة، واستمر بالتراجع في الفترة 2011 و2012 بـ23.3 نقطة ليعود ويرتفع في الفترة 2013 و2014 بحوالي 26.3 نقطة.
رئيس مجلس إدارة منتدى الاستراتيجيات الأردني، الدكتور عمر الرزاز، اعتبر خلال حفل إطلاق المؤشر أمس أنّ الاستثمار تحد يواجهه الأردن قائلا، “إننا بحاجة إلى كل دينار أو دولار استثماري يأتي للبلد، وعلينا أن نعمل على استقطابه في كل الظروف”.
وأكد “علينا أن نبني مؤسسات ذات مصداقية عالية وذات حاكمية عالية لا تميز بين المستثمرين”.
وأشار الرزاز إلى أنّ الضعف الأساسي في الاقتصاد الأردني هو في الاستثمار، مشيرا إلى أنّ المنتدى عندما أطلق مؤشر الازدهار الأردني وجد بأنّ الضربة الكبرى التي تلقاها الاقتصاد الأردني خلال الفترات الماضية هي في تدني حجم الاستثمار.
وأكد على أنّ المنتدى قرر إصدار المؤشر بشكل شهري لأنه يعكس نبض الشارع فيما يتعلق بثقة المستثمر ومعرفة الأسباب التي توطد أو تزعزع هذه الثقة، ما يساعد في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
وكان الرزاز أشار إلى الفرق الكبير بين مستوى الاستهلاك في الأردن ومستوى الاستثمار، ففي اقتصادات الدول الكبرى يترجم ارتفاع إجمالي الاستهلاك إلى ارتفاع في حجم الإنتاج والاستثمار، إلا أن هذا ليس واقع الحال في الاقتصادات الصغيرة المفتوحة على التجارة الخارجية، فكلما زاد الاستهلاك في المملكة زاد العجز في الميزان التجاري بسبب زيادة المستوردات.
وقال الرزاز إن نتائج المؤشر الأردني لثقة المستثمر تحاكي الواقع الفعلي، فنرى أن المؤشر وصل إلى أعلى قيمة له في العام 2008، إلا أنه بدأ بالهبوط إثر انخفاض الثقة مع بدء الأزمة المالية العالمية، وبعد تعافيه في العام 2010 وبداية 2011 إلا أنه عاود الهبوط في العام 2011، 2012 إثر تداعيات الربيع العربي حتى وصل في نهاية 2012 إلى 75 نقطة، عاود بعدها الارتفاع في العام 2013، 2014 إثر بدء العمل ببرنامج الإصلاح المالي وتأثر في العام 2015 بسبب إغلاق الحدود وانخفاض الصادرات.
وذكر الرزاز أنه سيتم إضافة مؤشرات أخرى تساعد في القياس وفي إعطاء صورة أوضح عن ثقة المستثمر، حيث يتم العمل على توزيع استطلاع بشكل دوري لأخذ تأثير العوامل الأخرى التي قد تؤثر على ثقة المستثمر.
المدير التنفيذي للمنتدى، هالة زواتي، أشارت إلى الجهد الكبير الذي قام به المنتدى خلال العام المنصرم لتطوير المؤشر الأردني لثقة المستثمر، حيثُ أن هذا الجهد يتماشى مع رسالة وأهداف المنتدى الذي يسعى إلى تعظيم دور القطاع الخاص في التنمية الشاملة والمستدامة.
كما أكدت أن تحقيق التنمية الاقتصادية لا يتم دون وجود استثمارات داعمة، والتي بدورها لن تتوفر بالشكل المطلوب، إلا إذا كان المستثمرون على ثقة بالاقتصاد الوطني.
وقدم الباحث، يعقوب الشوملي، ممثلاً عن منتدى الاستراتيجيات الأردني، عرضا توضيحيا أشار من خلاله إلى أن هذا المؤشر يقيس أثر تغيير السياسات الاقتصادية والتطورات الإقليمية والصدمات الخارجية على ثقة المستثمر، مضيفاً أن لمؤشرات الثقة بشكل عام دورا أساسيا في تعزيز فهم الاقتصاد الكلي.
وقال الشوملي إن هذا المؤشر تم تطويره باستخدام منهجية رياضية تستخلص ثقة المستثمرين من خلال التغيير في المؤشرات الفرعية المختارة.
كما أوضح أنه قد تم انتقاء المؤشرات الفرعية المندرجة تحت المؤشر النهائي لأنها تصدر بشكل شهري وتتأثر بقرارات المستثمرين، وكانت مصادر هذه البيانات هي البنك المركزي، ودائرة الإحصاءات العامة وبورصة عمان. واستكمل الشوملي حديثه مؤكداً أن النتائج النهائية التي قام المنتدى برصدها منذ شهر كانون الثاني (يناير) للعام 2007 حتى شهر شباط (فبراير) من العام الحالي تحاكي الأحداث الواقعية، وتعكس التطورات التي طرأت على البيئة الاستثمارية والاقتصادية في الأردن.
وكان المنتدى عقد حلقة نقاشية حول المؤشر أدارها رئيس مجلس إدارة الاستشاريون العرب لتنمية الأعمال ليث القاسم، أكد خلالها رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع على أنّ للمؤشر دورا محوريا في فهم طبيعة الاستثمار في الأردن، خصوصا أن المستثمر هو من يدرس الجدوى من استثماره، فمن الضروري تقييم شعور المستثمر تجاه البيئة التي يستثمر بها.
فيما أشارت رئيس هيئة الاستثمار سابقاً وعضو غرفة صناعة عمان، ريم بدران، أن منتدى الاستراتيجيات الأردني يتمتع بمصداقية عالية مما يجعل من هذا المؤشر مؤشراً شفافاً وحيادياً، وأضافت أنه لطالما كانت مناقشات التشريعات الاقتصادية ناقصة لأننا لا نستطيع تحديد أثر القرارات التي يتم اتباعها على المستثمرين، إلا أنه يتوفر لنا الآن أداة تسمح لنا بدعم قراراتنا وتقييمها من خلال أرقام وحقائق، وذلك حتى تنصب التشريعات في تحسين البيئة الاستثمارية وتحسين الاقتصاد الأردني بشكل عام. كما أضافت أن من أهم ميزات هذا المؤشر هو قدرته على تقييم أثر السياسات الاقتصادية بسرعة وبدقة عالية.
وقال عميد كلية الأعمال في الجامعة الأردنية، زعبي الزعبي، إن الشراكة مع المنتدى تعتبر رافعة للقطاع الأكاديمي، وأن المؤشر الأردني لثقة المستثمر يعد أداة إنقاذ في الوقت الحالي لأنه يسلط الضوء على جانب العرض من السوق على عكس الاقتصاد التقليدي الذي ينظر في جانب الطلب فقط. كما أضاف أن المؤشرات الفرعية المندرجة تحت المؤشر النهائي تمثل أهم أحد عشر سؤالاً قد يتم طرحها على المستثمرين في المملكة.
واستكمل الزعبي حديثه مؤكداً أن كلا من الطلبة والأكاديميين سيستفيدون من هذا المؤشر كونه يتطرق إلى الواقع ويعكس التطورات الاقتصادية بشكل فوري.
من جهته، أعرب سكرتير تحرير الدائرة الاقتصادية في وكالة بترا للأنباء، فائق حجازين، عن أهمية هذا المؤشر في مساعدة الصحفيين للترويج للاستثمار في الأردن، وأكد على ضرورة وضع سياسات من شأنها الحفاظ على المستثمرين الحاليين، وجذب مستثمرين جدد حيث أن الكثير من رجال الأعمال قاموا بتوجيه استثماراتهم خارج المملكة نظراً للتحديات والصعوبات التي يواجهونها، وأهمها عدم الاستقرار التشريعي.
واختتمت الفعالية بأسئلة وتعليقات من الحضور حول المؤشر الأردني لثقة المستثمر، حيث أشاد العديد بالخطوة الإيجابية التي بادر بها المنتدى لتحفيز الاستثمار في الأردن ودعم صناعة القرار، كما استفسر الحضور من أعضاء وضيوف المنتدى عن المنهجية المتبعة في بناء المؤشر وتكوينه