المستور والمعلوم من سطوة “المال السياسي”/بسام حدادين

شدد قانون الانتخاب الجديد، العقوبات على رشاوى “المال السياسي” أثناء الحملة الانتخابية للمرشحين..

ممتاز، ولكن ماذا عن رشاوى “المال السياسي” قبل بدء الحملة الانتخابية؟.. ماذا نسمي تسيير قافلات الحج والعمرة من نواب وسياسيين وراغبين بالترشح للانتخابات وليس من حاج او معتمر من هؤلاء من خارج الدائرة الانتخابية؟.. ماذا نسمي توزيع طرود “الخير” على الغلابى والمساكين والأرامل، او التبرع للجمعيات والنوادي، في إطار الدائرة الانتخابية طبعا ؟!.. ماذا نسمي توزيع الزكاة على كشوفات معدة سلفا بمسطرة انتخابية مدروسة وفي إطار الدائرة الانتخابية أيضاً؟.. وماذا؟ وماذا؟ وماذا؟ وفي إطار الدائرة الانتخابية أيضاً!!

انه المال السياسي المغلف “بالورع” “والالتزام الديني” و”أعمال البر والإحسان”!!

لست مخولا بالإفتاء إذا ما كانت هذه الأفعال تدخل في ميزان حسنات هؤلاء المنتخين رقيقي القلب والباحثين عن رضا رب العالمين!!. لكني افتي سياسيا وأقول بملء الفم انه “المال السياسيي “يا صاحبي.

ما العمل إذن لنمنع هذا التصيد “للفقراء والمحتاجين والأيتام والأرامل وعابري السبيل”؟. هل نكبل ايدي “المحسنين” عن عمل الخير؟.. هل نمنعهم من دخول الجنة؟

بالطبع لا. على العكس، المطلوب تشجيعهم على عمل الخير وإعفاء تبرعاتهم من ضريبة الدخل أيضاً. لكن وفق آلية تشرف عليها الدولة تعمل بشفافية وتحت رقابة المجتمع المدني وبمشاركته. من يرغب بتحمل نفقات حجاج او معتمرين يقدم ماله الى مؤسسة تعنى بهذا الشأن، من بشفق على الفقراء والمحتاجين يقدم ماله لمؤسسة رسمية تعنى بهذا الشأن . من يرغب بإنفاذ فريضة الزكاة، ليقدم زكاة ماله الى مؤسسة رسمية تعنى بالزكاة، حينها لن تعرف يده اليسرى ما فعلته يده اليمنى. هكذا لن نقاوم “المال السياسي” فحسب بل ننظم اعمال البر والإحسان وإدارة أموال الزكاة. انظروا ماذا وكيف تعمل تكية ام علي مثلا او صندوق الحج والعمرة او صندوق الزكاة.

التشريعات والقوانين هي من يجب ان ينظم هذه الأعمال الخيرية والدينية والإنسانية ويحدد من هي الجهات المعنية بهذه الأعمال ويخضعها لرقابة صارمة وعدالة وشفافية في التوزيع ومنع الاستغلال من فاعل الخير والمتلقي على حد سواء.

التشريعات والقوانين يتوجب عليها منع عمل “الخير” خارج القنوات الرسمية او المخولة بذلك وأنا هنا استثني الجمعيات التي يؤسسها النواب وطالبي الجاة التي انتشرت كالفطر، فاصبح للعديد منهم جمعيات “خيرية “تسبح بحمدهم.

أخيرا لا بد من القول بان مكافحة المال السياسي اثناء الحملة الانتخابية ليست مسؤولية الهيئة المستقلة للانتخاب ، فهي غير قادرة على القيام بهذه المهمة ووجود نص في قانون الانتخاب يجرم المال السياسي لا يعني حصر المهمة بالهيئة ، انها مهمة الدولة بكل أجهزتها التي عليها ان تستنفر لتطبيق القانون.

دلوني بالله عليكم كيف ستمارس الهيئة سلطتها لتطبيق القانون، هل تملك الهيئة أذرعا وأدوات غير أذرع وأدوات الدولة، نحن لا نتحدث عن قانون السير الذي تناط مسؤلية تطبيقه وتحرير المخالفات لرجال السير دون غيرهم.

اللهم ارحمنا من ” المال السياسي ” المعلوم منه والمستور فانت العليم ما بالصدور.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري