مصطفى بدر الدين القائد العسكري في “حزب الله”.. اللغز في حياته ومماته

عروبة الإخباري- يطغى الغموض على ظروف مقتل مصطفى بدر الدين، القائد العسكري اللغز لـ “حزب الله” في سوريا، إن لناحية هوية المنفذين، أو كيفية تنفيذ هذه العملية، في وقت لم يصدر أي توضيح رسمي من الجهات الحزبية المعنية حتى الساعة.

ويقول مصدر أمني سوري لـ “وكالة فرانس برس″ إن الانفجار وقع ليل الخميس الجمعة في مستودع قرب مطار دمشق الدولي، حيث كان بدر الدين موجوداً، موضحاً أن أحداً لم يسمع ضجيج طائرة قبل الانفجار، كما أن أحداً لم يعرف أن بدر الدين كان موجوداً في هذا المكان.

ويشكّل المطار ومحيطه جزءاً من منطقة المعارك في السيدة زينب، التي تسيطر عليها قوات النظام السوري بشكل أساسي إلى جانب وجود لمقاتلين إيرانيين ومن “حزب الله”، فيما تقع أقرب نقطة للفصائل المعارضة على بعد سبعة كيلومترات.

ويعدّ مقام السيدة زينب مقصداً للسياحة الدينية في سوريا، وخصوصاً من أتباع الطائفة الشيعية من إيران والعراق ولبنان. وبرّر “حزب الله” تدخلّه العلني في القتال في سوريا في نيسان/أبريل 2013 بالدفاع عن المقامات الدينية.

وبدأ بدر الدين المتحدر من جنوب لبنان، والبالغ من العمر نحو 55 عاماً، نشاطه السياسي والعسكري في صفوف مجموعة قتالية تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، قبل أن ينضم بعد الاحتلال الإسرائيلي للبنان في العام 1982 إلى صفوف “حزب الله”.

انخرط بدر الدين في تنفيذ هجمات عدة، طاول أبرزها في العام 1983 السفارتين الفرنسية والأميركية في الكويت حيث اعتقلته السلطات هناك.

وفي العامين 1984 و1985، تعرّضت طائرتان الأولى في الكويت، والثانية تابعة لشركة خطوط جوية أميركية للخطف وتغيير مسارهما. وطالب الخاطفون بالإفراج عن المدانين بالاعتداء على السفارات الاجنبية، وبينهم بدر الدين، الذي تمكّن في العام 1990 من الهروب من سجنه خلال الغزو العراقي للكويت.

 تداعيات “محدودة”

وتتم محاكمة بدر الدين مع أربعة من رفاقه في الحزب غيابياً أمام المحكمة الخاصة بلبنان قرب لاهاي، بعد اتهامه بأنه “المشرف العام على عملية” اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في بيروت في شباط/فبراير 2005، والتي أدت الى مقتل 22 شخصاً آخرين بينهم منفذ الاعتداء.

ورفض “حزب الله” تسليم المتّهمين الخمسة متهماً المحكمة باستهدافه وبالانحياز لإسرائيل والولايات المتحدة.

وبعد اغتيال زوج شقيقته، القائد السابق عماد مغنية، بتفجير سيارة مفخخة في دمشق العام 2008، حلّ بدر الدين مكان الأخير وكان مسؤولاً عن عمليات “حزب الله” في سوريا، التي تشهد نزاعاً مستمراً منذ 2011.

ويجمع معظم المحللين على أن لمقتل بدر الدين تداعيات محدودة على قدرات “حزب الله”. وتقول الباحثة الأولى في مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهى يحيى لـ “فرانس برس″ “رغم أنه المسؤول الأرفع عن العمليات السرية، والموكل بوضع الخطط الميدانية، أشك في أن تترك وفاته أثراً على عمليات هذه المنظمة في سوريا”.

وتضيف “لا تتكئ عمليات “حزب الله” على شخص واحد، إنما تشكل جزءاً من حلقة أوسع مرتبطة بالقيادة الإيرانية”.

ويرى الباحث المشارك في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى نيكولا بوييار أن لمقتل بدر الدين “تاثيراً رمزياً ونفسياً بالدرجة الأولى (…) باعتبار أنه قيادي مخضرم واحد أبرز الكوادر العسكرية” في الحزب.

وتقول المحللة المتابعة لشؤون “حزب الله” كيارا كالابرازي إن “هذا الاغتيال لن يؤثر على الحزب على المستوى العسكري”، لافتة إلى أن “شخصاً آخر لديه المؤهلات سيحلّ مكان” بدر الدين.

 منفذو العملية

وللمرة الأولى، لم يسارع “حزب الله” إلى اتهام إسرائيل عدوّته اللدودة، التي غالباً ما يتهمها باغتيال قادته وكوادره.

ويوضح بوييار “لم يتهم “حزب الله” رسمياً حتى هذه اللحظة أي طرف. ويمكن لإسرائيل، كما للفصائل المعارضة، أن تكون منخرطة موضوعياً في هذا الاغتيال”.

لكنه يتدارك أن “هذا (الاغتيال) حصل في ضاحية دمشق قرب منطقة المطار الخاضعة لسيطرة النظام. وهناك بالتالي عمل استخباراتي تم قبل ذلك، وقد يكون شمل أطرافاً سوريين وإقليميين عديدين”.

ويعتبر الباحث اللبناني ومؤلف كتاب “دولة حزب الله” وضاح شرارة أن “حزب الله محرج للغاية، فاتهامه إسرائيل بتنفيذ غارة جوية يضع في دائرة الشك فاعلية روسيا في حماية الأجواء السورية”.

إضافة إلى ذلك، يرى شرارة أنه “يجب عدم استبعاد احتمال أن يكون هذا الاغتيال نتيجة التوتر الشديد بين النظام وروسيا وايران”.

وقد أعلن نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم إن نتائج التحقيق ستعلن صباح السبت على أبعد تقدير.

دور “حزب الله” في سوريا

من غير المرتقب أن يؤدي مقتل مصطفى بدر الدين إلى تغيير في دور “حزب الله” في سوريا إلى جانب قوات النظام.

وقال الشيخ نعيم قاسم خلال التشييع “أيّها القائد، لقد تحرّر لبنان معك، وتلقّى الإرهاب التكفيري خسائر كبيرة، وقد أذهل ذلك العالم، وقد حملت الأمانة ولم يتغير الاتجاه، وبقتلك أعطوا دفعة جديدة إلى مسيرتنا التي تعطي الشهيد تلو الشهيد والقائد تلو القائد لترتفع الرّاية. نحن أهل الشهادة والنصر”.

ميدانياً، يقول شرارة إن هناك نحو خمسة آلاف إلى ستة آلاف مقاتل من الحزب يتناوبون بمعدل ألفين. ويضيف أن “دورهم يقوم على سد ثغرات الجيش السوري والحفاظ على الأراضي التي تتم استعادتها”.

وتقول مصادر إن “حزب الله” قد يكون فقد ألف إلى ألفي عنصر في سوريا، لكن نيكولا بوييار يقول إن مشاركته في الحرب “ليست موضع شك، أولاً بسبب شعور بالتضامن الطائفي، ثم بسبب الخوف الوجودي من تهديد جهادي، وثالثاً بسبب واقع أن اسرائيل تدخّلت بشكل مباشر ضد “حزب الله” في سوريا”.أ ف ب

Related posts

طهران لا “تسعى” للتصعيد… 37 بلدة بجنوب لبنان دمرتها إسرائيل

الانتخابات الأميركية… نهاية للحرب على غزة أم استمرار لها؟

(فيديو) الرئيس الأستوني: يجب حل العديد من الأمور قبل الاعتراف بفلسطين