محكومون بالـ”مؤبّد” و”الإعدام” يشاركون بعملٍ مسرحي داخل السجن

عروبة الإخباري – خلف جدران سجن في شرق بيروت مل نزلاؤه من حساب الأيام والسنين وزاد المرض العقلي بعضهم بؤساً تطل من خلف القضبان بادرة أمل تقتبس من فن المسرح نوراً يضئ ظلمات زنزاناتهم.

ورغم الحيز الصغير الذي يشغله مسرح أقيم حديثاً داخل سجن رومية إلا أن السجناء يعتبرونه مساحة للتعبير عن آرائهم وفرصة لمد جسر يوصل أصواتهم إلى المجتمع المدني بشكل فني وبناء.

على هذه القاعدة جاءت مسرحية (جوهر في مهب الريح) للممثلة والمخرجة والمعالجة بالدراما زينة دكاش وتمثيل مجموعة من السجناء بعضهم محكوم عليه بالمؤبد أو الإعدام.

قصة منسيين خلف القضبان

تأتي المسرحية ضمن مشروع (قصة منسيين خلف القضبان) المنفذ من قبل مركز كتارسيس بدعم من الاتحاد الأوروبي وبالتعاون مع وزارتي الداخلية والعمل وهو مشروع يهدف إلى تحسين الوضع النفسي والقانوني للسجناء ذوي الأمراض النفسية والسجناء المحكوم عليهم بالمؤبد.

يروي السجناء قصصهم وقصص زملائهم لبضع ساعات من خلال خمسة عروض تستمر حتى الخامس والعشرين من مايو/ أيار. وقدم العمل أمام شخصيات رسمية وممثلي المجتمع يوم الأربعاء.
وقالت زينة دكاش التي تتابع قضايا السجون اللبنانية منذ عام 2007 “نجري تدريبات على المسرحية منذ سنة ونصف السنة داخل السجن وهي نتاج لجلسات علاجية بالدراما صارت مع حوالي 40 سجيناً منهم من لديه أمراض نفسية ومنهم من هو محكوم بالمؤبد أو الإعدام.”

وأضافت لرويترز “المسرحية تضم 40 ممثلاً لإيصال رسالتين الأولى لها علاقة بالمؤبد والإعدام ورسالة لها علاقة بالمريض النفسي مرتكب الجرائم وهو في السجون.”

الاضطرابات النفسية للسجناء

وتتزامن هذه المسرحية مع دراسة تبحث في مدى انتشار الاضطرابات النفسية الشديدة لدى السجناء في سجني بعبدا ورومية والتي تشير إلى ارتفاع نسبة معدل انتشار الأمراض النفسية في السجون بالمقارنة مع عموم السكان ودراسة قانونية تقارن بين القانون الحالي في لبنان والقوانين المعتمدة في دول أخرى والتوصل في النهاية لمسودة مشروع قانون سنداً للدراستين.

وقال النائب غسان مخيبر الذي يتابع قضايا السجون في لبنان بعد حضوره العرض في سجن رومية “المسرحية تلفت النظر إلى مشاكل ما زالت تعاني منها السجون منذ عقود طويلة من الزمن دون أن تتطور فعلياً. لا توجد إرادة جدية فعلية في تطوير واقع السجون.”

وأضاف لرويترز “هناك بعض الأعمال التشريعية التي عملنا عليها منذ سنوات طويلة البعض منها أدى إلى نتائج. المسرحية ركزت على البعد المتعلق بالأمراض العقلية للسجناء الذين يعانون من أمراض عقلية لا يمكن الشفاء منها.”

وتابع قائلاً “أهمية المسرحية أنها ترتبط بعمل تشريعي مع برلمانيين وقضاة وصناع قرار ووزارات معنية لتطوير القوانين. هي دعوة للإصلاح وهو مسعى للعمل لتطوير القوانين.”
ومنذ إطلاق مشروعها للعلاج بالدراما وتقديم مسرحية (12 رجلاً غاضباً) التي قدمتها في سجن رومية للرجال حصلت دكاش على احترام وإعجاب المسجونين.

شهرزاد ببعبدا

وعام 2012 قدمت 13 سجينة في عمل مسرحي تحت عنوان (شهرزاد ببعبدا) في إطار عملية إصلاح السجينات وإعادة تأهيلهن داخل السجن.
ويقول بيار أبي صعب الكاتب في جريدة الأخبار اللبنانية عن تجربة دكاش الأخيرة “المسرحية تأتي في إطار أن الفن مرآة للمجتمع.”

وأضاف “زينة دكاش تحوّل السجين من شخص سلبي في المجتمع إلى فنان. هذه لحظة مجده لحظة وقوفه على المسرح ليصبح فناناً.”

وتابع قائلاً “الأمر الآخر.. هناك جانب الضغط الإنساني لتغيير القوانين. هذا المجرم أنتجه مجتمع ولم يقع من السماء وبالتالي زينة تعوض جزءاً من أخطائنا في هذا المجال.”

Related posts

مؤسسة شومان تكرم الفائزين بجائزتي »الباحثين العرب« و»أدب الأطفال« للعام 2024

بمبادرة سعودية وحضور أردني… (الأسبوع العربي في اليونسكو) لوحة فسيفسائية لتنوع وجمال التراث

(صور) أحمد الهاشمي أول طفل إماراتي يحصل على “جائزة الموهبة الصاعدة” من اليونسكو