عن العلاقات الأردنية الخليجية/د.محمد السفر

كنت في عمان الأردن مطلع شهر مايو الحالي للمشاركة في اجتماع الهيئة الاستشارية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (اسكوا)، وقدر لي الالتقاء بنخب رفيعة المستوى من أهل الأردن الشقيق، وكان حديثنا عن الأردن وما يحيط به من أخطار خارجية، وما يعتور طريق نموه وازدهاره من عقبات داخلية، منها اللاجئون والنازحون والعاطلون، والمعضلة الاقتصادية وشح الموارد وضيق ذات اليد.

(2)

يعبر بعض من تلك النخب المرموقة التي التقيت بها عن خيبة أملهم من تعامل أهل الخليج معهم ومع قيادتهم، يقول أحدهم وهو محتد في الحديث، أهل الأردن ليسوا من قبائل النيجر أو السنغال أو من قبائل سكان الحبشة ولسنا من قبائل غجر أوروبا المتنقلين، نحن قبائل عربية خرجت في عصر الفتوحات من بلاد العرب حاملة الرايات العربية، حاربنا بقيادات عربية جحافل الفرس والروم وتصدينا لغزوات الفرنجة لبلاد العرب ومقدساتهم في فلسطين، قيادتنا اليوم من أصول هاشمية قرشية ليسوا أصحاب عمائم سود، حاربنا مع أهلنا في الخليج بلا منة كل حروبهم العسكرية والأمنية، وشاركناهم في معارك التنمية بكل حقولها (التعليم والإعلام والإدارة) قدمنا ونقدم كل ما ينفع أهلنا في الخليج لأننا نعتبر أنفسنا من أهل جزيرة العرب. لماذا تشيحون بوجوهكم عنا وأبصاركم شاخصة نحو أقصى حدود الوطن العربي غربا، وتلمح أبو الهول بكرم جم رغم عثراته، وليست بيزنطا أكثر قربا منا أو أكثر ولاء، ماذا طلب منا ولم نستجب له؟

تناول الحديث شخصية أخرى لها مكانتها يقول: عتابنا لكم عتاب المحبين وليس سواه، تستقبلون قادتنا بأقل دفء من استقبالكم لقيادات عربية أخرى ـ تطول لقاءاتكم بالآخرين وتختصر معنا وكأنكم على عجل، هم، ونحن أقل منكم ثراء، ولكننا لسنا أقل منكم مكانة ورفعة، لنا مكانتنا والتاريخ يشهد. طائراتكم تمر في أجوائنا متجهة شمالا وجنوبا شرقا وغربا وأيدينا ممدودة إلى السماء ندعو الله أن يحفظكم ويسدد رميكم وينفع بكم الأمة وأن يحفظكم من كل بلاء، وكم كنا نتمنى أن تحط طائراتكم في مطاراتنا لترون صدق الاستقبال ودفء المحبة والاحترام.

(3)

استأذنت مضيفنا في الحديث وقلت: قادتنا ونحن أبناء الخليج العربي لم نشح بوجوهنا عنكم، كنا معكم وما برحنا معكم، كانت آخر زيارة للملك عبد الله الثاني للمملكة العربية السعودية وجرى له استقبال رسمي، لكن ليس كاستقبال الملك محمد السادس ملك المغرب كما تقول بعض الروايات(كلام غير قابل للنشر)، ورغم قصر الزيارة إلا أنها كانت مثمرة كما تقول وسائل الإعلام، ثم كانت زيارة الملك لدولة الإمارات العربية المتحدة، في الزيارة الأولى وقعت اتفاقيات على تنفيذ مشاريع اقتصادية ضخمة بين السعودية والأردن تعتبر الأولى من نوعها، وقد كتبت الصحفية الإسرائيلية سميدار بيري المختصة بالشؤون العربية في صحيفة يدعوت احرانوت الإسرائيلية،” أن تلك الاتفاقيات ستدر مالا سعوديا طائلا الأول من نوعه إلى الأردن ” (1 مايو الحالي). وكما أن مجالسكم تعج بعتاب المحبين لبعض دول الخليج العربي فإن مجالس أهل الخليج تعج بعتاب عليكم أيضا، ولأني من دعاة تقوية العلاقات بين الأردن الشقيق ودول مجلس التعاون فإني أورد عتابنا على الدبلوماسية الأردنية هنا، وليس قابلا للنشر أو تداول ما سأقول في وسائل الاتصال الاجتماعي وأرجو أن نلتزم عدم نشر ما سأقول، إلا موضوعا واحدا أورده خارج التحفظ ذلك هو ” أن رئيس وزراء دولة خليجية طلب زيارة الأردن منذ أشهر ولم يتلق ردا سلبا أو إيجابا وهذا تجاهل غير مقبول بين الأشقاء”. استمعت بكل حواسي لما قلتم عن مؤتمر المانحين في لندن بأن المتعهدين بدعم الأردن ماليا لم يفوا بالتزاماتهم وكذلك المانحين في قمة شرم الشيخ العربية وأن بعض الدول الخليجية لم تف بالتزاماتها التي تعهدت بها للأردن. ليس عندي تفاصيل ولكن من الملاحظة والمقارنة أقول: لعل تلك الدول المانحة سواء في لندن أو شرم الشيخ طلبت من الأردن تقديم مشاريع ودراسات جدوى بهدف تمويلها من قبل تلك الدول، جملة القول: أتمنى على كل دولة عربية وعدت بمنح مالية للأردن أن تفي بها لأن وضع الأردن الاقتصادي لا يحتمل.

(4)

أشك في أغراض ما تكتبه الصحافة الإسرائيلية عن الشأن العربي، وأخشى أن يعود بآثار سلبية على العلاقات الخليجية الأردنية، والأردنية الأردنية، فيجب التوقف عند كل فقرة في مقالة (سميدار بيري) آنفة الذكر وتحليل مضمونها، فعندما تقول إن عبد الفتاح السيسي قدم أرضا للسعودية (صنافر وتيران) لاحظوا ما حدث في مصر بعد ذلك. فماذا عسى الأردن يقدم للسعودية هل سيقدم أراضي لصالح جسر سلمان وقواعد عسكرية سرية، وماذا سيستفيد السعوديون مقابل أموالهم؟

إن الإشادة والمبالغة في قولها عن الاتفاقات والترتيبات الاقتصادية والمشاريع وزيارات رجال الأعمال السعوديين للأردن من تنظيم وترتيب “الداهية” د. باسم عوض الله أمر يبعث على القلق، فالرجل في تقدير الكثير من النخب السياسية الأردنية ليس من الرجال الذين يشار إليهم بالبنان، لكنهم لا يشكون في قدراته.

تسأل شخصية أردنية مرموقة ماذا سيحدث في الأردن إذا لم يشْرع السعوديون في تنفيذ ما وعدوا في حضور الملكين سلمان وعبد الله ووقعوا عليه مؤخرا في الرياض؟ يجيب المتحدث: ستفقد الجبهة الداخلية مصداقية الملك ومستشاره باسم عوض الله وترد الفشل إلى جذور الأخير، وهنا تنقسم الجبهة الداخلية بين مؤيد ومعارض الأمر الذي يقود إلى عدم الاستقرار.

آخر القول: أتمنى على القيادات السياسية في الأردن أن ينأوا بأنفسهم عن الخلافات الخليجية الخليجية تصريحا أو تلميحا.

كما أتمنى على قادة مجلس التعاون أن يسارعوا في الاندفاع نحو الأردن لما فيه خير للجميع.

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات