أوغلو يزيد شروخ «العدالة والتنمية».. وأوردغان يعزز قبضته

عروبة الإخباري- أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سلطته في حزب العدالة والتنمية الحاكم، بخروج رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، ما يزيد الشروخ داخل الحزب، لكن هذه الخطوة دفعت المعارضة في الحزب إلى العمل السري، بدلاً من تعزيز الوحدة في صفوف الحزب، الذي يتجه إورغان إلى إحكام قبضته عليه.

وجاء إعلان أوغلو أنه لن يرشح نفسه مرة أخرى زعيماً للحزب في المؤتمر الذي يعقده الحزب في 22 آيار (مايو) الجاري، ومن ثم سيتنحى عن رئاسة الوزراء ليعزز قبضة إردوغان في سعيه للحصول على التأييد للنظام الرئاسي الكامل.

لكن إعلان أوغلو يسلط الضوء أيضاً على شروخ خلف الواجهة الموحدة للحزب الذي أسسه إردوغان قبل 15 سنة، وحكم تركيا منذ ذلك الحين، وشهدت البلاد في سنواته الأولى زيادة كبيرة في ثروة تركيا وتعاظم نفوذها.

وقال مسؤول رفيع في الحزب لوكالة «رويترز»، طالبا عدم نشر اسمه: «ثمة فريق داخل الحزب غير مرتاح لمسار الأمور. وهذا واقع».

وأضاف المسؤول أنه «لا توجد احتمالات تُذكر لحدوث انقسام علني على المدى القصير»، مشيراً إلى الخطاب الذي ألقاه أوغلو الخميس الماضي، ودافع فيه عن سجل أعماله خلال رئاسة الوزراء، لكنه طالب أيضاً بوحدة الصفوف في الحزب، وتعهد ألا يذكر إردوغان بسوء.

وتابع: «إردوغان هو الزعيم الأوحد من دون شك»، لكنه أضاف أن التذمر قد يعود ليؤرقه. وقال: «إذا لم تسر الأمور على ما يرام فربما تتجدد الخلافات وتكتسب الأصوات المعارضة دعماً جديداً».

وأغضب ما أخذه إردوغان في الآونة الأخيرة من خطوات خصومه خارج حزب «العدالة والتنمية»، واتهموه بمخالفة الدستور بالانخراط في السياسة الحزبية، على رغم أن من المفروض ألا يكون رئيس الدولة منتمياً إلى حزب.

وينفي إردوغان ذلك، وقال إنه يتصرف في حدود سلطاته المشروعة باعتباره «رئيساً منتخباً في انتخابات ديمقراطية».

وأقلق إردوغان أيضاً حلفاءه الغربيين والمستثمرين الأجانب الذين يخشون أن تؤدي تقوية سلطات الرئاسة من دون ضوابط وأسس رقابية إلى إضعاف سيادة القانون في بلد يعد محورياً للحرب التي تقودها الولايات المتحدة على تنظيم «الدولة الإسلامية»، ولجهود أوروبا في احتواء أزمة الهجرة.

وما زال إردوغان يواجه مساراً صعباً لتأمين التعديل الدستوري الذي يريد أن يحول به نظام الحكم في تركيا من ديمقراطية برلمانية إلى نسخة تركية من النظام الأميركي أو الفرنسي الذي يملك فيه رئيس الدولة السلطة التنفيذية.

ولتحاشي ضرورة إجراء استفتاء وتعديل دستوري يحتاج الحزب الحاكم إلى تأييد ثلثي أعضاء البرلمان المكون من 550 مقعداً، أي ما يزيد على مقاعد الحزب البالغ عددها حالياً 317 مقعداً. وسيكون التصويت في البرلمان بالاقتراع السري أي أنه يمكن لبعض نواب الحزب الحاكم التصويت برفض التعديل.

وقال مسؤول ثان في حزب «العدالة والتنمية»، كان عضواً في اللجنة التنفيذية للحزب، وكان على صلة وثيقة بالرئيس السابق عبدالله غول: «ما يريده (إوردغان) هو الطاعة الكاملة. ولهذا لم يفلح الأمر مع داود أوغلو».

ومثل أوغلو كان غول في وقت من الأوقات يعتبر ثقلاً موازياً لنفوذ إردوغان في الحزب. وقال المسؤول الثاني: «يجب أن يستمر الكفاح داخل الحزب. فهذا الحزب حزبنا، ولا نفكر في الاستسلام والرحيل»، لكنه قال رداً على سؤال إنه لا يعرف ما سيكون عليه هذا الكفاح.

وقبل أقل من أسبوع من إعلان أوغلو أنه سيتنحى؛ جرده الحزب من سلطة تعيين مسؤولي الحزب على مستوى الأقاليم، في خطوة قطعت الصلات التي كانت تربطه في القاعدة الشعبية، وعززت نفوذ إردوغان.

ولم يعترض على هذه الخطوة سوى ثلاثة من أعضاء اللجنة التنفيذية التي تضم 51 عضواً. وقال مسؤولون إن أوغلو نفسه أدلى بصوته لصالح التغيير في محاولة أخيرة لتفادي مواجهة علنية.

وقال مسؤول آخر رفيع مقرب من الرئاسة: «ربما كان في الحزب جناح معارضة. ولكن لا يبدو أن من الممكن ظهور انقسام علني». وقدر أن عدد المعارضين في أي اقتراع سري في الحزب «لن يتجاوز العشرة».

وأضاف: «بالطبع في الاقتراعات الحساسة مثل التعديل الدستوري سيكون لعشرة أصوات أهمية بالغة. لكن بمرور الوقت ومع استقرار الوضع من الممكن أن يتبدد هذا الخطر».

ومن المحتمل أن يسعى إردوغان إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة، لمحاولة غربلة الأصوات المعارضة في الحزب، والإفادة من ضعف التأييد للمعارضة المؤيدة للأكراد، واستغلال أزمة القيادة في حزب الحركة القومية اليميني، وكلها أمور قد تعزز غالبية حزب «العدالة والتنمية».

ولإردوغان سجل في إبعاد المعارضين في الحزب. إذ انشق وزير المال السابق عبداللطيف شنر الذي شارك في تأسيس الحزب، ليشكل حزباً جديداً العام 2009، بعد خلاف مع إردوغان، لكن هذا الحزب أغلق في غضون ثلاث سنوات.

واختلف الرئيس السابق غول، وكذلك نائب رئيس الوزراء بولنت أرينتش مع إردوغان، الذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس الوزراء، بسبب أسلوبه في التعامل مع مظاهرات واسعة مناهضة للحكومة العام 2013، وسرعان ما اختفى الاثنان من صدارة الأحداث.

ورسم مقال في صحيفة «ستار» المؤيدة للحكومة في اليوم التالي لإعلان أوغلو رحيله، صورة نادرة لشروخ في الحزب. وقال الكاتب أحمد تاسجيترن إن خروج رئيس الوزراء «خلق قلقاً وحزناً واستياءً»، بين البعض على مستوى القاعدة الشعبية للحزب.

لكن المعارضين يتجنبون لفت الأنظار إليهم الآن، ويراقبون ما يتحقق من تقدم صوب نظام الرئاسة التنفيذية واحتمال إجراء استفتاء على التعديل الدستوري.

وقال أتيلا يسيلادا المحلل لدى «غلوبل سورس بارتنرز»، التي تقدم استشارات للمستثمرين الأجانب: «كل شيء يتوقف على هذا الاستفتاء. وإذا نجح فسيستسلمون لقدرهم، ويقبلون بما يخصص لهم في تركيا في ظل إردوغان».

وأضاف «وبغير ذلك سنشهد صراعاً هائلاً على السلطة داخل حزب العدالة والتنمية».(رويترز)

Related posts

الفيدرالي يخفض الفائدة فما الانعكاسات على الأسواق؟

ترامب سيرشح السناتور ماركو روبيو لمنصب وزير الخارجية

الشرطة الهولندية تحتجز 50 شخصا في تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين