بعد مصادقة مجلس الأعيان هذا الأسبوع على التعديلات الدستورية، ومن ثم تعديل التشريعات ذات الصلة لتنسجم مع نص الدستور فيما يخص مزدوجي الجنسية، سيصبح بمقدور هؤلاء الترشح للانتخابات النيابية المقبلة، وتولي المناصب الوزارية، ودخول مجلس الأعيان، من دون أي عوائق.
لا نعرف على وجه التحديد أو التقريب نسبة الأردنيين الذين يحملون جنسيات ثانية، ولم يسبق أن اطلعنا على استطلاع رأي أو دراسة مسحية تتناول هذا الجانب من التركيبة السكانية في الأردن. وربما يكون من المناسب إجراء مثل هذه الدراسة في الوقت الحالي، وما إذا كانت الظاهرة بالحجم الذي استحقته من سجال في الآونة الأخيرة.
وسيكون من المفيد أن نتبين نسبة مزدوجي الجنسية من بين مرشحي الانتخابات المقبلة، وحصتهم في المواقع الوزارية وعضوية مجلس الأعيان في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية. وإلى أي مدى كان الازدواج معيقا لمن يرغبون بالمشاركة في الحياة السياسية.
لكن بعد أن تمتعت هذه الفئة بحقها حسب الدستور، هل تجدون من المناسب وضع نص في تعليمات وأنظمة الانتخاب يُلزم المرشح بالكشف عما إذا كان يحمل جنسية ثانية أم لا؟
قد يرى البعض أن هذا الشرط ينطوي على تمييز يتنافى ونص الدستور. لكن لننظر للموضوع من زاوية أخلاقية وسياسية. في الديمقراطيات العريقة، وحتى الناشئة، أصبح من حق جمهور الناخبين الاطلاع على كل تفصيل في حياة المرشحين، وسيرتهم المهنية والشخصية، وحالتهم الصحية. ويتعدى في بعض الدول الأمر إلى حد الخوض في علاقاتهم الخاصة، والنبش في ماضيهم. وإذا تبين أن أحد المرشحين قد أخفى جانبا من حياته؛ ما اتصل منها بالعلاقات النسائية مثلا، أو بالشراكات في عالم الأعمال، أو غيرهما، فإنه بلا شك سيواجه بردة فعل سيئة من الناخبين، وقد يضطر إلى الانسحاب من السباق الانتخابي.
لا أحد يناقش في حق من يحمل جنسية ثانية في الترشح للانتخابات أو دخول الوزارة؛ فقد اكتسب هذا الحق بموجب الدستور. وبما أن حمل جنسية ثانية بات قانونيا لمن يرغب في خوض غمار العمل العام، فما الذي يخشاه إذا بادر هو إلى مكاشفة الجمهور بهذه المعلومة؟
هل يمكن أن يؤثر ذلك على حظوظه في الانتخابات؟ ربما، خاصة إذا عمد إلى إخفاء الحقيقة. أما إذا بادر إلى كشفها، فقد يحسب ذلك في ميزان مصداقيته.
وأكثر من ذلك، لربما يكون الانطباع السائد عن رفض الأغلبية لتولي مزدوجي الجنسية مناصب عامة في الدولة، غير دقيق، ومجرد انطباع خاطئ ساهمت “الميديا” في ترويجه على أنه اتجاه عام، وهو ليس كذلك.
من يدري، فقد يصبح ازدواج الجنسية ميزة للمرشح في نظر الناخبين؛ إما لكونه بوابة تساعده على رعاية مصالح الأردن ودعمها في “وطنه الثاني”، أو تقديم خدمات مباشرة لقاعدته الانتخابية، وتسهيل معاملاتهم في بلده الثاني، والحصول على جنسية ذلك البلد. تذكروا أن هناك قطاعا عريضا، خاصة من الشباب، يحلمون بالهجرة. أوليس هؤلاء قاعدة انتخابية يمكن أن تضمن الفوز في الانتخابات؟!