فقط هو اجتماع الهيئة العامة للبنك الأردني الكويتي الذي يتحول إلى مناسبة سياسية، ينتظر المتابعون ما سيخرج عنها من تصريحات سياسية لرئيس مجلس إدارة البنك، ورئيس الوزراء الأسبق، عبدالكريم الكباريتي، وهو المعروف بكونه مُقلّاً بالكلام والتصريحات.
فاجتماع الهيئة العامة لـ”الأردني-الكويتي” يبدو بمثابة منبر يكشف فيه الكباريتي عن تقييمه ورؤيته للوضع العام محليا، وارتباطه بالإقليم. وغالباً ما يحمل الناس كلام الرئيس الأسبق ويتبادلونه باعتباره خبرا مهما، لاسيما أن أحكام الكباريتي وكلامه يقدمان، كما بات معروفاً، بلا تزويق وتجميل.
في الاجتماع الأخير الذي عقد أول من أمس، رجّح الكباريتي، وهو المقرب من مراكز قرار في منطقة الخليج العربي، أن “لا يكون الأردن على أولويات دول مجلس التعاون الخليجي”، رغم أنها كانت على الدوام سندا قويا ومنيعا للأردن. وقد برر هذا الرأي الحساس بالظروف التي تمر فيها البلدان الخليجية، والتي جعلتها تغيّر في استراتيجياتها، ولاسيما “هبوط أسعار النفط وانشغال تلك الدول بأولوياتها المحلية”؛ خصوصا أن جزءاً كبيراً من أموالها يذهب لتمويل ثورات وحروب المنطقة.
تقديرات الكباريتي بعدم تجديد المنحة الخليجية للمملكة، على النقيض مما ذكره مسؤول أردني مهم في مناسبة أخرى، تدفع إلى ضرورة الوقوف أمام واقعنا المالي الصعب، للتفكير في حلول بديلة، لأن المبلغ السنوي المقدم من دول الخليج، ومقداره مليار دولار سنويا، أسعف الموازنة العامة ومكنها من الإنفاق الرأسمالي خلال السنوات الخمس السابقة.
نظرة الرئيس الكباريتي لم تكن إيجابية، وتشخيصه لم يكن متفائلا بشأن الواقع الاقتصادي الصعب، لاسيما أن شريكين اقتصاديين رئيسيين للأردن، وهما العراق وسورية، في حالة أزمات لا تبدو لها نهاية. ويرتبط بذلك ما ألمح إليه الكباريتي من ضرورة التعامل بواقعية مع حضور إيران في المنطقة، كما الشركاء الآخرين في الإقليم.
مقاربة الرئيس بخصوص إيران لم يقلها بصراحة، لكنه أشار إلى إمكانية التعامل معها مصلحيا في ظل تعقد الحال في سورية والعراق. منبهاً إلى أن أميركا تتعامل مع طهران مصلحيا وتعترف بنفوذها في العراق؛ بما يوجب أن لا نكون، وهو ما لم يقله الكباريتي، محافظين أكثر من الأميركيين أنفسهم.
في سياق آخر، تضمنت مرافعة الكباريتي اعترافات مستمدة من خبرته الطويلة في رئاسة مجلس إدارة “الأردني-الكويتي”، وتحديدا تجربة العمل مع شركة “المستثمرون العرب” قبل سنوات، والتي ما يزال البنك يحاول التخلص من تبعات ديونها المتعثرة. وقد انكشف البنك بنحو 64 مليون دينار لشركات عقارية، تمت تغطيتها من خلال مخصصات على مدار السنوات الأربع الماضية.
الرجل المُقلّ في ظهوره الإعلامي، والمتحفظ كثيرا على الفكرة من الأساس، يسعى في كل مناسبة ظهور عامة إلى إرسال رسالة شاملة، بتسجيل مواقف وملاحظات، تلخص مراقبته للمشهد عن بعد، من دون التنازل عن شرط رئيس، هو المصلحة العامة؛ مع نصائح يسديها بشكل غير مباشر، لاسيما في الشأن الاقتصادي.
بالمحصلة؛ الاقتصادي السياسي عبدالكريم الكباريتي، يرى أن الظرف الاقتصادي المحلي استثنائي، ويحتاج بالتالي إلى رؤية استثنائية، تأخذ بعين الاعتبار أن كل ما يحيط بالأردن لا يساعده أبدا، في ظل المعطيات والسياسات الحالية، على الخروج من عنق الزجاجة.