تعهدت الحكومة، على لسان أكثر من وزير كان آخرَهم وزيرا الداخلية مازن القاضي الذي تسلم منصبه قبل أيام، ووزيرة الاتصالات مجد شويكة، ببدء إصدار البطاقات الذكية الجديدة للمواطنين خلال أقل من شهر. وبحلول نهاية آب (أغسطس) المقبل؛ أي بعد ثلاثة أشهر، سيصار إلى تسليم 3 ملايين بطاقة.
وخلال زيارتها ووزير الداخلية إلى دائرة الأحوال المدنية أول من أمس، أجرت الوزيرة شويكة عملية تجريبية لاستصدار البطاقة الذكية، لتؤكد من خلالها سهولة وسرعة استخراج البطاقات للمواطنين.
لا نعلم إن كان هناك شهود من الصحفيين على تجربة شويكة؛ فقد يبدو الأمر سهلا من الناحية التقنية، لكن هل سيكون كذلك في التطبيق العملي؟
هذا الجانب من المشروع لم يحظ بالاهتمام الكافي. فطوال الأشهر الماضية، انشغلت الحكومة ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالترويج لمواصفات البطاقة الذكية، وما تحمله من علامات أمنية وفنية يصعب تزويرها، وخدمات يمكن إنجازها بسهولة ويسر.
لكننا كمواطنين لم نسمع شيئا عن آلية صرف البطاقات الذكية. وثمة أسئلة كثيرة لم تطرح بشكل مباشر: هل يتوجب على كل مواطن أن يراجع مكاتب الأحوال المدنية شخصيا للحصول على البطاقة الذكية؟ وهل المواطن ملزم بتقديم المعلومات الخاصة به لموظف الأحوال المدنية؛ زمرة الدم وأرقام الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والضريبي، وما له وما عليه في المحاكم، بالإضافة إلى رخصة القيادة ورخصة اقتناء السيارة، ورخصة المهن لما يملك من عقارات؟ هل يتطلب إصدار البطاقة الجديدة إحضار صورة شخصية؛ أي إن كلفة إضافية ستترب على المواطنين؟
كيف ستتم العملية؟ وكم ستأخذ من الوقت لتلقيم كل هذه البيانات لجهاز الكمبيوتر؟
هل من رسوم سيدفعها المواطن لقاء الحصول على البطاقة الذكية؟ وهل يتطلب إصدارها مراجعة مكتب الأحوال المدنية أكثر من مرة واحدة، خاصة أننا نتحدث عن 3 ملايين بطاقة يراد إصدارها في أقل من ثلاثة أشهر؟ وما هو إجمالي المبلغ المقدر لكلفة إصدار البطاقة على المواطن؛ الصور وفحص الدم وسواها من البيانات المطلوبة؟
وإذا لم يتمكن مواطن من إصدار البطاقة في الفترة المذكورة، لأسباب تتعلق بوجوده خارج البلاد أو عجزه، فهل تعتبر السلطات بطاقته الحالية باطلة؟
ماذا عن المغتربين؟ وهل سيكون بمقدورهم الحصول على البطاقات الذكية من سفاراتنا وقنصلياتنا في الخارج؟
في حال لم يتمكن مواطن من الحصول على البطاقة الذكية قبل انتهاء مهلة الثلاثة أشهر، فهل يحق له المشاركة في الانتخابات النيابية باستخدام البطاقة الحالية؟
هناك من المسؤولين من يقول إن الحصول على البطاقة الذكية هو شرط للمشاركة في الانتخابات النيابية؛ هل هذا صحيح؟ وهل درست الجهات المعنية أثره على نسبة المشاركة في الانتخابات؟
هذه هي الأسئلة التي تعني أي مواطن يسير في الشارع، وتحتاج لإجابات مباشرة ترافقها حملة إعلامية لتعميمها على جميع المواطنين. أما الكلام المنمق والتقني الذي سمعناه مؤخرا، فلا يفيد في شيء، ولا يساعد أبدا في إنجاز مهمة ثقيلة بهذا القدر.
بعد الحصول على إجابات شافية لتلك الأسئلة، يمكن للمرء أن يوافق على الدخول في رهان على نجاح الحكومة من عدمه في إصدار 3 ملايين بطاقة ذكية، وضمان استلامهما خلال 3 أشهر.