فور الإعلان عن قرار الحكومة، يوم أمس، باستدعاء السفير الأردني في طهران عبدالله أبو رمان، كان لا بد من العودة إلى شريط الأخبار لمعرفة ما إذا صدر موقف من طهران يخص الأردن أو أي دولة عربية يستدعي مثل هذا الإجراء العاجل.
بالطبع، لم يكن هناك شيء من هذا القبيل. لكن عنصر المفاجأة في توقيت القرار بدا مثيرا للاهتمام، وأكثر منه المطالعة الحكومية لتبريره وشرحه، والتي استندت إلى رواية متسلسلة للأحداث منذ بدء الأزمة بين إيران ودول الخليج بعد توقيع الاتفاق النووي مع الغرب، مرورا بحادثة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، وسياسة إيران الاستفزازية تجاه دول خليجية، ودورها في سورية والعراق.
البيان ذاته تقريبا كانت قد استندت إليه الحكومة عندما استدعت سفير طهران في عمان وأبلغته احتجاج الأردن على سلوك بلاده في المنطقة، واستنكارها الشديد للاعتداء على مقر السفارة السعودية.
وفي ذلك الوقت اكتفت الحكومة الأردنية بهذا الإجراء، ولم تقدم على خطوة استدعاء أو سحب السفير الأردني، على غرار ما فعلت دول عربية وخليجية، تضامنا مع المملكة العربية السعودية.
يبدو أن الموقف السياسي الأردني في حينه اتخذ بناء على تقدير غير دقيق؛ إذ ساد الاعتقاد بأن استدعاء السفير الإيراني في عمان سيكون كافيا لإرضاء الأشقاء الخليجيين من دون الحاجة لخطوة أبعد من ذلك، استنادا لجملة من المعطيات الواقعية. ليتبين فيما بعد أن تخلف الأردن عن باقي الركب لا يلقى قبولا لدى دول خليجية، كانت تأمل من الأردن إسنادا كاملا في المواجهة المفتوحة مع إيران.
وبدا من سياق التحركات السعودية في المنطقة، وزيارات خادم الحرمين لدول مثل مصر وتركيا، ما يستدعي مبادرة أردنية لا بد منها للبرهان على صدقية الموقف الأردني الداعم لدول الخليج ونهجها المتشدد حيال إيران.
من هنا جاءت خطوة الحكومة “المتأخرة” باستدعاء السفير بمثابة تضامن بأثر رجعي مع دول الخليج، وليس ردا على تطور جديد في العلاقات مع إيران.
وهذا بالتحديد ما يثير الأسئلة في أوساط الرأي حول دوافع الخطوة الأخيرة؛ إذ يرى الكثيرون أن الأردن لم يقدم عليها عندما كانت مبرراتها قائمة قبل أشهر، ثم يعود إليها بعدما انتفت هذه المبررات، لا بل في وقت تفتح طهران أبوابها على مصراعيها للشركات الاستثمارية من كل الدول، وتدير مفاوضات غير مباشرة مع دول خليجية بشأن الأزمة في اليمن، وتعمل جنبا إلى جنب مع الدبلوماسية الخليجية في جنيف.
لكن أيا كانت الدوافع الأردنية لهذا الموقف، فإن التقديرات تذهب إلى ربطها بمبادرات خليجية من الوزن الثقيل تجاه الأردن، لمساعدته على تخطي المحنة الاقتصادية التي يواجهها، وأعباء الإقليم المنهكة.
هل تفي خطوة استدعاء السفير للتفاؤل بدعم خليجي وشيك للأردن، أم أن هناك خطوات أخرى ما تزال على قائمة الطلبات؟