الساعدي .. يعلق الجرس.. ويقبل تحديات العراق الاقتصادية

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب – ظل يعيش الواقع العراقي بتفاصيله ويرصد المتغيرات فيه لم يكن محسوبا على طرف جاء او طرف ذهب ولكنه كان مع العراق في كل افراحه واحزانه .. كان مع العراق حين كان يعطي وظل مع العراق حين احتاج العراق الى كل ابنائه والى المخلصين منهم لترابه.. عانى ودفع ثمن ما حدث . لم يستعجل الغنيمة ولم يكن ممن تربصوا لها . بل انصرف الى الدراسة اولا ليستكمل بناء نفسه في مجال الهندسة الصناعية في بريطانيا، وحين كان العراقيون يعيشون الحصار والجرح النازف كان قد وظف الهندسة ليصنع المضخات التي تحمل الماء حين تتعطل الكهرباء، وقد كانت صناعته مساهمة في ارواء الفقراء العراقيين ودعم بقائهم.. وقد ظل يبني بعيدا عن التراب العراقي، ولكن قلبه ظل يخفق للعراق، وعيونه لا تغادر حالته..
في المنفى بنى كما بنى كثير من العراقيين . وفي الاغتراب اقام اطارا اقتصاديا اجتماعيا هو مجلس الاعمال العراقي الذي استوقف الكثيرين واستقطب الكثيرين وجعله بيتا عراقيا للاستثمار والخبرة .
ولان النجاح يقود الى النجاح، والعطاء لا يعرف حدودا فقد كان الدكتور ماجد الساعدي عراقيا مخلصا واردنيا مخلصا .. تجلت اسهاماته الاردنية في العديد من المشاريع الكبيرة والناجحة التي اقامها، والتي بلغت اكثر من تسعة مشاريع منها فندق ملينيوم عمان الفائز بالجائزة المميزة لاحسن الفنادق لثلاث دورات اضافة الى مركز تدريب الطيارين .. وشركة مواد غذائية واضافة الى العديد من الشركات الكبرى، وامتدت شراكاته في الخارج وكان لمصداقيته في التعامل ما لفت انتباه الحكومتين الاردنية والعراقية، فأصبح عمله جسرا واصلا بين البلدين وشكلت مبادراته العديدة والعملية اسهامات ملحوظة، تجلت في بلورة فكرة مد خط انبوب النفط العراقي من البصرة الى الاردن، وعقد اكثر من لقاء مع اكثر من وزير ومسؤول كان ابرزها ما عقد في فندق ملينيوم وفي هذا السياق، ومن قبل استقبل الملك عبدالله الثاني الدكتور الساعدي واعضاء مجلس الادارة في مجلس الاعمال العراقي، وبارك عمله منذ انطلاقته وساهم في التوجيه. ومع ازدياد الرغبة لدى الساعدي في تأصيل العلاقة وخاصة في المجال الاقتصادي، ودفعها للامام كانت فكرته في بناء المنتدى الاقتصادي العراقي الذي اراده مدماكا عاليا وراسخا في بناء الاقتصاد العراقي، وبالتالي اعادة اعمار العراق بصورة افضل واسرع فكان تحركه الملموس، واللقاء مع رئيس الوزراء الاردني عبدالله النسور . وكانت المبادرة بمثابة الدعوة لاصلاح الحال الاقتصادي، وبالتالي الاجتماعي العراقي ولان الساعدي لا يؤمن بالشعارات وبالصراخ وينحاز الى المواقف العملية وتوظيف الخبرات التكنوقراطية فقد جاءت ولادة المنتدى الاقتصادي العراقي ليشمل كل الاطراف المدنية والمنظمات العاملة في مجال الاقتصاد العراقي في الخارج وامتدادها في الداخل . فكان المؤتمر التأسيسي للمنتدى الاقتصادي العراقي في عمان اوائل شهر ابريل نيسان من عام 2016 حيث القرار بعقد المؤتمر الاول على ارض العراق في 25/4/2016 وحيث كان الاجتماع التمهيدي ضم (12) منظمة عاملة في الشأن الاقتصادي العراقي وقد انضم الى اللقاء الـتاسيسي الأول (23) نائبا برلمانيا عراقيا من اعضاء مجلس النواب الحاليين كما اصدر اللقاء بيانا كان يفي بالغرض ويشرح التوجهات ويبين الدوافع والاسباب والحاجات الماسة لبناء الاقتصاد العراقي على اسس اخرى جديدة وشفافة ..
الساعدي الذي ظل يعمل من خارج الاطر الرسمية العراقية ادرك اخيرا ان الاصلاح يحتاج الى موقع اكثر تأثيرا والى صلاحيات تمكن الفكرة من النمو والاثمار وظلت طروحاته تراود اذهان اصدقائه في العراق في السلطة وخارجها وفي عديد من الاحزاب ولدى الاغلبية من النواب .. ولان الساعدي مستقل ووطني ولا يؤمن بالمحاصصة ولا يرى ان العراق لغير العراقيين بكل اطيافهم والوانهم ومعتقداتهم . ولانه كان كذلك فقد ظل مترددا ان يزاحم الشخصيات التقليدية والمستهلكة والشعارية والمؤمنة بالمحاصصة او التي تقيم مواقعها وامجادها على حساب الشعب . كان يرى المليارات التي تنفق على البنية التحتية ولابنية تحتية وعلى الكهرباء ولا كهرباء وعلى التعليم والصحة وغيرها في حين ظل وضع العراقيين يراوح في مكانه..
ما انجزه الدكتور الساعدي على اكثر من مستوى وفي اكثر من مناسبة ومحفل ولقاء ومؤتمر وحتى على صعيد اعماله الخاصة لفت انتباه العديد من الجهات التي بادرت للاتصال به او سهلت له الاتصال بها ومجالستها والحوار معها من اجل العراق.. ولما كان الرأي العام العراقي متوتر ومحتقن ويقف على ابواب انتفاضة عارمة يدعو للاصلاح والتغيير ويلاحظ ان هناك دائما من يركب الموجة او يجهض التغيير او يعيد توظيفه لنفس المعطيات وتكريس الواقع وان بالوان مختلفة
كنت ارى من خلال المراقبة كيف يتصرف الدكتور الساعدي ويتعامل مع كل الاطراف القريبة والبعيدة .. المؤثرة والاقل تاثيرا في ان الرجل يقبل القسمة على الجميع ويشكل قاسما مشتركا اعظم ولذا اراد ان يخوض التجربة بعد ان دفعه الاعلام بالكتابة المتعددة عن ذلك ..
في المعطيات الخبرية انه قابل المرجعية في العراق والتي باركت توجهه ورغباته التغييرية واطلعت على افكاره وامكانية ان تتحقق وقابل اطيافا سياسية وشخصيات مركزية نافذة رأى ان ما يقربه فيه خلاص. كما ان الساعدي المتخرج من بريطانيا والحائز على الدكتوراة والمكرم على اكثر من نجاح وعمل وعضو العديد من المحافل الاقتصادية وحتى السياسية لفت انتباه سفير الولايات المتحدة الاميركية في العراق الان وهو السفير الذي عمل في الاردن والذي مازال يؤيد رئيس الوزراء العبادي ويرى ضرورة اعطائه مهلة اخرى لا تزيد عن عامين لينجز برنامج الاصلاح المطروح والذي انفق وقتا طويلا من التردد في انجازه حين ظل يعود في غالب الاحيان الى نقطة الصفر فقد كان العبادي يصطدم بقناعات حزبه وقواعده..
الدكتور الساعدي الان شخصية واعدة يعلق عليها العراق آمالا وهو يعمل دون ان يحتسب الموقع وان احتسب فلان الموقع يمكنه اكثر . ولذا لم يكن لديه اعتراض ان يتولى مواقع وزارية تنفيذية في مجال الخدمات كالنقل والاتصالات والبنية التحتية حتى من موقع وزير يسند الحكومة القائمة ويمكنها من كسر جمود الحلقات لتخرج من المراوحة..
لدى الساعدي برنامج عمل واضح عبر عن تفاصيله في اكثر من جلسة ولقاء وهو لا يرى صعوبة في التنفيذ حين تصح الارادة وتتوفر العزيمة ويرى ان التعاون مع الاردن هام وفيه مداخل للانطلاق ..
ولان العراق له عمق عربي واقليمي وبعد دولي مهمين فان الرجل يرى دائما ضرورة تبادل وجهات النظر والاطلاع على مواقف كل الاطراف ولذا فانه محاور ذكي يقبل الاخر ويحرص على تقديم المصلحة العراقية ويعتقد اصدقاء الساعدي انه اطلع اطرافا عربية على سعيه من اجل ان يكون له في السياق السياسي الموقع الذي يستطيع التغيير من خلاله ولذا فانه اليوم مرتاح لمواقف كثير من الاطراف العربية المؤثرة في الحالة العراقية ..
يرى الساعدي ان المدخل للسياسة الناجحة والعملية والمثمرة وذات العوائد على الشعب هو المدخل الاقتصادي والبرامج الاقتصادية الاصلاحية والتنموية ومن هنا جاء تجسيد فكرة المنتدى الاقتصادي العراقي الذي تقدم لرئاسته وفاز بها بالانتخاب وهو يرى المنتدى رافعة للعمل من اجل العراق ومن اجل دور تنموي واقتصادي ومشارك في صنع القرارات الوطنية بشأن الخطط المستقبلية خاصة وان العراق مازال يواجه صعوبات كبيرة وكثيرة ان في العملية السياسية والوحدة الوطنية او في انخفاض اسعار النفط وتراجع الميزانيات وجمود التنمية . يصاحب ذلك سوء ادارة واسع وملموس وتفشي الفساد وعدم الاحساس بالمسؤولية ..
يراهن الساعدي على القطاع الخاص في بناء المجتمعات وتحفيز المبادرات والمرونة ويرى ان الذراع التي سيعمل من خلالها هي المنتدى الاقتصادي العراقي الذي يشكل سندا وظهيرا ونموذجا . فالحاجة للقطاع الخاص كما يرى كبيرة خاصة في ظل العجز الشامل عن القدرة لمواجهة الفساد والانكماش الاقتصادي وايضا مواجهة الارهاب بصيغ مختلفة تمكن الناس من ادراك مصالحهم ومن الانخراط في معركة مواجهة الارهاب باعتباره المهدد لحياتهم وحياة اجيالهم من بعدهم ..
ويرى الساعدي ان تشخيص الخلل الاقتصادي والاجتماعي في العراق جاهز ومعاين وان الحاجة هي في اطلاق العلاج بروح وطنية ومبادرات عامة شجاعة وان رؤية الساعدي واضحة وهي مشتقة من لغة المجتمع الدولي ورؤيته وليس اختراعا للدولاب او اسقاطا لتصورات طوباية ..
فقد استفاد من الرؤية الدولية ومن المبادرات التي اطلقت في الخارج وفي عمان والتي شبكت مع جهات دولية واقليمية وعراقية عديدة ..
والساعدي يعمل فوق الطاولة وبشفافية ومن خلال بغداد . ويرى ان وجود تكتل اقتصادي كبير ومؤثر يقوم على اسس مؤسسية محمية من القانون وشفافة يمكن العراقيين من الاستئناس به ويرى ضرورة ان يكون للمنتدى وجود فاعل حتى يتمكن من طرح الحلول العملية التي تدفع باتجاه الانقاذ وحتى لا يتكرر فشل المبادرات السابقة المتفرقة وغير المؤثرة ..
ان وجود كتلة نيايبة مهمة يجمعها اطار المنتدى الاقتصادي على اختلاف ميولها السياسية ويصل عددها لاكثر من (13) نائبا يشكل ضمانة على الجدية والثقل المناسب والرغبة في التغيير ..
العراق لا تحل مشاكله هكذا دفعة واحدة. فلابد من تفكيك هذه المشاكل واعادة بناء الجسم العراقي ولذا فان الحلول للحالة العراقية كما يرى الساعدي محددة وموصوفة وغير معومة تبدا بمعالجة قطاعات هامة كالكهرباء والنقل وهيكلة المصارف . ويرى ان الحكومة بحاجة الى مثل هذا المنتدى كمبادرات وخبرة وليس المنتدى هو الذي بحاجة الى الحكومة كما يعتقد بعض الذين يعتقدون ان المنصب تشريف لا تكليف وانه منفعة لا تضحية من اجل شعب عانى الكثير
فالنجاح الاقتصادي يقود الى استقرار اجتماعي وسياسي وهذا شرط مهم لسحب البساط من تحت اقدام الارهابيين ومن يوفرون البيئة لهم بابقاء تعكير المياه والصيد فيها ولان القطاع الخاص العراقي مازال مغيبا فان الحلول مازالت بعيدة فالقطاعات الرسمية الغارقة في البيروقراطية والمتعبة بالمحاصصة لا تستطيع الانجاز وان شغلت بمصالحها مواقع القوى المنتجة ..
حان الوقت لسماع صوت القطاع الخاص العراقي واعادة الاعتبار له وامتصاص غضبه وتمكينه من ان يلعب دوره..
فقد نجح العراقيون في بناء استثمارات هامة وكبيرة في كل البلدان التي حلوا فيها حين ساعدتهم البيئات الاستثمارية على ذلك .. وحتى مع التضييق في اكثر من ساحة كان الراسمال العراقي يجد دائما طريقة للبناء ومعاودة المبادرة ..
قد يستطيع الساعدي ان يعمل من المنتدى الاقتصادي العراقي حكومة ظلّ اقتصادية عراقية ولهذا يرى ضرورة تلقيح العمل من خلال اشغال وزاري للخطط المقترحة لديه لتنفيذ ذلك في اطارات رسمية وخاصة ان هناك امكانية لتبني خطة خمسية تستطيع اظهار مدى نجاح المنتدى على العمل .. ولا تستطيع حاويات العمل في المنتدى وبافكاره ان تشبك مع القاطرة لمواصلة القطر الا اذا تغيرت الوزارة الراهنة لصالح التوسيع لمثل هذه الروافع الجديدة والتنسيق معها والتفاعل مع افكارها ومبادراتها وقبول خططها ..
ويرى المنتدى ومهندسه الاول الدكتور الساعدي ان خطة العبادي الموصوفة بالاصلاح هي اقرب الى الطرح الشمولي والى المثالية والتعميمية وهي مزيج مستنسخ من مشاريع تغريبية لا تتطابق والحالة او الصورة العراقية فالاصلاح يشتق من الواقع العراقي ويبني عليه ولا يقوم بحشر المعطيات غير المنسجمة في اطار واحد مهما كان مزركشا وبالتالي تبقى المسالة الاهم عند الساعدي وهو ان الاصلاح لا يقوم بالمحاصصة التي هي عدو الاصلاح الاول والقاتلة لكل نباتاته لان المحاصصة يهمها تعبئة الفراغ بغض النظر عن الحشوة وتقبل المكونات بغض النظر عن كفاءة ممثليها ..
ويرى الساعدي ان احد طرق الاصلاح الاقتصادي هي في الخصخصة التي تنقذ الشركات من التعثر ويستشهد بالتجربة الاردنية الناجحة في هذا السبيل ويصل التصور بالساعدي حد المطالبة بالنظر الى العراق كشركة كبيرة تحتاج لمجلس ادارة ناجح وطواقم ادارية كفوءة لانقاذه من التعثر وهو التصور الذي يعترض عليه منظرو الحكومات ودعاة الخصوصية ..
ويؤمن الساعدي بالنموذج ويرى ضرورة اقامة نموذج يخدم الافكار التي يدعو لها في بغداد للانطلاق من هناك والبناء على النجاح المتحصل منه.. فالعيب احيانا لا يكون بالقوانين وانما في التطبيق ومن هنا اهمية النموذج والقياس عليه .. ويرى ان البداية يمكن ان تكون بالخدمات لكنه يعول الاهمية على الصناعة .. والبدء في اقامة منشآت صناعية نموذجية يحتذى بها .. ويطرح الساعدي تصورات عملية ودقيقة ويرى ان عودة الاستثمار لا تكون بالوعظ والمناشدة وانما بالاجراءات العملية لجذب المستثمرين وخلق البيئة المناسبة للاستثمار .. افكار الساعدي برسم التنفيذ وهو بحاجة الى رافعة حكومية تتبناها ولا بأس ان كان صاحب الافكار هو مهندس المشروع من داخل الكابينة الحكومية العراقية.

Related posts

الشوبكي: الحديث عن 9.3 تريليون قدم مكعب من احتياطي الغاز قيمتها 70 مليار دولار تحمل الحكومة مسؤولية كبيرة

تعاون مشترك يهدف إلى خفض انبعاثات الكربون في الشرق الأوسط

الاقتصاد الوطني يخسر 150 مليون دينار سنوريا جراء الهجمات السيبرانية