المستقلة للانتخابات في يومها الأول/ فهد الخيطان

رئيس وأعضاء الهيئة المستقلة للانتخاب بتشكيلتها الجديدة في وضع لايحسدون عليه؛ ففي الطريق إلى الانتخابات النيابية المتوقعة قبل نهاية العام الحالي مهمات ثقيلة تتطلب عملا حثيثا لإنجازها.

جهاز الهيئة الفني والإداري يحتاج لعملية تحديث وتطوير واسعة لتحسين قدراته وإمكانياته اللوجستية،  واستعادة الزخم المطلوب لإدارة مهمة المرحلة المقبلة.

والانتخابات المقبلة ستجري وفق نظام انتخابي جديد ومختلف كليا عن النظام الحالي.  الخبر السار هنا أن مهندس النظام الدكتور خالد الكلالدة،  هو من يتولى رئاسة الهيئة المستقلة. لكن التحدي الصعب هو في قدرة كوادر الهيئة على التكيف مع متطلبات النظام الجديد، وتطبيقه، وامتلاك الأدوات الفنية اللازمة لتحويله أسلوب عمل مفهوما وسلسا.

التحدي الثالث، هو في استعادة مكانة الهيئة كمؤسسة مستقلة ومهنية في نظر جمهور الناخبين، والوفاء باستحقاقات النزاهة التي تكفل إجراء انتخابات تحظى نتائجها بالصدقية والثقة لدى الجمهور من ناخبين ومرشحين.

التحدي الرابع، يتمثل في التصدي لمهمة شرح قانون الانتخاب الجديد والأنظمة والتعليمات المنبثقة عنه للرأي العام، وتكوين تيار شعبي عريض، صديق للهيئة يشكل رافعة تحفز الناس على المشاركة في الانتخابات؛ إنتخابا وترشيحا.

تحتاج الهيئة وعلى نحو سريع لتدشين منصة إلكترونية مهنية وعصرية للتفاعل مع الجمهور،  ومشاركته التحضيرات للعملية الانتخابية خطوة خطوة، والتشبيك مع الفاعلين في المجتمعات المحلية وقطاعات الشباب والمرأة، وبالطبع الأحزاب السياسية والنقابات، ووسائل الإعلام،  بهدف تكريس مبادئ الشفافية لدى جمهور طالما ظل متشككا بما يجري خلف الأبواب المغلقة.

في الآونة الأخيرة تشكل انطباع بفعل ممارسات غير مهنية بأن هيئة الانتخابات مجرد جهاز إداري تابع للحكومة.  المطلوب في المرحلة الحالية وبصراحة هو استعادة هيبة الهيئة كمؤسسة مستقلة، تمثل جمهور الناخبين وتدافع عن حقوقهم الدستورية في إدارة انتخابات، نيابية أو بلدية تعكس مخرجاتها خيارات الناس، وتلبي مصالح الدولة العليا، ورؤية جلالة الملك بحياة نيابية وسياسية تأخذنا على طريق التحول الديمقراطي الكامل.

إن إعادة بناء الصورة التي تأسست عليها الهيئة في عهدها الأول هو أمر صعب، لكنه ليس مستحيلا أبدا.  فريق الكلالدة يدرك هذا التحدي وسواه مما ذكرنا، والمؤكد أن لديهم تصورا لما ينبغي فعله في الأسابيع والأشهر المقبلة.

 وفي غمرة الأعمال التي تنتظر مجلس الهيئة، ينبغي أن نتذكر أن الانتخابات المقبلة ستشهد، وفق كل الترجيحات مشاركة جميع القوى السياسية والفعاليات الوطنية في “العرس الديمقراطي” خلافا لما كان عليه الوضع في آخر جولتين انتخابيتين. وهذا يلقي على عاتق مؤسسة الهيئة المستقلة أعباء إضافية، ومسؤوليات لتضمن تحقيق أفضل معدلات الرضى عن العملية الانتخابية بكل مراحلها.

لكن نجاح الهيئة المستقلة مرهون إلى حد كبير بتعاون السلطات الرسمية معها، والاستجابة الفعلية لنصوص القانون؛ قانون الهيئة وقانون الانتخابات، وتقديم التسهيلات اللازمة لمواجهة التجاوزات المتوقعة من قبل المرشحين واللاعبين الفاعلين في العملية الانتخابية.

التنافس في الانتخابات المقبلة سيكون شرسا وعنيفا بعض الشيء؛ المال سيحضر وكذلك السياسة بتلاوينها المختلفة، وغيرها من مظاهر الأعراس الديمقراطية في بلدنا.  وهنا لابد من وجود حكم مستقل  وقوي لايتردد في تطبيق القانون حماية لحق الجمهور في متابعة مباراة انتخابية نظيفة.

Related posts

قمة الرياض… قمة فاصلة، فهل تنجح وكيف؟

قمة الرياض وتحولات جيواستراتيجة* الدكتور أحمد الشناق

لا نريد كلاما* ماهر أبو طير