من يسبق إلى الرقة؟/ فهد الخيطان

لم يعد السؤال هل تتحرر مدينة الرقة من قبضة “داعش”. السؤال الأهم، من الذي سيدخلها فاتحا؛ قوات النظام السوري، أم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بزعامة صالح مسلم الذي توعد بتحريرها قريبا؟ ماذا عن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وجماعات المعارضة المحسوبة على التحالف؟

بعد تحرير مدينة تدمر على يد قوات النظام السوري المدعومة من الطيران الحربي الروسي، طلب الرئيس السوري من جيشه إكمال المهمة والتوجه صوب دير الزور ومن ثم الرقة.

الأسد لا يريد لجيشه أن يفقد زخم النصر في تدمر، ولهذا طالبه باستعجال مهمة تدمر للإفادة من جرعة المعنويات العالية عند جنوده.

لكن ثمة من يعتقد أن النظام السوري يمضي في معركته مع “داعش” مدفوعا برغبة روسية وليس برغبته؛ فالقضاء على “داعش” في هذه المرحلة ربما يجرد النظام السوري من حجة طالما تذرع بها كأولوية على المفاوضات والحل السياسي.

روسيا وإن كانت تراعي تكتيك النظام السوري بهذا الخصوص، إلا أنها من حيث المبدأ لن تقبل بأي مساومة على أمنها القومي المهدد من الجماعات الإرهابية وامتداداتها في الجمهوريات التي تدور في فلكها.

الكرد ينظرون إلى “فتح” الرقة بوصفه مصلحة حيوية تدعم “حلمهم” بالحكم الذاتي والاستقلال، وتحصن الجغرافيا الموعودة في سورية فيدرالية سارعوا إلى تبنيها رغم معارضة واشنطن والغرب، وتهديدات تركيا بسحقها في المهد.

على الجانب الآخر، ظلت الولايات المتحدة وتحالفها الدولي يماطلان طويلا في تحرير الرقة. وعلى مدار السنتين الأخيرتين، انشغلت دوائر القرار الأميركي بمقاربة الخيارات العسكرية والأمنية، وتبنت أكثر من خطة لتدريب المعارضة السورية “المعتدلة” للقيام بالمهمة نيابة عنها.

لكن كل خططها باءت بالفشل، ولم يكن أمامها من خيار سوى شراء الوقت بوجبات محسوبة من القصف الجوي، وعمليات نوعية لاصطياد قيادات التنظيم الإرهابي. في المحصلة، تقلصت قدرات التنظيم الإرهابي، لكنه لم يفقد السيطرة على المدينة أو عاصمة دولة الخلافة؛ لا بل إنه احتفظ بهامش واسع من الحركة سمح له بالتخطيط لعمليات إرهابية قاتلة في قلب أوروبا وتركيا.

نجاح قوات النظام السوري والطيران الروسي في تحرير تدمر طرح أسئلة محرجة على واشنطن ودول التحالف؛ فبينما تمكن التحالف الثنائي؛ السوري الروسي، من استعادة تدمر بغضون أسابيع، يخفق التحالف الدولي بترسانته العسكرية الضخمة طوال عامين في دحر “داعش” من مدينة واحدة.

قبل أيام، أعلنت واشنطن مجددا عن نيتها تدريب مقاتلين عرب استعدادا لزجهم في ميدان المعركة مع “داعش”. ويوم أمس، “تبرع” الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنحو ألفي مقاتل عربي وكردي ليحاربوا الجماعات الإرهابية في سورية تحت إمرة الجانب الأميركي.

لكن أجواء التعبئة والحشد هذه لا تخفي الوضع القائم؛ التحالف الحاضر بقوة في سماء سورية، لا يجد على الأرض غير مقاتلي “الاتحاد الديمقراطي” لخوض المعارك وتحقيق الانتصارات. غير أنه ولاعتبارات إقليمية عديدة، قد لا يتمكن الكرد من تحقيق هدفهم في الرقة، وعندها ستكون الطريق ممهدة لقوات النظام للوصول إلى الرقة قبل الآخرين.

بعدها سيكون التحالف الدولي أمام مأزق أعظم في سورية، يدفع ثمنه تنازلات على طاولة المفاوضات في جنيف.

Related posts

الرئيس عباس واليوم التالي!

رئيس حزبي لمجلس النواب العشرين*أ. د. ليث كمال نصراوين

من يدفع فاتورة الحرب وكيف نتعامل مع آثار العدوان؟* حسين الرواشدة