“أنا مش أنا”/ فهد الخيطان

لا تصدقوا “الغد”؛ الصور المنشورة في عدد أمس لمدخنين تحت قبة البرلمان ليست للنواب، هذا مؤكد. فقد أقروا بالأمس القريب تعديلات جوهرية على مشروع قانون منع التدخين في الأماكن العامة، يغلّظ العقوبات على منتهكي نصوص القانون، ويرتب عليهم غرامات مالية، لا بل وعقوبات أشد تصل حد السجن.

لا يمكننا أن نصدق أن ممثلي الشعب ومشرّعيه يخرقون قانونا لم يجف حبره بعد؛ إنهم قدوة لناخبيهم، فكيف يجازفون بمكانتهم عند الشعب؟! ثمة لبس وقع من دون شك، ولا بد أن من كانوا “يشفطون” سجائرهم تحت القبة أناس آخرون، ومثلما يقول المثل: “يخلق من الشبه أربعين”.

وعلى سيرة المثل الشعبي، يتعين علينا نحن أفراد الشعب أن نحذر قبل أن نوجه أصابع الاتهام لنائب من هنا أو هناك، زعم مواطن أنه اعتدى عليه. محال أن يقدم نائب على ضرب مواطن في عرض الشارع. لم يسبق أن حصل ذلك أبدا. النواب قدوة؛ هل شهدتم يوما سيارة نائب تصطف في مكان مخالف؟ صورة الشرطي وهو يخالف سيارة أحد النواب في إربد ليست حقيقية، والنمرة الحمراء مؤكد أنها مزورة. هل سبق لنائب أن تعارك مع شرطي سير؟ هل تناهى لمسامعكم تورط نائب بمشاجرة مع عامل مطعم أو موظف “فاليه”؟

أبدا لم يحصل ذلك؛ مجرد التباس في الهيئة والمظهر. ومثلما يقول المثل: “يخلق من الشبه أربعين”.

النواب قدوة للشعب؛ هل صدقتم أن هناك من سحب بندقيته ليقتل زميله النائب؟ هذا افتراء على النواب. المجلس الحالي لم يشهد في كل دوراته مشاجرة واحدة، ولم نسمع تحت القبة كلمة نابية واحدة “كلمة عيب يعني”. دائما كان السجال تحت القبة رفيعا وراقيا؛ كلاما في الصميم، واختلافا في الرأي لم يفسد للود قضية يوما.

لقد غاظني تعليق المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي بحق النواب بعد إقرار تعديلات قانون منع التدخين. بصراحة، شعب مفتري؛ يصدر الأحكام جزافا قبل أن يتحقق من صحة الصور والفيديوهات المنشورة. يكيل الاتهامات من دون دليل، ويسيء للنواب من دون وجه حق، ويروج الاشاعات ويرددها كأنها حقائق. ينبغي التركيز في الأدلة حتى لو كانت صورا وشرائط فيديو، وتذكروا المثل: “يخلق من الشبه أربعين”.

في أكثر من حادثة، ثبت زيف الادعاءات، وقالها نواب مدوية: “أنا مش أنا” ذاك الذي تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صوره يعتدي على مواطن غلبان كلفه صاحب العمل بتطبيق التعليمات؛ ولا “هو” من صرخ بكلمات نابية تحت القبة. الجاهات والوجاهات التي سيرت على عجل لإصلاح ذات البين كانت لقطات من مسلسل بدوي، تداولها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي زورا وبهتانا على أنها لنواب تعاركوا تحت القبة.

حان الوقت لنقول لأفراد الشعب؛ المغردون منهم و”الفيسبوكيون” وقبلهم الصحفيون: كفى ظلما؛ حان الوقت لأن نتعلم كيف نميّز بين النواب وأشباه النواب، ونكف عن تشويه صورة النيابة في بلادنا. لقد كافحنا عقودا من أجل استعادة الحياة النيابية، فلماذا تحطمون صورتها وهيبتها بأيديكم؟!

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات