عروبة الإخباري – قال أمين عام لجنة الحوار الاسلامي المسيحي في لبنان محمد السماك، ان هناك اعتقادات خاطئة ومدمرة في ثقافتنا المشرقية تعتبر المسيحيين بقايا صليبيين، متناسية أن المسيحيين هم اصيلون في هذه البلاد، بل كانوا ضحايا للحروب الصليبية ومن المقاومين للاستعمار الغربي والصهيوني.
وقال في المحاضرة التي اقامها مساء اليوم، منتدى المدراس العصرية بالتعاون مع مؤسسة فلسطين الدولية بعنوان: “العلاقات الاسلامية المسيحية في شرق أوسط متغير”، إن الدعوة للحوار الاسلامي المسيحي تنبع من اقرارنا بأن الاسلام والمسيحية مختلفان، معتبرا ان هذا الاختلاف اقتضى ضرورة الحوار لكنه حوار ليس على المضامين الدينية الفقهية او اللاهوتية بين الاسلام والمسيحية، بل حول اسس العيش المشترك، رغم اختلاف الدين.
وفي وصفه للمحطة الاولى في العلاقة بين الاسلام والمسيحية قال السماك، ان البداية كانت في المدينة المنورة، عندما انشأها النبي محمد عليه السلام، ووضع لها دستورا، تمثل بصحيفة المدينة والتي تنصت على ان المسلمين والمؤمنين يشكلون أمة واحدة من دون الناس، معتبرا ان الاشارة النبوية، كانت واضحة بأن المقصود بالمؤمنين هم أهل الكتاب من المسيحيين واليهود.
واضاف السماك ان التعدد الديني كان اساسا لقيام الدولة النبوية في حياة النبي عليه السلام، ما يعني ان الاسلام يتماهى مع التعدد الديني، وهذا ما يؤكد ان احترام الاديان يجب ان يكون جزءا من حياتنا ويستمر في ثقافتنا ومفاهيمنا.
وقال ان المرحلة الثانية في العلاقات الاسلامية المسيحية هي خروج الاسلام من الجزيرة العربية الى دول الجوار، التي يمثل تواجد المسيحيين العرب فيها سابق لوجود المسلمين، مشيرا الى ان المسلمين الاوائل لدى وصولهم هذه المناطق وجدوا ان المسيحيين العرب يواجهون اضطهادا يمارس عليهم من الامبراطورية البيزنطية الى جانب ضغوط دينية ما جعلهم يجدون في الاسلام فرصة للتحرر من الاضطهاد البيزنطي، فاتحين مدنهم وقراهم واراضيهم لاستقبال المسلمين للخلاص من ظلم البيزنطيين.
وقال ان المسلمين آنذاك فكروا في صيغة تعامل تستجيب لهذا الموقف الاخلاقي فشرعوا بتطبيق مشروع الذمية والذي يعني ان نكون في ذمة الله ورسوله وليس في ذمة المسلمين، مشيرا الى أن مبدأ الذمية يدعو لمعاملة اهل الكتاب معاملة فيها التزام اخلاقي وقيمي ووطني وفاء لمواقفهم.
واشار السماك الى ان مبدأ الذمية تم الاساءة اليه حينما اصبح نوعا من التمييز الديني والعنصري والقهر والاضطهاد باسم الذمية ما شكّل اساءة للاسلام ولهذا المبدأ الاخلاقي، مؤكدا ان الانتفاضة ضد هذا النظام ليس في مضمونه الاساسي ولكن في تصنيفاته الانحرافية التي وقعت فيما بعد.
وتحدث السماك عن المرحلة الرابعة وهي مرحلة المواطنة والتي اشترك خلالها المسلمون والمسيحيون في صناعة الاوطان وتحقيق العدل والمساواة في الحقوق والواجبات وفي تحمل المسؤوليات، مؤكدا ان هذا الامر يجب احترامه وترسيخه في ثقافة مجتمعاتنا.
وحول استغلال الاحداث والمواقف من قبل الغرب، قال السماك: انه وبعد هجمات ايلول 2001 جاء الاتهام الاميركي بأن الاسلام هو مصدر ارهاب وليس المسلمين، لكن البابا يوحنا بولس الثاني رد هذا الاتهام حينما اكد انه لا يوجد دين ارهابي، بل يوجد ارهاب في كل دين، الامر الذي تسبب بصدمة للأميركيين بسبب هذا الموقف البابوي.
وقال انه عندما اعلن الرئيس الاميركي جورج بوش بأن الحملة على العراق هي حملة صليبية فقد رد البابا يوحنا بأنها ليست حربا دينية بل لا اخلاقية وغير مبررة.
واشار السماك الى ان الغرب لديه مشروع تقسيمي اتى من اجله ويبحث عن مبرات تنفيذه، ومنها فتح المجال امام المتطرفين لاضطهاد المسيحيين في العراق وتهجيرهم لإعطاء صبغة بأن الاسلام يضطهد الاخر ويعمل على الغائه.
وقال ان هذا الامر يستفيد منه العدو الاسرائيلي في تسويقه للاسلام بأنه دين يقصي الاخر ويضهده، في الوقت الذي يسوق فيه يهوديته بأنها تحترم الاخر ليكسب تعاطف العالم للوقوف لجانبه في انشاء دولته اليهودية بحدودها المزعومة.