راجح الخوري/يتذكرون فلسطين اليتيمة؟

لم تعلن فرنسا عن خطة واضحة تضعها على الطاولة اذا تمكنت من إعادة الفلسطينيين والإسرائيليين الى المفاوضات، وعلى رغم توضيحها انها لا تنافس أميركا في جهود إحياء مبادرة السلام، بدا التحرك الفرنسي كأنه لتعبئة الفراغ الذي تركته سياسة باراك أوباما!

ولكن مع وصول جان – مارك ايرولت الى القاهرة يوم الأربعاء، كان جو بايدن ينقل الى بنيامين نتنياهو افكاراً من اوباما تضع حجراً ثقيلاً على قبر التسوية السلمية، وعلى رغم ان اسرائيل والسلطة الفلسطينية ترفضان هذه الأفكار، إلا ان الإسرائيليين سيتعاملون دائماً مع مطالبة اوباما الفلسطينيين بالإعتراف بإسرائيل دولة يهودية وبالموافقة على إسقاط حق العودة كما تعامل ديفيد بن غورين مع وعد بلفور.
صحيح ان الأفكار التي حملها بايدن وترفضها اسرائيل، تدعو لوقف الإستيطان وإقامة دولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، لكن يهودية الدولة تعني طرد فلسطينيي ١٩٤٨ غداً لينضموا الى اخوتهم الذين يراد إسقاط حقهم في العودة.
وسط التخاذل الأميركي المتراكم ماذا تستطيع الديبلوماسية الفرنسية ان تفعل؟
المؤشرات توحي بأنها تريد احياء المفاوضات لتطرح خطة تستند الى جوهر “مبادرة السلام العربية”، التي كان قد اقترحها الملك عبدالله في قمة بيروت عام ٢٠٠٢، ووافقت عليها القمم العربية تكراراً، لكن حال الإضطراب المتسعة في الدول العربية تزيد اصرار تل ابيب للتوسّع في سياسة الإستيطان والتهويد، بما يجعل الحديث عن إحياء التسوية السلمية مضيعة للوقت!
يعترف الفرنسيون بأنهم لا يملكون فرصاً كبيرة لإحداث إختراق، ربما لهذا بنوا مبادرتهم على مرحلتين، مرحلة أولى هي عقد مؤتمر دولي في نيسان المقبل، لا يحضره الفلسطينيون ولا الإسرائيليون، بل الدول الخمس الكبرى وعدد من الدول الأوروبية المعنية ومن الدول العربية مثل السعودية ومصر والأردن اضافة الى الامم المتحدة والجامعة العربية، بهدف وضع خطة توضّح العناصر والمغريات التي تساعد اسرائيل والسلطة الفلسطينية على قبول العودة الى التفاوض من جديد، ويعقد المؤتمر وسط حركة محمومة من الديبلوماسية السرية الإستطلاعية التي تسعى الى وضع جدول بهذه العناصر والمغريات!
وفي ضوء هذا تعقد المرحلة الثانية من المؤتمر بحضور الطرفين، لكن هذا يتطلب تدوير الزوايا. فإسرائيل تطالب بمفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين ومن دون شروط مسبقة، وفي المقابل يريد الفلسطينيون روزنامة واضحة ومحددة وجدول أعمال ملزماً وفق ضمانات جادة. فهل تستطيع المبادرة الفرنسية تأمين هذه العناصر التي تبدو بالنسبة الى الفلسطينيين ضرورية لمجرد التفكير في العودة الى تجريب المجرب من جديد؟
كل ما في المبادرة الفرنسية حتى الآن، انها تذكّر واشنطن والعرب والعالم بالقضية الفلسطينية، التي غرقت في أنهر من الدماء العربية تسيل من الأنظمة والمنظمات التي طالما قرعت طبولها!

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري