حزب الله منظمة إرهابية.. تبعات القرار العربي

اتخذ مجلس وزراء الداخلية العرب، في دورته الأخيرة، قرارا اعتبر فيه حزب الله اللبناني “منظمة إرهابية”. أيدت معظم الدول العربية القرار، فيما تحفظت عليه لبنان والعراق والجزائر. وسبق الخطوة العربية هذه قرار لمجلس التعاون الخليجي بنفس الاتجاه.

وهناك أنباء عن تحركات دبلوماسية لاستصدار قرار قاطع بحق الحزب من مجلس الجامعة العربية.

لن ندخل في السجال الدائر بين مؤيدي ومعارضي القرار؛ فالنقاش محتدم بين الطرفين قبل القرار، وسيستمر بعده بالنظر إلى حالة الاستقطاب الحاد بين معسكرين إقليميين على خلفية دور الحزب في الحرب السورية، ومشاركته في القتال إلى جانب النظام السوري.

لكن إذا ما تم فعليا تصنيف الحزب من طرف الدول العربية على أنه منظمة إرهابية، فستنشأ إشكالية غير مسبوقة في علاقات الدول العربية مع لبنان، أعمق من تلك التي نشأت مع السلطة الوطنية الفلسطينية إبان تولي حركة “حماس” رئاسة حكومة ما بعد الانتخابات التشريعية قبل عدة سنوات.

الدول الغربية، ومعها الولايات المتحدة وعديد الدول العربية، قاطعت الحكومة الفلسطينية فعليا، واقتصرت تعاملاتها على الرئيس الفلسطيني ووزراء حركة “فتح” في الحكومة.

في الحالة اللبنانية المسألة أكثر تعقيدا؛ حزب الله شريك في الحكومة اللبنانية، وممثل في البرلمان، فكيف ستتعامل الدول العربية معه؟

ماذا سيكون الموقف لو أن وزير الصناعة اللبناني حسن الحاج، وهو من حزب الله، زار دولة عربية لتوقيع اتفاقية ثنائية؛ هل تستقبله أم ترفض التزاما بالقرار العربي؟

كيف تتعامل وزارة في بلد عربي مع معاملات ثنائية تحمل توقيع وزير لبناني من حزب الله؟

العلاقة مع البرلمان اللبناني تواجه نفس الإشكالية. هل يحق لأعضاء من حزب الله “الإرهابي” أن يشاركوا في اجتماع برلماني عربي؟

ثمة أسئلة أبعد وأخطر تتطلب رأيا استشاريا عميقا من خبراء القانون الدولي والعلاقات الدولية.

ألا يحق للبعض القول إن حكومة تضم في صفوفها وزراء ينتمون لمنظمة إرهابية، هي حكومة متورطة مع الإرهابيين، وبالتالي تفقد شرعيتها ويحظر على الدول التعامل معها؟

ثم من يدري، فقد يرتب هذا التصنيف على لبنان تبعات دولية، فتغدو المطالبة بتجريده من عضوية الأمم المتحدة مطلبا منطقيا، ويصبح لبنان دولة “مارقة” وخارج إطار الشرعية الدولية، فلا يعود لوجودها معنى، ويحق لكائن من كان استباحة أراضيها وممتلكاتها. الحكومات التي تدعم الإرهابيين وتلك التي توفر له الملاذ تخضع بموجب قرارت مجلس الأمن السابقة لعقوبات أكيدة، فكيف الحال مع حكومة تضم وزراء يمثلون رسميا حزبا “إرهابيا” حسب منطوق قرار وزراء الداخلية العرب؟

وإذا ما اتخذ وزراء الخارجية العرب قرارا مماثلا لوزراء الداخلية، فهل ينبغي على وزارات الخارجية أن تطلب من سفرائها ودبلوماسييها في بيروت المغادرة فورا، أم تكتفي بالطلب منهم عدم التعامل مع من يمثل الحزب “الإرهابي” في الحكومة والبرلمان؟

متوالية طويلة من الأسئلة الشائكة يطرحها قرار وزراء الداخلية العرب. والظاهر أنه لم يتم التفكير فيها قبل القرار الذي اتخذ تحت ضغط اللحظة السياسية.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري