ماذا نفهم من قمة الملك وأوباما؟/ فهد الخيطان

تصريحات الملك عبدالله الثاني والرئيس الأميركي باراك أوباما بعد لقاء القمة في واشنطن الأربعاء الماضي، تشير إلى أن الاجتماع المغلق بين الزعيمين شهد نقاشا صريحا وتفصيليا حول الملفات المطروحة، خاصة الأوضاع في سورية، والحرب على “داعش”، ونظرة البلدين للتطورات المحتملة بعد اتفاق وقف الأعمال العدائية.

على المستوى الثنائي، بددت قمة البيت الأبيض الاعتقاد الذي ساد في بعض الأوساط عن وجود خلافات كبيرة بين الأردن والإدارة الأميركية، خاصة فيما يتعلق بالتنسيق الأردني الروسي.

العبارات المتبادلة بين الملك وأوباما لا توحي بوجود خلافات جوهرية. في مستهل حديثه أمام الصحفيين، قال الملك: “لا توجد دولة تدعم الأردن بالحجم الذي تقوم به الولايات المتحدة على الصعيدين الاقتصادي والعسكري”. وفي موقع آخر من حديثه، أشار إلى أن التنسيق مع الولايات المتحدة في أعلى مستوياته.

ورد أوباما بالقول: “نحن محظوظون أن لدينا صديقا مثل الأردن. ونأمل أن يشعر الأردنيون أن الولايات المتحدة تقف معهم في هذه الأوقات”. وأضاف: “إن بلدينا على اتفاق تام حيال كل القضايا”. وكان أوباما في بداية حديثه قد وصف الأردن بأنه “أحد أهم حلفائنا في العالم” ولم يقل في المنطقة.

لكن التحالف الاستراتيجي بين الأردن والولايات المتحدة لا يعني عدم وجود تباين في وجهات النظر حيال العديد من القضايا، خاصة الأوضاع في سورية والتنسيق مع روسيا. هذا أمر طبيعي؛ فنحن هنا في الأردن لدينا انقسام في الآراء وتعدد في وجهات النظر حول الأوضاع في سورية، فكيف الحال بين الدول.

ومن الواضح أيضا أن الأردن يشاطر الإدارة الأميركية الحذر من رفع سقف التوقعات بشأن الهدنة في سورية. ولهذا كان تركيز الملك منصبا بشكل رئيس على مسألتين أساسيتين تمسان بأمن الأردن الوطني ومصالحه العليا، وهما: تكثيف الحرب على الجماعات الإرهابية، وكيفية التغلب عليها بسرعة. ويبدو من تصريحات الزعيمين أن هناك خطوات جديدة على هذا الصعيد في المستقبل القريب، من بينها ما صرح به مسؤول عسكري أميركي عن حصار وشيك لمدينة الرقة؛ معقل تنظيم “داعش” الإرهابي.

المسألة الثانية، هي وضع الجبهة الجنوبية التي يشكل استقرارها أولوية بالنسبة للأردن، وهو أمر يتوقف إلى حد كبير على تنسيق ثلاثي بين روسيا والولايات المتحدة والأردن. ومن هذا المنطلق تحديدا، يأتي اهتمام الأردن باتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ الليلة الماضية، باعتباره “أمرا أساسيا لنجاح العملية السياسية في سورية”، كما ذكر الملك.

لقد شهدت السنوات الأخيرة لقاءات قمة عديدة بين الملك وأوباما. وقمة الأسبوع الماضي قد تكون القمة قبل الأخيرة بين الزعيمين، مع دخول أميركا في حملة السباق الرئاسي؛ إذ من المتوقع أن يلتقي جلالته بالرئيس الأميركي في أيار (مايو) المقبل على هامش مؤتمر دولي يعقد في واشنطن.

لكن ربما تكون المرة الأولى التي يخرج فيها الملك من اجتماع مع أوباما بهذا القدر من التفاؤل حيال دور الولايات المتحدة المستقبلي في قضايا المنطقة. ليس سرا أن جلالته كان محبطا من مسار الأحداث في المنطقة، واستعصاء قضاياها وأزماتها على الحلول المطروحة، وأكثر من ذلك تواضع الإرادة الدولية المتوفرة لحل هذه الأزمات. هذه المرة، صرح الملك بالقول: “سأغادر واشنطن وأنا متفائل بحجم مساهمة الولايات المتحدة في التعامل مع قضايا المنطقة، وفي ظل ما تبدونه من دور قيادي إزاء الوضع في سورية. وآمل أن تحرز نقاشاتكم مع روسيا تقدما في هذا الاتجاه”.

كصحفيين ومراقبين، يتملكنا الفضول لمعرفة السر وراء تفاؤل الملك هذه المرة.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري