اتفاقية الغاز.. استهبال رسمي/ فهد الخيطان

في الأخبار أن وفدا رفيع المستوى من وزارة الطاقة وشركة الكهرباء الوطنية زار الجزائر مؤخرا، لبحث فرص التعاون في مجال الطاقة واستيراد الغاز الجزائري للأردن، بهدف تنويع مصادر التزود بالغاز، على ما ذكر أمين عام الوزارة الذي ترأس الوفد الحكومي.

حسنا؛ سياسة تنويع المصادر خطوة في الاتجاه الصحيح، وقد ترجمتها وزارة الطاقة في السنوات الأخيرة إلى واقع ملموس، عبر سلسلة من المشاريع غير المسبوقة في مجالات الطاقة المتجددة.

وفي مجال استيراد الغاز الطبيعي، شقت الوزارة طريقا استراتيجية من خلال تدشين ميناء الغاز في العقبة، واستئجار باخرة عائمة لتحويل الغاز المستورد وتوزيعه لمحطات توليد الطاقة، لا بل والتصدير لدولة مصر.

لكن زيارة الوفد للجزائر جاءت في وقت يحتدم فيه السجال الوطني حول اتفاقية الغاز مع إسرائيل وشركة “نوبل إنيرجي” الأميركية التي تواجه إشكاليات قانونية في إسرائيل. وقد بدا للكثيرين أن زيارة الوفد للجزائر ليست سوى محاولة للتغطية على الاتفاقية المذكورة وتمريرها تحت باب التنويع في مصادر الطاقة.

وفي مسعاه لتسويق سياسة تنويع المصادر، والاتفاقية مع إسرائيل من ضمنها طبعا، ذهب أمين عام الوزارة بعيدا إلى حد استهبال الرأي العام، عندما قال إن الوزارة تهدف من وراء هذه السياسة إلى تعويض النقص أو الانقطاع في الغاز المصري، مع علم الجميع أن مصر توقفت نهائيا عن تزويد الأردن بالغاز منذ فترة طويلة، وهي -كما قلنا من قبل- تستورد الغاز حاليا عن طريق ميناء العقبة، مرورا بخط الغاز الذي يربط بين البلدين.

التنويع في الخيارات حاصل بمجرد بناء ميناء الغاز الطبيعي ووجود الباخرة. ومن هذا المنطلق تحديدا، يتساءل كثيرون إذا كنا نملك مروحة واسعة من الخيارت لاستيراد الغاز من السوق العالمية والجزائر أخيرا، فلماذا نرتبط مع إسرائيل باتفاقية ذات طبيعة احتكارية ولسنوات طويلة؟

ثمة تطورات ووقائع تاريخية خارجة عن إرادتنا فرضت علينا علاقات مع إسرائيل. ومع ذلك كان همّ الدولة على مدار عقود، تعزيز استقلال القرار الأردني، وتحصين مستقبل المملكة في وجه محاولات الإلحاق والاحتواء.

قطاع الطاقة كان واحدا من أهم المجالات التي سعى الأردن إلى تبني سياسة مستقلة فيه، بوصفه القطاع الذي يقود عملية التنمية الاقتصادية، وكل تطوير يعني التقدم خطوة إلى الأمام على طريق الاستقلال الاقتصادي.

ولهذا طرقنا كل الأبواب؛ الطاقة النووية والمتجددة، ومشاريع التزود بالغاز عبر ميناء العقبة كي لا نبقى تحت رحمة الغاز المصري الذي تراجع إنتاجه، ثم أصبح الخط في وقت لاحق عرضة للتخريب بفعل عمليات إرهابية لا تتوقف.

لا نقارب موضوع الاتفاقية مع إسرائيل من ناحية سياسية، بل اقتصادية بحتة، فلا نجد أي مبرر للسير فيها، ما دمنا نملك خيارات متعددة، ومصادر مفتوحة في السوق العالمية.

لكن ما أخشاه أننا توجهنا إلى الجزائر لا من أجل استيراد الغاز منها، بل لتمرير الاتفاقية مع إسرائيل.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري