عروبة الإخباري – قال وزير المالية الأسبق مروان عوض أن أهمية الاستقرار المالي تنبع من انه يعتبر ركيزة أساسية للنمو وتعزيز الاستثمار ودعم الاقتصاد بمجمله وبالتالي يؤدي إلى الاستقرار الاجتماعي الذي اذا تعزز بالاستقرار الأمني تتحقق رفاهية المجتمع و استقراره ، وهذا يتطلب سياسات متوازنة و ادوات مالية فعالة تعزز وتدعم هذا الاستقرار المالي .
وبين خلال كلمة ألقاها في منتدى شرم الشيخ الذي عقد بعنوان « التمويل والاستثمار لتعزيز الشمول المالي والاستقرار ومكافحة الارهاب « أن أولى مكونات هذا الاستقرار هو وجود مؤسسات مالية قوية وفعالة وتعتبر البنوك و المؤسسات المالية اهمها ولكنها تشمل ايضاً ، الصناديق الاستثمارية وصناديق التحوط وشركات التامين وما شابهها. اما ثاني مكون له فهو وجود أسواق مالية مستقرة وفعالة سواء اسواق رأس المال من اسهم وسندات او اسواق نقدية .
أما ثالثها فهو البنية المتكاملة من القوانين والتشريعات والمعايير التي تحكم أنظمة المدفوعات والتسويات والمقاصة وأسسها وتعليمات معتدلة للحاكمية الرشيدة للشركات والمؤسسات ومستوى عالي مطبق من الشفافية والتزام بتوجيهات غسيل الأموال وتوافق مع المعايير المحاسبية ومعايير المراجعة الدولية . وتكتمل هذه الصورة في تحقق التوازن في المؤشرات الاقتصادية من خلال سياسات نقدية ومالية وتجارية فعالة .
وتعتبر السياسات النقدية والمالية و التجارية المنضبطة ركناً أساسيا لتحقيق الاستقرار المالي ، فالسياسة النقدية تلزم بالمحافظة على الاستقرار العام للأسعار من سلع وخدمات وأصول مالية ومعدلات التضخم المقبولة وسياسات لسعر الصرف تحد من تقلباته .
وهيكل واضح لأسعار الفوائد ينسجم مع التطورات المحلية والدولية إضافة الى مسؤوليتها المباشرة عن تنظيم كمية وأسعار وشروط الائتمان وغيرها من المسؤوليات التي نصت عليها البنوك المركزية .
أما مسؤوليات السياسة المالي فترتكز على معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي وضبط عجز الموازنة وميزان المدفوعات في حين أن أساسيات السياسة التجارية تتركز على تنظيم عملية الصادرات والواردات وضبط مستوى العجز في الميزان التجاري .
ومن نظرة تقيمية لمستوى الاستقرار المالي في الدول العربية قال انه يظهر بوضوح التفاوت الكبير من الدول العربية بين عالي ومتوسط وضعيف ففي حين يرتفع هذا المستوى في الدول النفطية بوجه عام وبعض الدول العربية التي سارت على نهج إصلاحي اقتصادي متكامل إما وفق برامج اشرف عليها صندوق النقد الدولي او وفق برامج خاصة بها أو بمزيج من الاثنين معا ً وبقيت في نفس الوقت محافظة على مستوى جيد من الاستقرار الأمني الداخلي ، ودول ثانية كانت درجات الاستقرار المالي منها اقل وأخرى كانت هذه الدرجات إما ضعيفة أو حتى معدومة .
ويمكن وصف أجواء الاستثمار بأنها غير مشجعة ، فقد تراجعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 80% ، ولا تشكل جميع الاستثمارات المباشرة الواردة للدول العربية اكثر من 3,6 % والصادرة بأكثر من 2,5% من الإجمالي العالمي وهي نسب متواضعة جداً ، وحتى بالنسبة لهذه الاستثمارات فهي تتركز في عدد محدد لا يتجاوز الخمس دول فقط من كامل الدول العربية وبالتالي فإن الاستفادة منها محدودة وليس لها اثارها الايجابية على باقي الدول .
ولكي تستقر وتنمو هذه الاستثمارات فهذا يتطلب إرادة سياسية صادقة وتحسين حقيقي لبيئة الأعمال بمفهومها الشامل ، وتعاون وتداخل مصرفي بيني عربي ، إضافة إلى أوضاع مالية واقتصادية واجتماعية مستقرة.
وعلى الرغم من ان مهمة الاستقرار المالي هي مهمة متكاملة لجهات مختلفة تتعلق بالمؤسسات المالية والأسواق المالية والبنى التحتية والانضباط في المؤشرات الاقتصادية الكلية ، إلا ان دور البنوك المركزية يبقى أساسي نظراً لان تداعيات الانهيارات والأزمات التي حدثت مؤخراً في العالم عززت من دور هذه البنوك في مراقبة درجة التوسع والتعقيد في النظام المالي ومراقبة الأدوات المالية المتداولة والأنشطة المستجدة والتأكد من القدرة على قياسها ومراقبتها إضافة الى اعتماد سياسات للتحوط ضد تداعيات المخاطر المحتملة وسد الفجوات الرقابية ومواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة وعدم خلق فجوات تكنولوجية .