عروبة الإخباري – قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية إن نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتصدع، وإن عوامل سقوطه تكمن في داخله بعد ظهور توترات في دائرته الداخلية في الأشهر الأخيرة.
وأوضحت المجلة أن التوترات داخل نظام السيسي قد تُنذر بحالة عدم استقرار في المستقبل، مشيرة إلى أن مكونات “الدولة العميقة” في مصر عبارة عن “تحالف فضفاض من مراكز قوى تشمل أجهزة دولة كالقوات المسلحة والمخابرات والشرطة والقضاء” وليس كما تبدو كأنها كيان “موحد ومطلق النفوذ” حسبما يرى محللون.
وأضافت المجلة في تقرير بعددها الأخير أن الدولة العميقة تشمل أيضا كيانات غير رسمية مثل “عشائر دلتا النيل القوية، وقبائل صعيد مصر ووسائل الإعلام الخاصة ومجتمع رجال الأعمال”. ومع أن مراكز القوى هذه تتنافس فيما بينها المصالح في أغلب الأحيان إلا أنها توحدت عندما أطاح السيسي بالرئيس المنتخب محمد مرسي لأنهم يرون أن جماعة الإخوان المسلمين تشكل تهديدا لمصالحهم.
وكانت المجلة تعلق على الإجراءات الصارمة التي اتبعها السيسي تحسبا لمظاهرات كان يخشى أن تنظمها المعارضة الاثنين الماضي بمناسبة مرور خمس سنوات على ثورة 25 يناير 2011 التي أزاحت حسني مبارك من على سدة الحكم.
ومضت فورين بوليسي إلى القول إن تجربة السنوات الخمس الماضية جعلت الكثير من المصريين وربما أغلبهم ينفرون من الخوض في أمور السياسة، كما أن غياب أي بديل واضح للسيسي يجعلهم يتخوفون من انتفاضة أخرى قد تقوض الاستقرار بشكل كبير.
وأشارت المجلة إلى أنه مع اضمحلال خطر جماعة الإخوان المسلمين على السيسي والذي يوحد مراكز القوى الرئيسية حوله، فإن التوترات الكامنة داخل نظام حكمه بدأت في البروز نحو المقدمة الآن. ولعل أوضح مثال على ذلك -كما ترى المجلة- يتمثل في تدهور علاقات السيسي مع مجتمع الأعمال، الذي انتابه الرعب بعد اعتقال إمبراطور الطاقة صلاح دياب أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بقرار مباشر من السيسي.
ثمة مظاهر أخرى لتلك التوترات بين السيسي وأجهزة استخباراته التي تضطلع بنفوذ كبير على شبكات الإعلام الخاصة، “وهي التي سمحت على الأرجح -إن لم تشجع- نبرة الانتقادات العالية المفاجئة التي تعرض لها السيسي في الأشهر الأخيرة”.
وهناك مؤشر آخر يكمن في المناورات التي تدور بين أجهزة الأمن المختلفة، والتي تتنافس غالبا فيما بين بعضها البعض على المال والنفوذ السياسي. فبعض تلك الاحتكاكات بدت ظاهرة للعيان في البرلمان المنتخب حديثا. فعلى سبيل المثال، انسحب حزب مصر المستقبل من الكتلة البرلمانية المؤيدة للسيسي، مع أن النجاحات التي حققها في الانتخابات الأخيرة تُعزى لوقوف جهاز الأمن الوطني إلى جانبه.
ولعل التوترات بين الأجهزة الأمنية تتجلى بشكل أوضح في القنوات الفضائية المصرية التي بدأت تنزع على حين غرة إلى نقد النظام بصورة سافرة.
على أن الأهم من ذلك كله -بنظر فورين بوليسي- هو ما ظل المسؤولون الأجانب ينقلونه عن التجاذبات بين السيسي والمؤسسة العسكرية. ومع أن الجيش قد يبدو القاعدة الطبيعية الداعمة للسيسي، فإن أولئك المسؤولين يعزون التوتر الحاصل إلى دائرة الرئيس السياسية الضيقة “سيئة السمعة” والتي تثير سوء الظن وربما الغيرة لدى كبار ضباط الجيش الآخرين.
وهناك مؤشرات كذلك على وجود خلافات وسط كبار الضباط حيث يُظهر القادة العسكريون عدم تقدير لرؤسائهم خلال الاجتماعات مع مسؤولين أجانب. ثم إن التحديات الاقتصادية والأمنية المتفاقمة في مصر فاقمت بدورها من قلق المؤسسة العسكرية.
وخلصت المجلة إلى القول إنه حتى لو بدا أن السيسي باقٍ في سدة الحكم، فإنه لن يجلس مرتاح البال. (الجزيرة نت)