عروبة الإخباري- بالتزامن مع سيطرة الجيش السوري، أول من أمس الاثنين، على بلدة “الشيخ مسكين” الاستراتيجية، شمال درعا وتحريرها من العناصر المسلحة المعارضة، بعد معارك عنيفة، حذر خبراء عسكريون من تسرب عناصر إرهابية كانت تسيطر على المدينة الأكبر في المحافظة المحاذية لحدودنا الشمالية، إلى المملكة، الأمر الذي يشكل “تحدياً أمنياً استراتيجياً”.
وأكد هؤلاء في حديث لـ “الغد”، ضرورة تكثيف الإجراءات والتدقيق الأمني على طول الحدود مع سورية خاصة المحاذية لمحافظة درعا في ظل هذه المستجدات، وضرورة التخطيط “للتعامل مع أي طارئ لتلافي مفاجأة تسلل عناصر إرهابية تحت غطاء اللاجئين إلى المملكة”.
ويقول العميد المتقاعد حافظ الخصاونة إن مدينة الشيخ مسكين تعد معقلا رئيسيا للفصائل المسلحة، وأبرزها جبهة النصرة، الذراع القوي لتنظيم القاعدة في سورية، منذ السيطرة عليها بشكل كامل قبل عام.
وأشار إلى أهمية المدينة من المنظور العسكري لوقوعها على تقاطع طرق استراتيجية، إذ تصل بين دمشق ومدينة درعا (طريق دمشق درعا القديم)، ومحافظة القنيطرة في الجنوب.
ولم يخف الخصاونة خشيته من حدوث موجات لجوء جماعية هرباً من شدة المعارك الجارية للسيطرة على محافظة درعا كاملة، وما قد “يشكله ذلك من أعباء أمنية على الأردن، وحدوث حالات تسلل عبر الحدود السورية الأردنية، من قبل أفراد ينتمون لجماعات إرهابية مسلحة”.
ودعا الخصاونة الى تكثيف الإجراءات الأمنية على طول الحدود مع سورية، في ظل هذه المستجدات السريعة، وضرورة التخطيط للتعامل مع أي طارئ وتشديد اجراءات التدقيق الأمني على اللاجئين.
من جهته، قال العميد المتقاعد حسن ابو زيد ان الضربات الجوية الروسية والسورية التي ساندت الجيش النظامي في مدينة الشيخ مسكين استهدفت تنظيمات وجماعات ارهابية مسلحة، مبينا ان الوضع بالنسبة لحدود المملكة الشمالية مستقر، وهناك تفهم لما وصفه بـ “الجبهة الجديدة هناك في ظل وجود توافق روسي اردني حول الأزمة السورية”.
وأكد أبو زيد أهمية “الشيخ مسكين” التي تربط بين بلدتي بصرى الحرير ونوى، كما تشكل قاعدة لتجمع وانطلاق المسلحين، وهي احد مراكز الثقل في محافظة درعا، وانطلقت منها عشرات العمليات التي هاجمت جنوب دمشق.
وعرض أبو زيد للأهمية الاستراتيجية للمدينة التي تعد خط الدفاع الأول عن دمشق، حيث أن دمشق تركز في دفاعها على خطوط نوى – الشيخ مسكين – ازرع، تل الحارة – الصنمين – المسمية، الزاكية – الكسوة – مطار دمشق الدولي، كونها تتوسط عقدة مواصلات دولية بين الاردن ودمشق، ومواصلات داخلية بين القنيطرة ودرعا والسويداء وريف دمشق.
لكنه في ضوء ذلك، دعا الى التركيز على البعد الأمني لمرحلة ما بعد الشيخ مسكين، “واخذ الاحتياطات الامنية القصوى لمواجهة أي طارئ كهروب العديد من المسلحين من المدينة، واحتمالات تسللهم الى الاردن تحت غطاء اللجوء”.
ولفت ابو زيد الى ان المدينة تعتبر من أهم معاقل المسلحين جنوب سورية وتتصل بكامل ريف حوران، مبينا ان وحدات المشاة التابعة للجيش السوري تمكنت من إتمام السيطرة على كامل المدينة بعد معارك عنيفة مع المسلحين المنضوين تحت عدة فصائل.
بدوره اعتبر العميد المتقاعد محمد العلاونة انه مع سيطرة الجيش السوري الكاملة على المدينة، يكون قد قطع آخر الشرايين والإمدادات عن المجموعات الإرهابية والفصائل المتعددة، اذ ان الشيخ مسكين تعد احد اهم الخطوط الدفاعية عنهم قبل الوصول لنوى وتل الجابية وتل الجموع الاستراتيجيتين.
واشار العلاونة الى ان هدف الجيش السوري الأول كان السيطرة على محور المدينة الاستراتيجية وما حولها في الجنوب، سعيا منه لإنهاء “مشروع القاعدة الأساسية لعشرات الفصائل المسلحة” التي كانت تسيطر على المدينة، لتتحول إلى المحطة الرئيسية للهجوم على باقي القرى التي يتحصن بها المسلحون.
وبين العلاونة ان سيطرة الجيش السوري على مدينة الشيخ مسكين، تمنحه القدرة على التحكم بشبكة المواصلات والإمداد في مجمل المنطقة الجنوبية التي تضم درعا، السويداء، القنيطرة، ومنطقة دمشق ومحيطها، الامر الذي يسمح للجيش النظامي بالتقدم نحو محيط درعا المدينة، كون الشيخ مسكين تشكل خط الدفاع الاستراتيجي لفصائل المعارضة المسلحة.
ويرى العلاونة ان السيطرة على الشيخ مسكين تكشف رغبة النظام في تأمين محيط دمشق الاستراتيجي، بالاضافة الى اخراج محافظة درعا من دائرة الصراع العسكري، خاصة ان الشيخ مسكين تقع في قلب محافظة درعا وليس على أطرافها.
واكد “اهمية التنسيق العسكري بين الأردن وروسيا لمواجهة الجماعات الإرهابية في سورية خاصة في جنوبها”، مشيرا الى ان هذا التنسيق يأتي منسجما مع الموقف الأردني الثابت والمعلن بضرورة محاربة هذه الظاهرة الخطيرة، ودعوته المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاهها، وتبنيه استراتيجية تشاركية عالمية للتصدي لها.
وشدد العلاونة على ادامة التنسيق كونه يصب في مصلحة الأردن وحماية أمنه وحدوده الشمالية، في ظل الأوضاع الأمنية المتردية على الجانب السوري، لتلافي أي أخطار أو تداعيات سلبية قد تترتب على العمليات العسكرية التي تشنها روسيا في جنوب سورية.(الغد)