لماذا نرفض السياحة الإيرانية؟/ فهد الخيطان

دائما ما كان ملف السياحة الدينية الإيرانية مفتوحا للسجال. ولم يخفِ الأردن في الماضي تحفظه على فتح أبواب الأضرحة للسياح الإيرانيين، لاعتبارات سياسية وأمنية بالدرجة الأولى.

ليس ثمة جديد في تصريحات وزير الأوقاف حول الموضوع، سوى توقيتها. الوزير لمن لم يطلع على تصريحاته، قال بعد أيام على زيارته لإيران، إن الأردن رفض طلبا أو عرضا إيرانيا لقدوم نصف مليون سائح إيراني إلى الأردن. وتزامنت تلك التصريحات مع زيارة قام بها إلى الرياض، بعد طهران.

كان واضحا أن السعودية هى المعنية بالتصريحات قبل غيرها، كتعبير عن تضامن أردني معها في مواجهتها الدبلوماسية المفتوحة مع إيران. الأردن أعلن وقوفه التام مع السعودية ودول الخليج بعد قضية إعدام نمر النمر، وإحراق السفارة السعودية في طهران. وصعّد من لهجة خطابه ضد سلوك إيران تجاه السعودية. لكن التضامن الأردني وقف عند هذا الحد، ولم يبلغ مستوى سحب السفير على غرار ما فعلت بعض الدول، أو الذهاب أبعد من ذلك بقطع العلاقات الدبلوماسية.

وقدم جلالة الملك في مقابلته مع محطة “سي. إن. إن” تفسيرا منطقيا وحكيما لهذا الموقف، يأخذ بعين الاعتبار دور الأردن في الجهود المبذولة لحل الأزمة السورية حلا سياسيا، مع الالتزام الكامل بإسناد الموقف السعودي.

هل كانت القيادة السعودية تطالب الأردن بأكثر من ذلك، وتضغط على عمان لسحب سفيرها من طهران؟

لم تتوافر معلومات بهذا الخصوص. ولا يبدو من نسق العلاقات القوية مع الرياض أن لديها أي تحفظات على المقاربة الأردنية.

ولذلك، لم يشعر عديد المراقبين أن هناك أي داع لاستخدام ورقة السياح الإيرانيين في هذا التوقيت، وعلى هذا النحو الفائض عن الحاجة.

من حيث المبدأ، الأردن لا يستقبل سياحا إيرانيين، ولم نسمع أن أفواجا منهم تقف على مراكز العبور، كي نعلن رفضنا لاستقبالهم؛ فقبل أزمة إيران مع السعودية وبعدها الأمر سيان.

وإطلاق موقف قاطع برفض السياحة الدينية لمجرد أن هويتها إيرانية، يتناقض بشكل جوهري مع مبادئ رسالة عمان التي حملها الأردن لكل العالم، ومع نهج الاعتدال القائم على الانفتاح على جميع المذاهب والطوائف.

ما الذي يحملنا إذن على المبالغة في إظهار مشاعر التضامن بطريقة تتناقض مع مبادئنا، وتضعنا في مواقف محرجة تتجاوز ما اتخذته السعودية نفسها من خطوات لمعاقبة إيران. فحين أعلنت الحكومة السعودية برنامج المقاطعة والقطيعة مع إيران، استثنت تماما الحجاج الإيرانيين من القائمة، وأكدت على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير ترحيبها بالحجاج الإيرانيين.

ومن ناحية اقتصادية بحتة، قد يسأل مواطن أردني: لماذا تفوّت الحكومة على المملكة عوائد مالية مجزية، في وقت تكافح فيه الهيئات المختصة لجلب السياح من كل أصقاع العالم؟ هل لأنهم إيرانيون فقط، أم لأنهم شيعة؟

في الحالتين تبرير الرفض سيكون محرجا للحكومة.

ربما تكون التصريحات الرسمية محل ترحيب عند قطاعات شعبية واسعة في الأردن. هذا مفهوم ومبرر. لكن في هذا التوقيت بالذات، وفي هذه القضية تحديدا، الحكومة لم تكن تفكر بالرأي العام الأردني، وإنما برأي أطراف أخرى.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري