مرة أخرى ، يؤكد الملك عبد الله الثاني أن مشاكل الإقليم والتحديات التي تواجهها المنطقة ، وبرغم خطورتها وأهميتها ، إلا أن المرتبة الأولى في سلم أولوياته هي الفقر والبطالة وأوضاع المواطن الأردني العامة .
فقد طلب الملك أن يتم التركيز على الأقتصاد خلال العام 2016 ” لأن الأمور ليست سهلة ” ، مؤكدا بأنه غير قلق من الأوضاع الأمنية والعسكرية التي تحيط بنا ، وذلك لثقته بالجيش والأجهزة الأمنية وقدرتها على حماية الأردن ، ولكن الوضع المعيشي للأردنيين هو الذي يقلقه أكثر ، ومن أجل ذلك ، فإنه يجب التركيز على هذا المحور وبشكل قوي ومباشر.
غير أن هذه القضية ترتبط بقضايا كبرى ساهمت في تفاقم مشكلتي الفقر والبطالة والوضع المعيشي وهي ما قاله الملك مباشرة ، عن أن الطاقة هي عامل خطير في صياغة الوضع المعيشي والإقتصادي في البلد لكونها تستورد من الخارج ، وكذلك الأمر ، فإن اللاجئين ، عموما ، يستهلكون ربع الموازنة السنوية تقريبا حيث تذهب هذه المبالغ للتعليم والخدمات والصحة ، وكان لافتا أن الملك لم يقصد لاجئي المخيمات بل قصد اللاجئين خارجها وهو ما حصل في العام 2015 ، حيث توقع جلالته بأن يكون العام 2016 شبيها بالذي سبقه ، مما يعني بأن الضغوط على الموازنة ستزداد ، ولكنه في نفس الوقت بشر بأن مؤتمرا عن اللاجئين سيعقد في لندن في شهر شباط القادم وسيكون الأردن بالذات محوره الرئيس ، حيث سيتم تحديد مساعدات مهمة للبلد ، وهنا كان لافتا أن الملك قلق من أن يقوم أشخاص في الداخل ولأجندات شخصية ، بإفشال هذا الهدف من خلال تصريحات ومواقف من شأنها أن تمنع الأردن من الحصول على ما يستحق ، وقد وجه حديثا غير مباشر للبعض من النواب ، الذين شكرهم على تحملهم وصبرهم ، ولكنه طلب تكاتف الجميع لمنع ” تخريب ” الجهود الأردنية ، محذرا من أن المساعدات قد تذهب إلى غيرنا إذا لم نكن أذكياء ونحسن التصرف ، ومؤكدا بانها لن تقتصر على العام 2016 بل ستشمل الأعوام التالية .
ومن ضمن أبرز محاور الحديث الملكي الذي جرى في الديوان الملكي العامر ، خلال استقبال جلالته لأعيان ونواب ووجهاء الزرقاء الأسبوع الماضي : أن الأردن بأمنه واستقراره لا يحمي نفسه فقط ، بل يحمي المنطقة والإقليم ، وهو ما دفعه إلى تأكيد هذه الحقيقة للعالم في جهود حثيثة استمرت طوال العام المنصرم ، إلا أن العالم ، بدأ خلال شهور قلائل يتفهم هذه الحقيقة ، خاصة بعد وصول اللاجئين إلى أوروبا ، ومن هنا تجلى للدنيا بأن الدور ا الذي يضطلع به هذا البلد في الحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي هو دور محوري لا يمكن تجاهله .
وكشف الملك ، لأول مرة ربما بهذه المباشرة ، أنه – كملك – يستمد معنوياته من الأردنيين : ” أنا أستمد معنوياتي من الشعب الأردني ” مما ألهب القاعة بالتصفيق .
كان حديثا صريحا وواضحا وبسيطا وبدون تعقيدات وديباجات ، مما يؤكد بأن المملكة الرابعة هي استكمال لنهج الهاشميين الأوائل ، ولكنها أكثر مباشرة وأكثر بساطة ، مما قربهم أكثر إلى قلوب الناس وأفئدتهم بمختلف أصولهم ومنابتهم ، تلك الأصول ، وتلك المنابت التي توحدت في هوية جامعة شكلت هذا الوطن الأبهى والأجمل .