عروبة الإخباري- يعتبر الفرنسي ميشال بلاتيني من أفضل الأشخاص في قراءة لعبة القدم، لكنه لم يتمكن هذه المرة من توقع سقوطه في الهزيمة الأكثر مرارة في تاريخه الكروي، فهذا الشخص الذي كان أفضل لاعب في العالم ثم تحول ليصبح سيد أوروبا من بوابة رئاسة اتحادها القاري، أصبح خارج اللعبة تماماً بعدما سحب ترشيحه من رئاسة «فيفا» لضيق الوقت بخصوص استئناف عقوبة إيقافه مدة ثمانية أعوام.
تلاشى حلم بلاتيني بالتربع على رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بعدما أوقفته لجنة الأخلاقيات مدة ثمانية أعوام بصحبة الرئيس المستقيل للسلطة الكروية العليا السويسري جوزف بلاتر في قضية الدفعة المشبوهة التي حصل عليها الفرنسي من الأخير عام 2011، عن عمل قام به لمصلحة «فيفا» بين 1999 و2002.
وقال بلاتيني (60 عاماً) في حديث لصحيفة «ليكيب» الفرنسية: «لن أتقدم لرئاسة فيفا. إني أسحب ترشيحي، ليس لدي الوقت ولا الوسائل للالتقاء مع الناخبين والاجتماع مع الناس أو التنافس مع الآخرين قبل 26 كانون الثاني (يناير)، الموعد النهائي لتسجيل طلبات الترشيح»، مضيفاً «بانسحابي من السباق، اخترت تكريس وقتي لدفاعي في ملف لا يتم الحديث فيه عن الفساد والتزوير ولا عن أي شيء آخر».
وهناك عوائق كثيرة تمنع بلاتيني من القيام بحملته الانتخابية في الوقت المناسب لا سيما الموعد النهائي لتسجيل طلبات الترشيح في 26 (يناير) أي قبل شهر من موعد الانتخابات لاختيار خلف لبلاتر.
وبانسحاب بلاتيني، يبقى خمسة مرشحين لمنصب رئيس «فيفا» هم رئيس الاتحاد الآسيوي الشيخ البحريني سلمان بن إبراهيم آل خليفة، والأمين العام للاتحاد الأوروبي السويسري من أصل إيطالي جاني إينفانتينو، ورجل الأعمال الجنوب أفريقي طوكيو سيكسويل، ونائب رئيس «فيفا» السابق الأمير الأردني علي بن الحسين الذي خسر السباق أمام بلاتر في ربيع 2015، وعضو «فيفا» السابق الفرنسي جيروم شامبانيي.
«كلما اقتربت من الشمس، كل شيء يحترق، مثل إيكاروس تماماً»، هذا ما قاله بلاتيني في 19 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في مقابلة مع صحيفة «لوموند»، مستعيناً بشخصية من الأساطير الإغريقية احترق جناحاه الاصطناعيان نتيجة مخالفته نصيحة والده وتحليقه قريباً من الشمس خلال هربهما من مكان احتجازهما في جزيرة كريت.
هذه «البطاقة الحمراء» التي رفعت في وجه بلاتيني ستمنعه من الولوج إلى العالم الذي أمضى فيه حياته، منذ السنوات التي قضاها في ملاعب كرة القدم، التي توجها بثلاث كرات ذهبية وكأس أوروبا عام 1984، مروراً بسنوات مجده مع يوفنتوس، ووصولاً إلى إدارته للعبة في «القارة العجوز».
اعتبر بلاتيني الذي أكد دائماً حسن نيته أن «الحكم سبق وأعلن في وسائل الأعلام من احد المتحدثين باسم لجنة العدل الداخلي لفيفا، التي تجاهلت افتراض البراءة». صانع الألعاب السابق للمنتخب الفرنسي، شجب مناورة لمنعه من الترشح لرئاسة «فيفا»، وقرر مقاطعة جلسة الاستماع إليه (الجمعة) الماضي، تاركاً محاميه يدافع عنه في جلسة استغرقت تسع ساعات.
ثم صدر الحكم الرسمي وسقط بلاتيني مع معلمه السابق ومنافسه الحالي بلاتر وذلك بسبب شيك مصرفي، وهو الذي جعل العامل المادي هامشياً طوال مسيرته التي كانت بعيدة كل البعد عمّا يعيشه حالياً نجوم الملايين، وذلك على رغم أنه أحد أفضل اللاعبين الذين عرفتهم الملاعب.
الضربة كانت قاسية على الابن الأصغر لعائلة متواضعة من المهاجرين الإيطاليين الذين حلوا في فرنسا، لكن أفضل لاعب في أوروبا لأعوام 1983 و1984 و1985 لن يلقي سلاحه بهذه السهولة ولن يحترق بنيران «فيفا» وبلاتر من دون مقاومة، إذ ندد سريعاً بقرار لجنة الأخلاقيات واعتبره «مهزلة حقيقية» تهدف إلى «تلطيخ» سمعته من طرف هيئات نفى عنها «كل شرعية وصدقية» وفقاً لبيان أرسله إلى وكالة «فرانس برس».
وقال بلاتيني: «موازاة مع لجوئي إلى محكمة التحكيم الرياضي، أنا عاقد العزم، على اللجوء إلى المحاكم المدنية في الوقت المناسب، للحصول على تعويضات عن جميع الأضرار التي عانيت منها لأسابيع طويلة جداً بسبب هذا الحكم. سأذهب حتى النهاية في هذه العملية».
وكتب بلاتيني في مقدمة بيانه: «هذا القرار لا يفاجئني»، مضيفاً «أنا مقتنع بأن مصيري كان محسوماً قبل جلسة الاستماع التي عقدت في 18 كانون الأول (ديسمبر) أمام لجنة الأخلاقيات، التي استمرت تسع ساعات بحضور محاميه تيبو داليس بعدما قرر الفرنسي مقاطعتها، وأن هذا الحكم هو تستر مثير للشفقة على رغبة في إقصائي من عالم كرة القدم».(ا ف ب)