حواتمة يدعو عباس إلى وقف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال والاستيطان

عروبة الإخبار ي- أجرت فضائية A.N.B»» في برامج « منبر للحوار» حوارا مع الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة وحاورته ربى التميمي وهذا نص الحوار:

■ فيلسوف الثورة السيد نايف حواتمة؛ اليوم المنطقة برمتها تشهد ـــ للأسف ـــ أحداثاً دامية، والأكثر دموية هو في الأرض الفلسطينية… أنتم في الفصائل الفلسطينية تعلنون دائماً بأنكم من أوائل المحررين، والذين يعلنون عن شعارات التحرير، أين أنتم اليوم مما يحدث في الأراضي الفلسطينية؟

■■ نحن نعتبر ــــ وحركة الواقع تشير إلى ذلك ـــــ أننا أنجزنا حجماً كبيراً في الجهاد الأكبر، منذ الرد على هزيمة حزيران 1967 حتى يومنا، على طريق إنجاز حقوق شعبنا الوطنية؛ حقه في تقرير المصير، وبناء دولة فلسطين المستقلة على حدود 4 حزيران/ يونيو 1967، وعاصمتها القدس العربية المحتلة بذات العام، وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم بموجب القرار الأممي 194، لكن علينا أن لا ننسى أن مشوارنا ليس بالقصير، لأن دولة الاحتلال الإسرائيلي و الاستعمار الاستيطاني في الأراضي المحتلة عام 1967، لم تنزل بعد عن الشجرة العدوانية التوسعية في بلدنا، ما زالت لها أطماع توسعية لم ترتدع بعد، وآخر مثال على ذلك جولة كيري الأخيرة، التي انتهت إلى فشل .. ومن فشل إلى فشل، هذا الدرب الطويل للنضال الوطني الفلسطيني يرتبط أيضاً بأن «إسرائيل» في رعاية المركز الإمبريالي الأمريكي.

انجزنا إعادة بناء الهوية والشخصية الوطنية لشعبنا، بناء اجماع فلسطيني وعربي ودولي على الحقوق الوطنية القائمة بذاتها والإطار السياسي والقانوني الجديد المحلي والإقليمي والقاري والدولي لقرارات الشرعية الدولية وخاصة اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين على حدود 4 حزيران 67 وعاصمتها القدس العربية المحتلة، وحق اللاجئين بالعودة، وعلينا الآن البناء عليه بثلاثة مشاريع دولية جديدة «الاعتراف بدولة فلسطين عضو عامل في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ثانياً: عقد مؤتمر دولي للسلام ولحل قضايا الصراع الفلسطيني ـــ الاسرائيلي بمرجعية قرارات الشرعية الدولية، ورعاية الدول الخمس الدائمة العضوية لمجلس الأمن، وثالثاً: حماية دولية لشعب وأراضي فلسطين وإرسال قوات دولية ووقف الاستيطان».

■ يعني برأيك اليوم ما يحدث على الأراضي الفلسطينية، هل لنا أنها نستقبله بهذه الإمكانيات التي أمامنا.. والوضع أصبح أكثر خطورة، والمطلوب أن يكون هنالك إجراءات، المطلوب أن يكون هنالك برامج أكثر مجدّية، لمواجهة هذا العدو الذي يزداد خطره يوماً بعد يوم؟

■■ الوضع في عنق زجاجة ــــ في الحقيقة ـــــ ليس في يومنا، بل دخل إلى عنق الزجاجة منذ اتفاقات أوسلو الجزئية والمجزوءة، التي لم ولن تفتح على حلول سياسية شاملة، تؤدي إلى الحدود الدنيا من الحقوق الوطنية الفلسطينية التي أشرنا إليها، ولذلك الحالة الفلسطينية في حالة غليان، بالكاد أن يهدأ بعد اتفاقات أوسلو؛ وخاصةً الآن؛ وقد مّرت على هذه الاتفاقات ومفاوضات 22 سنة، فشل كامل ومن فشل إلى فشل، بينما كانت تَعدُ هذه الاتفاقات بخمسة سنوات، أي بسقف أيار/مايو 1999، وتكون التسوية السياسية الشاملة قد أنجزت.

 على مدى 22 عاماً، كنا نقول ــــــ الآن فقط يعلن أيضاً ـــــ الذين يتحملون مسؤولية أوسلو، 22 سنة من المفاوضات وهي عقيمة منذ أن أعلنت، ولم تنتج شيئاً باتجاه تسوية سياسية شاملة، بل أدت إلى انتفاضات جديدة في مواجهة عمليات التهويد والأسرلة في القدس، وعمليات زحف غول الاستيطان على امتداد الضفة الفلسطينية، ولذلك نحن بصدد أوضاع جديدة، لأن شعبنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي الشتات، لا يلمس أن هنالك أفقاً سياسياً، فريق اوسلو طوال هذا الزمن في مفاوضات عقيمة، وبذات الوقت انقسام فلسطيني ـــــ فلسطيني، نتج عن صراعات سياسية وعسكرية بين فتح وحماس على السلطة والمال والنفوذ ومشاريع سياسية انقسامية فاشلة، وبدعم وتمويل محاور اقليمية ودولية، وحتى وضعت حماس يدها بالقوة العسكرية على قطاع غزة، وتم الفصل بين قطاع غزة والضفة الفلسطينية، كذلك يوجد أزمة اقتصادية كبيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأزمة غياب العدالة الاجتماعية، نسبة البطالة لدينا في الضفة هي 30 بالمئة من القوى الشابة الفتيّة، ونسبة البطالة بقطاع غزة هي  60 بالمئة من القوى الشابة الفتيّة، لذلك تلاحظين أن الانتفاضة شبابية الآن في الأراضي المحتلة، وأقصد بالقدس والضفة وقطاع غزة.. هي من عناصر شابة، وإذا أحصّينا عدد الشهداء ( 129 ) شهداء، إعدامات مباشرةً على الفور بالميدان، نجد أن الأغلبية الساحقة وبالتحديد فوق 98 بالمئة من هؤلاء الشبان، هم دون سن العشرين، أي طلاب الثانويات والجامعات، وعمال البطالة، وخريجي الجامعات وثانويات فضلاً عن دور بارز للمرأة في هذه الانتفاضة الشبابية.

هذه الانتفاضة الشبابية تعطي الأمل، لأنها اختبرت ما ذكرت من أزمات، وخاصةً غياب الأفق السياسي، والانقسام الفلسطيني ـــــ الفلسطيني، والمفاوضات العقيمة، فضلاً عن البطالة التي يعيشون، لذلك يعطي الشباب أملاً، لأن انتفاضتهم قابلة للتطور والتحول إلى انتفاضة شعبية شاملة، لأنهم لم يستأذنوا أحداً عندما نزلوا إلى الأرض والميدان، لم يستأذنوا أحداً من السلطة الفلسطينية، ولا أحداً من قيادات الفصائل الفلسطينية، وهم بنوا علاقاتهم كشباب في شبكات التواصل الاجتماعي، وانتقلوا من الافتراض إلى الميدان، وقد وصلنا إلى مطلع الشهر الرابع في هذه الانتفاضة الشبابية، والثمن يدفع كاملاً وبدون تردد من قبل الشابات والشباب، هنا أقول، هذا جيل جديد، يختبر طاقاته، وعليه أن يعمل على تنظيم صفوفه حتى يصبح أكثر تواصلاً، وأن يتطور بالانتفاضة، إلى انتفاضة شعبية شاملة، تنزل فيها كل قطاعات الشعب، وكل مكوناته وفئاته العمرية، من أجل الحرية والاستقلال. 

من أجل طرد الاستعمار الاستيطاني وقوات الاحتلال، من أجل انهاء الانقسام في الصف الفلسطيني، وإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، حتى يرحل الاحتلال، لأن الشبان يعلمون جيداً بأن هذه الانتفاضة ليست الانتفاضة الأولى، الانتفاضة الكبرى المغدورة من عام 1987 إلى عام 1993، التي نادت بالحرية والاستقلال، الحصاد مرّ وبائس اتفاقات أوسلو الجزئية والمجزوءة، كذلك الانتفاضة الثانية من عام 2000 إلى عام 2004، أعاد الاحتلال احتلاله المباشر على جميع مناطق الضفة الفلسطينية، وعلى الجانب الآخر فرض انسحاب الاحتلال من قطاع غزة، ورحيل المستوطنين وتدمير المستوطنات في القطاع في مارس/ آذار 2005، هذا كله يجب أن نلاحظه، ــــ وهم يلاحظونه ـــــ، فضلاً عن البطالة التي يعيشون والأزمات الاجتماعية التي يعيشون، ولذا أقول إن هذه الانتفاضة تعطي قوة مثل جديد، ووسائل جديدة اختبرها شباب الانتفاضة بأنفسهم .. 

كذلك يعيش جيل الشباب تحت مفارقة عنصرية في أوضح تجلياتها، التمييز في أشد عدوانه القبيح، في أراضي عام 1948، وفي الضفة الفلسطينية والقدس، وهم ضحية هذه العنصرية ونظام الآبارتهيد، وحروبه التدميرية على قطاع غزة، العقوبات الجماعية، واليوم نشاهد عمليات إعدام واغتيال ممنهجة للشباب والأطفال في سلوك همجي غير مسبوق بجرائم قوات الاحتلال «ودواعش الارهاب اليهودي من حرق الطفل محمد أبو خضير في القدس إلى خرق عائلة الدوابشة في دوما جنوب نابلس … الخ»، وبذات الوقت يأتي كيري بهدف مركزي وحيد.. ليشد من أزر دولة الاحتلال، تأتي الانتفاضة الشبابية لتقدم حلولاً جدّية في حال تحولها إلى انتفاضة شعبية وطنية فلسطينية شاملة، تعمل على إخراج القضية الفلسطينية من دائرة «عنق الزجاجة» والمراوغات والمخاتلات والمناورات إلى دائرة الحلول الجدّية بتقرير المصير والدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، في مواجهة عمليات «تكريس الأمر الواقع» و «شرعنة الاحتلال»، من خلال بحثها الكفاحي عن تجذير المواقف الأممية المتضامنة مع حقوقه، ونقلها إلى حيز التدويل والشرعية الدولية، ناهيك عن الضغط على حكوماتها كي تفصح عن مواقف أكثر جذرية وتتبنى عدالة فلسطين.

■ ما هي الوسائل الجديدة برأيك التي تنتقل على أرض الواقع، وأنت تعول عليها، وتعول على الشباب تحديداً وليس على القيادة الفلسطينية؟

■■ التعويل الأساسي هو على الانتفاضة الشبابية، لأن عناصر قيادية في سلطتي فتح وحماس لم تنخرط في عمليات تطوير الانتفاضة، إلى انتفاضة شعبية شاملة، بل بعض من هذه القيادة يرفع شعارات ضارة وسامة «الهدوء مقابل الهدوء .. لا للتصعيد، لا للعنف، نحن ضد التصعيد». 

الاحتلال والاستعمار الاستيطاني هو العنف كاملاً، والعنف هو آلة الحرب العدوانية الإسرائيلية الهائلة، المتفوقة بطاقاتها التكنولوجية والعسكرية، العنف ليس بالحجارة ولا بوسائل بدائية اهتدى الشباب إليها، بعد تجربة الانتفاضة الكبرى المغدورة، وكانت بالحجارة والصدور العارية، وتجربة الانتفاضة الثانية التي دخل بها السلاح على الجانبين، الآن الشباب بالصدور العارية  والحجارة بآليات بدائية صامدون، ويواصلون، وعلى القيادة الفلسطينية فصائلاً وقيادات بكل تلاوينها، أن يعملوا سريعاً للتطوير بهذه الانتفاضة، التطوير الذي يتطلب اللجنة العليا لتطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية التي تتشكل من الأمناء العاملين لثلاثة عشر فصيلاً، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وبعض الشخصيات المستقلة، لنضع خطة موحدة لبرنامج سياسي موحد، ونضع خطة فعلية بآليات تنفيذية لإنهاء الانقسام، وتوحيد كل القوى والمكونات والفصائل، بجانب الانتفاضة الشبابية لتطويرها إلى انتفاضة شعبية شاملة أولاً، وتنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير (آذار 2015) بذات الوقت.

■ نلاحظ أن مقاومة الاحتلال أصبحت فردية من خلال السلاح الأبيض والطعن، وهذا يدل على مدى الحالة الصعبة والمتردية التي وصلت لها القيادة الفلسطينية، وأصبح الشعب هو الذي يعبر عما بداخله من احتقان وغضب، ومن رفض لهذا الاحتلال بأبسط ما لديه… الجميع يسأل اليوم أين هي هذه الفصائل الفلسطينية؟ أين هي في الأرض الفلسطينية؟ ما الذي تحققه اليوم؟ ، كيف تواجه هذا العدوان الخطير..؟ وأنت ذكرت أيضاً أن هناك آفاق سياسية جديدة، وتتطلب أيضاً على الأقل مقاومة من نوع جديد؟

■■ الفجوة بين القيادة السلطوية وبين جيل الشباب عميقة، انتفض الشباب أول محاولة لانتفاضة شبابية جادة جرت في آذار/مارس 2011 مستلهمة تجربة شباب ثورتي 14 يناير في تونس، ثورة 25 يناير في مصر، دعت لإسقاط الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، ودعت إلى الحرية والاستقلال، وبعدها بشهرين انعقد الحوار الوطني الشامل في القاهرة، تحت ضغط هذه الانتفاضة الشبابية، وكانت أشبه ب«بروفة» للانتفاضة الأوسع، وانعقد الحوار بالقاهرة تحت إدارة القيادة المصرية، وانجزنا البرنامج الرابع لإنهاء الانقسام، برنامج 4 أيار/مايو 2011، وفي ذلك الوقت كانت ثورة 25 كانون الثاني/يناير في مصر، قد أسقطت الطوابق العليا من نظام الاستبداد والفساد المباركي، وكان لزاماً العمل على تطبيق البرنامج الجديد، لكن القيادة السلطوية الفلسطينية بكل مكوناتها، من له مصالح فئوية حزبية ضيقة، وأنانية زعامتيه وفردية أنانية، من الذين بيدهم السلطة برام الله، والذين بيدهم السلطة بغزة، بالإضافة إلى المحاور الإقليمية والشرق أوسطية التي لها مصالح، وتمد يدها يومياً بالشؤون الداخلية الفلسطينية ــــــ بالمعدة الفلسطينية ـــــــ،  وفقاً لمصالحها الخاصة الإقليمية، والصراع على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، وقد تعطل هذا البرنامج أيضاً، الشباب انتظروا من 2011 إلى 2015 إلى أن انفجر الوضع من جديد، لأن الأمور لم تتحرك بالاتجاهات الإيجابية كما ذكرنا،  ولذلك يوجد فجوة كبيرة أيضاً بين جيل الشباب ، وجيل الثورة بعد هزيمة الرابع من حزيران 1967، وفجوة كبيرة  أيضاً بين جيل الشباب الجديد وبين جيل من نشأ مع وبعد أوسلو ومفاوضات عقيمة 22عاماًمن الفشل والفساد، وبدون وقف الاستيطان، هذا جانب، ومن جانب آخر، علينا أن نلاحظ جميعاً، أن كل من هو فوق سن الـــ 25 تقريباً، غير منخرط حتى الآن في هذه الانتفاضة الشبابية، لأن الفجوة بينه وبين القيادة الفلسطينية أكبر من الفجوة بين الشباب الجديد والقيادة الفلسطينية، لماذا؟ لأنهم جربوا تجربة الثورة والمقاومة العظمى التي انجزنا فيها لشعبنا استعادة هويته الوطنية، واستعادة هويته السياسية والقانونية الفلسطينية والعربية والاقليمية والدولية، وأنجزنا له برنامجاً يوحد الشعب: حق تقرير المصير، لمن هو بالشتات، وداخل الأراضي ال48، وحق دولة مستقلة ولمن هم على أرض 4 حزيران/ يونيو 1967، وحق العودة لمن هم بالشتات، فوحدنا الشعب الفلسطيني.

 هذه انجازات كبرى يُبنى عليها، ومما بني عليها الانجاز السياسي الكبير.. الانجاز السياسي والقانوني الأممي الشامل، الذي وقع بتصويت الجمعية العامة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر عام2012، لأول مرة تعترف الجمعية العامة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بدولة فلسطين على حدود 4 حزيران 1967،  وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين بوجب القرار194 إلى ديارهم.

هذا كله لم يُحل بالمفاوضات  العقيمة منذ عام 1993ـــــ2014، الآن نحن أمام 22 سنة ودخلنا بالعام الثالث والعشرين، عاصر الثورة جيلان، وجيل لاتفاقيات أوسلو وتداعياتها العقيمة، هذه الفجوة بينهم وبين القيادة السلطوية الفلسطينية، أوسع من الفجوة بين شباب الانتفاضة الحالية وبين مكونات التيارات الشابة في صفوف الشباب الفلسطيني، ولهذه الأسباب جميعاً قلت:ـــــ هذه الانتفاضة لم تستأذن أحداً، نزلت إلى الميدان، وهي تعلم أن الثمن سيكون كبيراً وهو كبير..، يومياً الاعدامات الفورية بقرارات سياسية صدرت من المجلس الإسرائيلي الوزاري المصغر «كابينت»، وعلى الشك وعلى الاشتباه ــــــ على حد تعبير نتنياهو ــــــ ، على سبيل المثال إذا سار أحد ويده بجيبه ــــ فوراً إعدام ـــــ، بدون تحقيق بدون قضاء بدون محاكمة، هذا لم يقع في أي بلد من بلدان العالم، إلا على يد حكومة نتنياهو اليمينية واليمينية المتطرفة، وفي ظل حكومة غلاة اليمين المتطرف بعنصرية أيديولوجية، مفارقاته غير مسبوقة في تاريخ العالم. 

 ولذلك حتى نعيد اليقين إلى جيل ما بعد الـ 25 عمراً، ونعزز عمل الانتفاضة الشبابية الآن وليس غداً، وغداً وليس بعد الغد، الخطوات الأولى هي ترتيب البيت الفلسطيني، اتخذنا قرارات في آذار/ مارس 2015 في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الخطوة الأولى: وقف التنسيق الأمني كلياً مع دولة الاحتلال وقوات الاحتلال.

الخطوة الثانية: إلغاء اتفاق الإلحاق الاقتصادي الفلسطيني الهشّ الضعيف بالاقتصاد الإسرائيلي العملاق، لأن مجموع الاقتصاد الفلسطيني بحجم الانتاج السنوي الفلسطيني، هي 8 مليار دولار، منها 6 مليار دولار تعود لإسرائيل، بضاعة قادمة عن طريق إسرائيل، أم منها، وبالمقابل الاقتصاد الإسرائيلي سنوياً 245 مليار دولار، حجم الانتاج المحلي الإسرائيلي، وبالتالي الاقتصاد الفلسطيني لا يستطيع أن ينافس أحداً من القوى الإسرائيلية، لأنه لا يوجد لديه تنمية اقتصادية، ويوجد مجاعات، ولا يوجد عدالة اجتماعية، ولذلك ما اتفقناعليه في أذار / مارس 2015 هو للتنفيذ، والكل يعلم، محمود عباس يعلن بأنها قرارات ملزمة، وقد مرت تسعة  أشهر ولم تنفذ هذه القرارات.

الخطوة الثالثة:ــ إلغاء مناطق (أ، ب، ج) التي مزقت الضفة الفلسطينية، بموجب اتفاقات أوسلو الجزئية. (أ) 18 بالمئة بيد السلطة الفلسطينية، بدون سيادة على الأرض، 22 بالمئة سلطة مدنية فلسطينية، بينما السلطة العسكرية والأمنية باليد الإسرائيلية، 60 بالمئة احتلال كامل إسرائيلي.

قبل لحظات كنت أقرأ ما تسرب بالصحافة الإسرائيلية، نتنياهو يبحث بإضافة بضعة كيلومترات من مناطق (ج) المحتلة التي نسبتها 60 بالمئة من مجموع الضفة الفلسطينية، أن ينسحب من 1،9 بالمئة من 60 بالمئة من مجموع الضفة الفلسطينية، أي وفق الاحتكاك المباشر بين الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وقوات الاحتلال، وهذا يعني لا شيء، تعديلات اقتصادية، تسهيلات بالدخول إلى الداخل «إسرائيل»، وكلها تجري في عمل أسود، كلها العمل الشاق، وليس العمل التكنولوجي، وليس العمل الصناعي، وبالتالي هذا لا يحل شيئاً، وعندما طالب كيري بتسهيلات للفلسطينيين كان عليه أن يطالب بشيء آخر، خاصةً أن أجرى مفاوضات تسعة أشهر، أن يطالب برحيل الاحتلال، أن يطالب أن ينسحب الاحتلال، أن يطالب بوقف الاستيطان، لا أن يطالب بتسهيلات اقتصادية جزئية لا تحل شيئاً، لذلك الانتفاضة الشبابية لم تستجيب إلى هذا، وقد رفضت هذا، علينا أن ننفذ ما قررناه في آذار /مارس 2015، وأن نعود إلى محكمة الجنايات الدولية ونقدم شكاوى حول الجرائم الاسرائيلية «جرائم الحرب» وفي المقدمة الإعدامات الجارية في الميدان يومياً، داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحتى الآن السلطة الفلسطينية تتهرب من تقديم الشكاوى تحت الضغط الأميركي والتهديدات الاسرائيلية، تقدم لمحكمة الجنايات الدولية الملفات، وهي قراءة ولم تقدم أي شكوى حتى الآن، وهذا كله قررناه ولكنه معطّل، يجري ترحيله إلى عام 2016 وبدون سقف زمني للتنفيذ.

أيضاً قررنا في لقاء مع الأخ أبو مازن، قررنا أن نذهب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في ثلاثة قرارات جديدة:ـــ 

الأول: الاعتراف بدولة فلسطين عضواً عاملاً في الأمم المتحدة، حتى تصبح مسؤولية الأمم المتحدة بالعمل سياسياً ودبلوماسياً وقانونياً، وبالعقوبات الاقتصادية، وبتجميع الطاقات الدولية من أجل رحيل الاحتلال واستعمار الاستيطان، وتأمين حق شعبنا بتقرير المصير والحرية والاستقلال، وعند ذاك سنقول للعالم أن هذه السلطة الفلسطينية انتهى  دورها، والآن دور الأمم المتحدة لتحل المعضلة، باعترافها بدولة فلسطين عضواً عاملاً وبما هو منصوص عليها في قانون الأمم المتحدة، كما فعلت ناميبيا، وكما فعلت جنوب افريقيا أيضاً، هذا أولاً ما اتفقنا عليه.

الثاني: مشروع قرار آخر بدعوة الأمم المتحدة لإرسال قوات دولية للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 القدس والضفة وقطاع غزة لحماية الشعب والأرض الفلسطينية، حماية الشعب من بطش الاحتلال، وحماية الأرض من عمليات الاستيطان الاستعماري. 

الثالث: الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام لحل قضايا الصراع الفلسطيني ـــ الاسرائيلي وفقاً لمرجعية قرارات الشرعية الدولية، وبرعاية الدول الخمس الدائمة العضوية، بعد تجريب 22 سنة بالانفراد الأميركي.

هذه المشاريع الثلاثة تدول كل القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية، ومؤخراً «الكابنيت» الاسرائيلي أي “المجلس الوزراي المصغر” قال : إن السلطة الفلسطينية خففت على  “اسرائيل” المسؤولية..، أي المقصود الأعباء عن الاحتلال، إذا “اسرائيل”  عادت واحتلت وبشكلٍ مباشر الأراضي الفلسطينية، لذلك علينا أن نجمع الأن بين ترتيب البيت الفلسطيني، وبين التدويل للحقوق الوطنية الفلسطينية. 

■ موضوعة «دولة فلسطين» عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، هي أهم ما تحدثتم بها مباشرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخراً، أنتم تذهبون وتطالبون الأمم التي تكيل بمكيالين؛ كيف لها أن تنصف القضية الفلسطينية، وقد مرت أمامنا عقوداً من الزمن ، نسمع ونرى ونشاهد ونلمس المجتمع الدولي، ماذا فعل للقضية الفلسطينية؟ وكيف تعولون على هذه الجهات؟!

■■ تشاورنا واتفقنا على هذا في عمان، وتقرر أيضاً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بالاجماع، مشاريع القرارات ينبغي أن تأخذ دورها إلى الأمم المتحدة، المهم أن ننقل الاتفاقات إلى الخطوات العملية، وأن لا ننحني أمام الضغوط الأميركية التي لا تتوقف، اجتمعت أنا  والأخ أبو مازن محمود عباس، وهو يدرك أن الضغوط الأميركية لن تتوقف، واتفقنا على عدم سياسية الانحناء أمام الضغوط الأميركية، واقترح أن ننتظر قليلاً إلى أن يأتي كبرى للمنطقة، وجاء كيري ولم يقدم شيئاً… وانتهت إلى فشل.

■ دائماً نحن نعلق أي ردة فعل لا تأتي بالمستوى المطلوب ، بأن هنالك الضغوط ، ونقول أن الضغوطات هي التي آلت إلى مانحن عليه الآن.. والوضع يزداد سوءاً..؟ 

■■ أولاً: انحنت السلطة الفلسطينية 22 عاماً ولذلك كفى.. هناك مصالح مالية مادية، ومالية سياسية وفئوية وشخصية وحزبية ضيفة موجودة داخل السلطة في رام الله  وموجودة ذاتها في غزة، أصحاب هذه المصالح يتحملون المسؤولية الأساسية عن الانقسام، وتعطيل قرارات ترتيب البيت الفلسطيني في المجلس المركزي وقرارات الاجماع الوطني، أي أولاً تصحيح السياسة والعلاقات الفلسطينية – الفلسطينية.

ثانياً: الجانب الآخر الحالة الاقليمية العربية والشرق أوسطية، والمحاور الاقليمية المتصارعة فيما بينها على النفوذ، تقدم التمويل المالي والسياسي والاعلامي للسلطة برام الله، ولسلطة حماس في غزة، وعلينا أن نغادر الانحناء لكل هذه الضغوطات، ما نقرره ننفذه، ونعمل مع الدول في الشرق الأوسط والعالم، من أجل أن تستجيب للحقوق الوطنية الفلسطينية، إن دخولنا بمشروع قرار جديد بالأمم المتحدة، الاعتراف بدولة فلسطين عاملة كاملة العضوية، يجعلنا عضواً عاملاً في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ويوجب على الأمم المتحدة أن تتحلى بالمسؤولية الكاملة القانونية والسياسية والدبلوماسية والعقوبات ، وإرسال قوات تابعة للأمم المتحدة إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، على سبيل المثال: لماذا في سيناء يوجد حتى الآن قوات متعددة الجنسية بلبنان.. والجولان قوات أمم متحدة.. لماذا كل أزمة من أزمات الشرق الأوسط يوجد لها صيغة دولية، 67 عام وقضيتنا الوطنية الفلسطينية معلقة بدون صيغة دولية، وبانفراد، إما في حينها الكولونيالية البريطانية، والانفراد الراهن أميركي، هذا هو الذي يجب أن ينتهي، نحن خطونا خطوة هامة بهذا الاتجاه، وعندما نتزع العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، سنقول تفضلوا هذه مسؤوليتكم بحماية الأرض  والشعب، وعليكم أن ترحلوا الاحتلال بموجب قوانين وقرارات الشرعية الدولية، والقرار الثاني هو دعوة الأمم المتحدة للتصويت لمؤتمر دولي للسلام، برعاية الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، وبمرجعية قرارات الشرعية الدولية، لأن كل المفاوضات منذ أوسلو22 سنة وحتى يومنا، هي بدون حالة المرجعية الدولية، كلها جرت على الطاولة وما يتقرر على الطاولة بين الذئب والحمل، بين الذئب الاسرائيلي الشرس وبين الحمل الفلسطيني، ما يتقرر هو القرار، وقرارات الشرعية الدولية كلها معلقة، القرارات الثلاث الجديدة تحدث تحول بموقف الشرعية الدولية.

 الآن الانتفاضة تقدم فرصة استثنائية تاريخية لإعادة جسر الهوة الواسعة بين الشعب والسلطة، وجسر الهوة بين جيل الشباب والسلطة، وبين كل الأجيال، لننهي الانقسام، كما قررنا من 2005 ـ 2006، 2009، 2011، 2013، وحتى يومنا أن ننهي الانقسام بأربع برامج وطنية، ولم ينتهِ الانقسام، بسبب المصالح الفئوية والزعامتية والفردية بين أبناء السلطوية  في رام الله وغزة أولاً، ووقف التدخلات بين المحاور الإقليمية العربية وشرق الأوسطية المالية والسياسية والاعلامية السامة ثانياً.

هكذا نطوي الضغوط الأميركية، بمؤتمر دولي للسلام بمرجعية قرارات الشرعية الدولية وعضوية الدول الخمس دائمة العضوية ،  وهكذا تصبح القرارات مدولة  لتحديد مسؤولية الأمم المتحدة، وعلينا أن نبدأ من الآن، بترتيب البيت الفلسطيني. 

■ بصراحة… القيادة الفلسطينية بردود فعلها الحالية وسياستها الآن.. هل ترقى إلى مستوى الشعب الفلسطيني… هل ترقى إلى خطورة الوضع الراهن؟

■■ لا … ترقى … والسؤال مشروع، لا ترقى إلى الروح الكفاحية للشعب الفلسطيني، والعطاءات التي يقدمها، حولنا وأمامنا بالثورة على امتداد عشريات السنين؛ رداً على هزيمة حزيران/ يونيو 1967، ومن أجل استعادة بناء الشخصية الوطنية الفلسطينية السياسية والقانونية، فلسطينياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، وقدم عشرات آلاف الشهداء، وكان معنا في كل دقيقة. 

عندما تشكلت السلطة الفلسطينية؛ مشت في طريق أوسلو ومصالح السلطة بالقوة الأمنية والمالية، كذلك ذهبت حماس إلى القوة والحسم العسكري بمشروع إسلام سياسي إخواني وصل إلى طريق مسدود.

الآن لدينا أربعة برامج اجماع وطني تعالوا لتنفيذها حتى نضمن أن الانتفاضة تسير إلى الأمام وتتطور بقيادة وطنية شاملة وأن نعود إلى الشعب بإدارة الحكومة الوطنية الشاملة للانتفاضة الشاملة، وانتخابات شاملة لمجلس وطني فلسطيني، ولكل مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، تقوم على التمثيل النسبي الكامل.

لقد قررنا هذا أيضاً في قانون الانتخابات الذي توصلنا له في شباط / فبراير 2013 بالقاهرة بالحوار الوطني الشامل، لننهض من جديد في إطار وحدوي منتخب، وننتهي من مجلس وطني فلسطيني منذ عشرين سنة معطل، والآن له دورة جديدة، اعتقد بالربع الأول من عام 2016، كان مقرراً أن يكون مع نهاية هذا العام، وقد نأجل إلى الموعد الجديد الذي ذكرت، ننتهي من مجلس قد شكل بالتوافق قبل عشرين سنة، بالتوافق لأنه كان يحرم علينا الانتخابات، الآن أمامنا تطوير الانتفاضة إلى انتفاضة شعبية شاملة، تصحيح وإعادة بناء البيت الفلسطيني.

■ سيد نايف حواتمة، نعود إلى نفس السؤال الذي طرحناه حول ردة فعل القيادة الفلسطينية لمستوى الحدث، نقول أيضاً أن هناك انتقادات توجه إلى الشعب الفلسطيني.. حيث لم تكن ردود الفعل بحجم الجرائم الإسرائيلية كما كان متوقعاً، أين هي الانتفاضة الفلسطينية؟! أم أن سياسات القيادة الفلسطينية التي تقمع وتعتقل هي السبب؟

■■ حالة الشعب الفلسطيني رغم كل الظروف، هي حالة وطنية وثورية بامتياز..، عمليات الاحتواء والتطويق والقمع السلطوية كارثة يجب أن تتوقف.

■  اليوم ردة فعل!

■■ جاهزة حالة شعبنا لتقديم كل التضحيات الضرورية، لكن التجارب المرة؛ تجربة الانتفاضة الأولى، بدلاً عن الحرية والاستقلال، بعد ستة سنوات، هي اتفاقات أوسلو الجزئية، تجربة الانتفاضة التي قدم بها هذا الشعب 4700 شهيد، وهذا كله ولدّ أشكالاً من اليأس والإحباط، لكن علينا أن نلاحظ برغم هذا كله، أن الشعب لديه جاهزية عالية جداً للنهوض من جديد، الآن انتفاضة شبابية مرشحة لانتفاضة شعبية شاملة، والحل هو على القيادة الفلسطينية أن تنزل إلى الميدان مع شعبها وفي مقدمة شعبها: برامج الاجماع الوطني، بسلسلة من الخطوات الأساسية، كما ان القيادة السلطوية الفلسطينية التي زرعت الانقسام، أن تنهي الانقسام وفقاً لما قررنا، قرارات المجلس المركزي 2015، قرارات تدويل القضية الفلسطينية، وتعريض جرائم «إسرائيل» كلها إلى شكاوي لمحكمة الجنايات الدولية، على هؤلاء أن يستجيبوا لبناء الجسور مع الشعب من جديد، بكل عناصره وشرائحه، وفتح أفق سياسي جديد وموّحد، وحل أزمة المفاوضات، لتقوم المفاوضات على قرارات الشرعية الدولية، ومؤتمر دولي للسلام بإشراف الأمم المتحدة، وبرعاية الدول الخمس دائمة العضوية، باعتبار الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967أراضي محتلة، سلسلة قرارات من جديد. هذا الذي ينهي حالة التردي والانتظار وإنهاء مساحة من اليأس والإحباط، والسير إلى الأمام بحكومة وطنية شاملة وانتخابات شاملة.

■ شكراً للسيد نايف حواتمة .. شكراً لفيلسوف الثورة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين،

السيد حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أهلاً وسهلاً بك سيد نايف؛ وشكراً لتلبيتك الدعوة وحضورك اليوم معنا في هذا اللقاء الخاص.

فيلسوف الثورة السيد نايف حواتمة؛ اليوم المنطقة برمتها تشهد ـــ للأسف ـــ أحداثاً دامية، والأكثر دموية هو في الأرض الفلسطينية… أنتم في الفصائل الفلسطينية تعلنون دائماً بأنكم من أوائل المحررين، والذين يعلنون عن شعارات التحرير، أين أنتم اليوم مما يحدث في الأراضي الفلسطينية؟

■■ نحن نعتبر ــــ وحركة الواقع تشير إلى ذلك ـــــ أننا أنجزنا حجماً كبيراً في الجهاد الأكبر، منذ الرد على هزيمة حزيران 1967 حتى يومنا، على طريق إنجاز حقوق شعبنا الوطنية؛ حقه في تقرير المصير، وبناء دولة فلسطين المستقلة على حدود 4 حزيران/ يونيو 1967، وعاصمتها القدس العربية المحتلة بذات العام، وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم بموجب القرار الأممي 194، لكن علينا أن لا ننسى أن مشوارنا ليس بالقصير، لأن دولة الاحتلال الإسرائيلي و الاستعمار الاستيطاني في الأراضي المحتلة عام 1967، لم تنزل بعد عن الشجرة العدوانية التوسعية في بلدنا، ما زالت لها أطماع توسعية لم ترتدع بعد، وآخر مثال على ذلك جولة كيري الأخيرة، التي انتهت إلى فشل .. ومن فشل إلى فشل، هذا الدرب الطويل للنضال الوطني الفلسطيني يرتبط أيضاً بأن «إسرائيل» في رعاية المركز الإمبريالي الأمريكي.

انجزنا إعادة بناء الهوية والشخصية الوطنية لشعبنا، بناء اجماع فلسطيني وعربي ودولي على الحقوق الوطنية القائمة بذاتها والإطار السياسي والقانوني الجديد المحلي والإقليمي والقاري والدولي لقرارات الشرعية الدولية وخاصة اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين على حدود 4 حزيران 67 وعاصمتها القدس العربية المحتلة، وحق اللاجئين بالعودة، وعلينا الآن البناء عليه بثلاثة مشاريع دولية جديدة «الاعترافبدولة فلسطين عضو عامل في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ثانياً: عقد مؤتمر دولي للسلام ولحل قضايا الصراع الفلسطيني ـــ الاسرائيلي بمرجعية قرارات الشرعية الدولية، ورعاية الدول الخمسالدائمة العضوية لمجلس الأمن، وثالثاً: حماية دولية لشعب وأراضي فلسطين وإرسال قوات دولية ووقف الاستيطان».

يعني برأيك اليوم ما يحدث على الأراضي الفلسطينية، هل لنا أنها نستقبله بهذه الإمكانيات التي أمامنا.. والوضع أصبح أكثر خطورة، والمطلوب أن يكون هنالك إجراءات، المطلوب أن يكون هنالك برامج أكثر مجدّية، لمواجهة هذا العدو الذي يزداد خطره يوماً بعد يوم؟

■■ الوضع في عنق زجاجة ــــ في الحقيقة ـــــ ليس في يومنا، بل دخل إلى عنق الزجاجة منذ اتفاقات أوسلو الجزئية والمجزوءة، التي لم ولن تفتح على حلول سياسية شاملة، تؤدي إلى الحدود الدنيا من الحقوق الوطنية الفلسطينية التي أشرنا إليها، ولذلك الحالة الفلسطينية في حالة غليان، بالكاد أن يهدأ بعد اتفاقات أوسلو؛ وخاصةً الآن؛ وقد مّرت على هذه الاتفاقات ومفاوضات 22 سنة، فشل كامل ومن فشل إلى فشل، بينما كانت تَعدُ هذه الاتفاقات بخمسة سنوات، أي بسقف أيار/مايو 1999، وتكون التسوية السياسية الشاملة قد أنجزت.

 على مدى 22 عاماً، كنا نقول ــــــ الآن فقط يعلن أيضاً ـــــ الذين يتحملون مسؤولية أوسلو، 22 سنة من المفاوضات وهي عقيمة منذ أن أعلنت، ولم تنتج شيئاً باتجاه تسوية سياسية شاملة، بل أدت إلى انتفاضات جديدة في مواجهة عمليات التهويد والأسرلة في القدس، وعمليات زحف غول الاستيطان على امتداد الضفة الفلسطينية، ولذلك نحن بصدد أوضاع جديدة، لأن شعبنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي الشتات، لا يلمس أن هنالك أفقاً سياسياً، فريق اوسلو طوال هذا الزمن في مفاوضات عقيمة، وبذات الوقت انقسام فلسطيني ـــــ فلسطيني، نتج عن صراعات سياسية وعسكرية بين فتح وحماس على السلطة والمال والنفوذ ومشاريع سياسية انقسامية فاشلة، وبدعم وتمويل محاور اقليمية ودولية، وحتى وضعت حماس يدها بالقوة العسكرية على قطاع غزة، وتم الفصل بين قطاع غزة والضفة الفلسطينية، كذلك يوجد أزمة اقتصادية كبيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأزمة غياب العدالة الاجتماعية، نسبة البطالة لدينا في الضفة هي 30 بالمئة من القوى الشابة الفتيّة، ونسبة البطالة بقطاع غزة هي  60 بالمئة من القوى الشابة الفتيّة، لذلك تلاحظين أن الانتفاضة شبابية الآن في الأراضي المحتلة، وأقصد بالقدس والضفة وقطاع غزة.. هي من عناصر شابة، وإذا أحصّينا عدد الشهداء ( 129 ) شهداء، إعدامات مباشرةً على الفور بالميدان، نجد أن الأغلبية الساحقة وبالتحديد فوق 98 بالمئة من هؤلاء الشبان، هم دون سن العشرين، أي طلاب الثانويات والجامعات، وعمال البطالة، وخريجي الجامعات وثانويات فضلاً عن دور بارز للمرأة في هذه الانتفاضة الشبابية.

هذه الانتفاضة الشبابية تعطي الأمل، لأنها اختبرت ما ذكرت من أزمات، وخاصةً غياب الأفق السياسي، والانقسام الفلسطيني ـــــ الفلسطيني، والمفاوضات العقيمة، فضلاً عن البطالة التي يعيشون، لذلك يعطي الشباب أملاً، لأن انتفاضتهم قابلة للتطور والتحول إلى انتفاضة شعبية شاملة، لأنهم لم يستأذنوا أحداً عندما نزلوا إلى الأرض والميدان، لم يستأذنوا أحداً من السلطة الفلسطينية، ولا أحداً من قيادات الفصائل الفلسطينية، وهم بنوا علاقاتهم كشباب في شبكات التواصل الاجتماعي، وانتقلوا من الافتراض إلى الميدان، وقد وصلنا إلى مطلع الشهر الرابع في هذه الانتفاضة الشبابية، والثمن يدفع كاملاً وبدون تردد من قبل الشابات والشباب، هنا أقول، هذا جيل جديد، يختبر طاقاته، وعليه أن يعمل على تنظيم صفوفه حتى يصبح أكثر تواصلاً، وأن يتطور بالانتفاضة، إلى انتفاضة شعبية شاملة، تنزل فيها كل قطاعات الشعب، وكل مكوناته وفئاته العمرية، من أجل الحرية والاستقلال.

من أجل طرد الاستعمار الاستيطاني وقوات الاحتلال، من أجل انهاء الانقسام في الصف الفلسطيني، وإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، حتى يرحل الاحتلال، لأن الشبان يعلمون جيداً بأن هذه الانتفاضة ليست الانتفاضة الأولى، الانتفاضة الكبرى المغدورة من عام 1987 إلى عام 1993، التي نادت بالحرية والاستقلال، الحصاد مرّ وبائس اتفاقات أوسلو الجزئية والمجزوءة، كذلك الانتفاضة الثانية من عام 2000 إلى عام 2004، أعاد الاحتلال احتلاله المباشر على جميع مناطق الضفة الفلسطينية، وعلى الجانب الآخر فرض انسحاب الاحتلال من قطاع غزة، ورحيل المستوطنين وتدمير المستوطنات في القطاع في مارس/ آذار 2005، هذا كله يجب أن نلاحظه، ــــ وهم يلاحظونه ـــــ، فضلاً عن البطالة التي يعيشون والأزمات الاجتماعية التي يعيشون، ولذا أقول إن هذه الانتفاضة تعطي قوة مثل جديد، ووسائل جديدة اختبرها شباب الانتفاضة بأنفسهم ..

كذلك يعيش جيل الشباب تحت مفارقة عنصرية في أوضح تجلياتها، التمييز في أشد عدوانه القبيح، في أراضي عام 1948، وفي الضفة الفلسطينية والقدس، وهم ضحية هذه العنصرية ونظام الآبارتهيد، وحروبه التدميرية على قطاع غزة، العقوبات الجماعية، واليوم نشاهد عمليات إعدام واغتيال ممنهجة للشباب والأطفال في سلوك همجي غير مسبوق بجرائم قوات الاحتلال «ودواعش الارهاب اليهودي من حرق الطفل محمد أبو خضير في القدس إلى خرق عائلة الدوابشة في دوما جنوب نابلس … الخ»، وبذات الوقت يأتي كيري بهدف مركزي وحيد.. ليشد من أزر دولة الاحتلال، تأتي الانتفاضة الشبابية لتقدم حلولاً جدّية في حال تحولها إلى انتفاضة شعبية وطنية فلسطينية شاملة، تعمل على إخراج القضية الفلسطينية من دائرة «عنق الزجاجة» والمراوغات والمخاتلات والمناورات إلى دائرة الحلول الجدّية بتقرير المصير والدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، في مواجهة عمليات «تكريس الأمر الواقع» و «شرعنة الاحتلال»، من خلال بحثها الكفاحي عن تجذير المواقف الأممية المتضامنة مع حقوقه، ونقلها إلى حيز التدويل والشرعية الدولية، ناهيك عن الضغط على حكوماتها كي تفصح عن مواقف أكثر جذرية وتتبنى عدالة فلسطين.

ما هي الوسائل الجديدة برأيك التي تنتقل على أرض الواقع، وأنت تعول عليها، وتعول على الشباب تحديداً وليس على القيادة الفلسطينية؟

■■ التعويل الأساسي هو على الانتفاضة الشبابية، لأن عناصر قيادية في سلطتي فتح وحماس لم تنخرط في عمليات تطوير الانتفاضة، إلى انتفاضة شعبية شاملة، بل بعض من هذه القيادة يرفع شعارات ضارة وسامة «الهدوء مقابل الهدوء .. لا للتصعيد، لا للعنف، نحن ضد التصعيد».

الاحتلال والاستعمار الاستيطاني هو العنف كاملاً، والعنف هو آلة الحرب العدوانية الإسرائيلية الهائلة، المتفوقة بطاقاتها التكنولوجية والعسكرية، العنف ليس بالحجارة ولا بوسائل بدائية اهتدى الشباب إليها، بعد تجربة الانتفاضة الكبرى المغدورة، وكانت بالحجارة والصدور العارية، وتجربة الانتفاضة الثانية التي دخل بها السلاح على الجانبين، الآن الشباب بالصدور العارية  والحجارة بآليات بدائية صامدون، ويواصلون، وعلى القيادة الفلسطينية فصائلاً وقيادات بكل تلاوينها، أن يعملوا سريعاً للتطوير بهذه الانتفاضة، التطوير الذي يتطلب اللجنة العليا لتطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية التي تتشكل من الأمناء العاملين لثلاثة عشر فصيلاً، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وبعض الشخصيات المستقلة، لنضع خطة موحدة لبرنامج سياسي موحد، ونضع خطة فعلية بآليات تنفيذية لإنهاء الانقسام، وتوحيد كل القوى والمكونات والفصائل، بجانب الانتفاضة الشبابية لتطويرها إلى انتفاضة شعبية شاملة أولاً، وتنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير (آذار 2015) بذات الوقت.

نلاحظ أن مقاومة الاحتلال أصبحت فردية من خلال السلاح الأبيض والطعن، وهذا يدل على مدى الحالة الصعبة والمتردية التي وصلت لها القيادة الفلسطينية، وأصبح الشعب هو الذي يعبر عما بداخله من احتقان وغضب، ومن رفض لهذا الاحتلال بأبسط ما لديه… الجميع يسأل اليوم أين هي هذه الفصائل الفلسطينية؟ أين هي في الأرض الفلسطينية؟ ما الذي تحققه اليوم؟ ، كيف تواجه هذا العدوان الخطير..؟ وأنت ذكرت أيضاً أن هناك آفاق سياسية جديدة، وتتطلب أيضاً على الأقل مقاومة من نوع جديد؟

■■ الفجوة بين القيادة السلطوية وبين جيل الشباب عميقة، انتفض الشباب أول محاولة لانتفاضة شبابية جادة جرت في آذار/مارس 2011 مستلهمة تجربة شباب ثورتي 14 يناير في تونس، ثورة 25 يناير في مصر، دعت لإسقاط الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، ودعت إلى الحرية والاستقلال، وبعدها بشهرين انعقد الحوار الوطني الشامل في القاهرة، تحت ضغط هذه الانتفاضة الشبابية، وكانت أشبه ب«بروفة» للانتفاضة الأوسع، وانعقد الحوار بالقاهرة تحت إدارة القيادة المصرية، وانجزنا البرنامج الرابع لإنهاء الانقسام، برنامج 4 أيار/مايو 2011، وفي ذلك الوقت كانت ثورة 25 كانون الثاني/يناير في مصر، قد أسقطت الطوابق العليا من نظام الاستبداد والفساد المباركي، وكان لزاماً العمل على تطبيق البرنامج الجديد، لكن القيادة السلطوية الفلسطينية بكل مكوناتها، من له مصالح فئوية حزبية ضيقة، وأنانية زعامتيه وفردية أنانية، من الذين بيدهم السلطة برام الله، والذين بيدهم السلطة بغزة، بالإضافة إلى المحاور الإقليمية والشرق أوسطية التي لها مصالح، وتمد يدها يومياً بالشؤون الداخلية الفلسطينية ــــــ بالمعدة الفلسطينية ـــــــ،  وفقاً لمصالحها الخاصة الإقليمية، والصراع على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، وقد تعطل هذا البرنامج أيضاً، الشباب انتظروا من 2011 إلى 2015 إلى أن انفجر الوضع من جديد، لأن الأمور لم تتحرك بالاتجاهات الإيجابية كما ذكرنا،  ولذلك يوجد فجوة كبيرة أيضاً بين جيل الشباب ، وجيل الثورة بعد هزيمة الرابع من حزيران 1967، وفجوة كبيرة  أيضاً بين جيل الشباب الجديد وبين جيل من نشأ مع وبعد أوسلو ومفاوضات عقيمة 22عاماًمن الفشل والفساد، وبدون وقف الاستيطان، هذا جانب، ومن جانب آخر، علينا أن نلاحظ جميعاً، أن كل من هو فوق سن الـــ 25 تقريباً، غير منخرط حتى الآن في هذه الانتفاضة الشبابية، لأن الفجوة بينه وبين القيادة الفلسطينية أكبر من الفجوة بين الشباب الجديد والقيادة الفلسطينية، لماذا؟ لأنهم جربوا تجربة الثورة والمقاومة العظمى التي انجزنا فيها لشعبنا استعادة هويته الوطنية، واستعادة هويته السياسية والقانونية الفلسطينية والعربية والاقليمية والدولية، وأنجزنا له برنامجاً يوحد الشعب: حق تقرير المصير، لمن هو بالشتات، وداخل الأراضي ال48، وحق دولة مستقلة ولمن هم على أرض 4 حزيران/ يونيو 1967، وحق العودة لمن هم بالشتات، فوحدنا الشعب الفلسطيني.

 هذه انجازات كبرى يُبنى عليها، ومما بني عليها الانجاز السياسي الكبير.. الانجاز السياسي والقانوني الأممي الشامل، الذي وقع بتصويت الجمعية العامة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر عام2012، لأول مرة تعترف الجمعية العامة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بدولة فلسطين على حدود 4 حزيران 1967،  وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين بوجب القرار194 إلى ديارهم.

هذا كله لم يُحل بالمفاوضات  العقيمة منذ عام 1993ـــــ2014، الآن نحن أمام 22 سنة ودخلنا بالعام الثالث والعشرين، عاصر الثورة جيلان، وجيل لاتفاقيات أوسلو وتداعياتها العقيمة، هذه الفجوة بينهم وبين القيادة السلطوية الفلسطينية، أوسع من الفجوة بين شباب الانتفاضة الحالية وبين مكونات التيارات الشابة في صفوف الشباب الفلسطيني، ولهذه الأسباب جميعاً قلت:ـــــ هذه الانتفاضة لم تستأذن أحداً، نزلت إلى الميدان، وهي تعلم أن الثمن سيكون كبيراً وهو كبير..، يومياً الاعدامات الفورية بقرارات سياسية صدرت من المجلس الإسرائيلي الوزاري المصغر «كابينت»، وعلى الشك وعلى الاشتباه ــــــ على حد تعبير نتنياهو ــــــ ، على سبيل المثال إذا سار أحد ويده بجيبه ــــ فوراً إعدام ـــــ، بدون تحقيق بدون قضاء بدون محاكمة، هذا لم يقع في أي بلد من بلدان العالم، إلا على يد حكومة نتنياهو اليمينية واليمينية المتطرفة، وفي ظل حكومة غلاة اليمين المتطرف بعنصرية أيديولوجية، مفارقاته غير مسبوقة في تاريخ العالم.

 ولذلك حتى نعيد اليقين إلى جيل ما بعد الـ 25 عمراً، ونعزز عمل الانتفاضة الشبابية الآن وليس غداً، وغداً وليس بعد الغد، الخطوات الأولى هي ترتيب البيت الفلسطيني، اتخذنا قرارات في آذار/ مارس 2015 في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الخطوة الأولى: وقف التنسيق الأمني كلياً مع دولة الاحتلال وقوات الاحتلال.

الخطوة الثانية: إلغاء اتفاق الإلحاق الاقتصادي الفلسطيني الهشّ الضعيف بالاقتصاد الإسرائيلي العملاق، لأن مجموع الاقتصاد الفلسطيني بحجم الانتاج السنوي الفلسطيني، هي 8 مليار دولار، منها 6 مليار دولار تعود لإسرائيل، بضاعة قادمة عن طريق إسرائيل، أم منها، وبالمقابل الاقتصاد الإسرائيلي سنوياً 245 مليار دولار، حجم الانتاج المحلي الإسرائيلي، وبالتالي الاقتصاد الفلسطيني لا يستطيع أن ينافس أحداً من القوى الإسرائيلية، لأنه لا يوجد لديه تنمية اقتصادية، ويوجد مجاعات، ولا يوجد عدالة اجتماعية، ولذلك ما اتفقناعليه في أذار / مارس 2015 هو للتنفيذ، والكل يعلم، محمود عباس يعلن بأنها قرارات ملزمة، وقد مرت تسعة  أشهر ولم تنفذ هذه القرارات.

الخطوة الثالثة:ــ إلغاء مناطق (أ، ب، ج) التي مزقت الضفة الفلسطينية، بموجب اتفاقات أوسلو الجزئية. (أ) 18 بالمئة بيد السلطة الفلسطينية، بدون سيادة على الأرض، 22 بالمئة سلطة مدنية فلسطينية، بينما السلطة العسكرية والأمنية باليد الإسرائيلية، 60 بالمئة احتلال كامل إسرائيلي.

قبل لحظات كنت أقرأ ما تسرب بالصحافة الإسرائيلية، نتنياهو يبحث بإضافة بضعة كيلومترات من مناطق (ج) المحتلة التي نسبتها 60 بالمئة من مجموع الضفة الفلسطينية، أن ينسحب من 1،9 بالمئة من 60 بالمئة من مجموع الضفة الفلسطينية، أي وفق الاحتكاك المباشر بين الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وقوات الاحتلال، وهذا يعني لا شيء، تعديلات اقتصادية، تسهيلات بالدخول إلى الداخل «إسرائيل»، وكلها تجري في عمل أسود، كلها العمل الشاق، وليس العمل التكنولوجي، وليس العمل الصناعي، وبالتالي هذا لا يحل شيئاً، وعندما طالب كيري بتسهيلات للفلسطينيين كان عليه أن يطالب بشيء آخر، خاصةً أن أجرى مفاوضات تسعة أشهر، أن يطالب برحيل الاحتلال، أن يطالب أن ينسحب الاحتلال، أن يطالب بوقف الاستيطان، لا أن يطالب بتسهيلات اقتصادية جزئية لا تحل شيئاً، لذلك الانتفاضة الشبابية لم تستجيب إلى هذا، وقد رفضت هذا، علينا أن ننفذ ما قررناه في آذار /مارس 2015، وأن نعود إلى محكمة الجنايات الدولية ونقدم شكاوى حول الجرائم الاسرائيلية «جرائم الحرب» وفي المقدمة الإعدامات الجارية في الميدان يومياً، داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحتى الآن السلطة الفلسطينية تتهرب من تقديم الشكاوى تحت الضغط الأميركي والتهديدات الاسرائيلية، تقدم لمحكمة الجنايات الدولية الملفات، وهي قراءة ولم تقدم أي شكوى حتى الآن، وهذا كله قررناه ولكنه معطّل، يجري ترحيله إلى عام 2016 وبدون سقف زمني للتنفيذ.

أيضاً قررنا في لقاء مع الأخ أبو مازن، قررنا أن نذهب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في ثلاثة قرارات جديدة:ـــ

الأول: الاعتراف بدولة فلسطين عضواً عاملاً في الأمم المتحدة، حتى تصبح مسؤولية الأمم المتحدة بالعمل سياسياً ودبلوماسياً وقانونياً، وبالعقوبات الاقتصادية، وبتجميع الطاقات الدولية من أجل رحيل الاحتلال واستعمار الاستيطان، وتأمين حق شعبنا بتقرير المصير والحرية والاستقلال، وعند ذاك سنقول للعالم أن هذه السلطة الفلسطينية انتهى  دورها، والآن دور الأمم المتحدة لتحل المعضلة، باعترافها بدولة فلسطين عضواً عاملاً وبما هو منصوص عليها في قانون الأمم المتحدة، كما فعلت ناميبيا، وكما فعلت جنوب افريقيا أيضاً، هذا أولاً ما اتفقنا عليه.

الثاني: مشروع قرار آخر بدعوة الأمم المتحدة لإرسال قوات دولية للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 القدس والضفة وقطاع غزة لحماية الشعب والأرض الفلسطينية، حماية الشعب من بطش الاحتلال، وحماية الأرض من عمليات الاستيطان الاستعماري.

الثالث: الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام لحل قضايا الصراع الفلسطيني ـــ الاسرائيلي وفقاً لمرجعية قرارات الشرعية الدولية، وبرعاية الدول الخمس الدائمة العضوية، بعد تجريب 22 سنة بالانفراد الأميركي.

هذه المشاريع الثلاثة تدول كل القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية، ومؤخراً «الكابنيت» الاسرائيلي أي “المجلس الوزراي المصغر” قال : إن السلطة الفلسطينية خففت على  “اسرائيل” المسؤولية..، أي المقصود الأعباء عن الاحتلال، إذا “اسرائيل”  عادت واحتلت وبشكلٍ مباشر الأراضي الفلسطينية، لذلك علينا أن نجمع الأن بين ترتيب البيت الفلسطيني، وبين التدويل للحقوق الوطنية الفلسطينية.

موضوعة «دولة فلسطين» عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، هي أهم ما تحدثتم بها مباشرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخراً، أنتم تذهبون وتطالبون الأمم التي تكيل بمكيالين؛ كيف لها أن تنصف القضية الفلسطينية، وقد مرت أمامنا عقوداً من الزمن ، نسمع ونرى ونشاهد ونلمس المجتمع الدولي، ماذا فعل للقضية الفلسطينية؟ وكيف تعولون على هذه الجهات؟!

■■ تشاورنا واتفقنا على هذا في عمان، وتقرر أيضاً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بالاجماع، مشاريع القرارات ينبغي أن تأخذ دورها إلى الأمم المتحدة، المهم أن ننقل الاتفاقات إلى الخطوات العملية، وأن لا ننحني أمام الضغوط الأميركية التي لا تتوقف، اجتمعت أنا  والأخ أبو مازن محمود عباس، وهو يدرك أن الضغوط الأميركية لن تتوقف، واتفقنا على عدم سياسية الانحناء أمام الضغوط الأميركية، واقترح أن ننتظر قليلاً إلى أن يأتي كبرى للمنطقة، وجاء كيري ولم يقدم شيئاً… وانتهت إلى فشل.

دائماً نحن نعلق أي ردة فعل لا تأتي بالمستوى المطلوب ، بأن هنالك الضغوط ، ونقول أن الضغوطات هي التي آلت إلى مانحن عليه الآن.. والوضع يزداد سوءاً..؟

■■ أولاً: انحنت السلطة الفلسطينية 22 عاماً ولذلك كفى.. هناك مصالح مالية مادية، ومالية سياسية وفئوية وشخصية وحزبية ضيفة موجودة داخل السلطة في رام الله  وموجودة ذاتها في غزة، أصحاب هذه المصالح يتحملون المسؤولية الأساسية عن الانقسام، وتعطيل قرارات ترتيب البيت الفلسطيني في المجلس المركزي وقرارات الاجماع الوطني، أي أولاً تصحيح السياسة والعلاقات الفلسطينية – الفلسطينية.

ثانياً: الجانب الآخر الحالة الاقليمية العربية والشرق أوسطية، والمحاور الاقليمية المتصارعة فيما بينها على النفوذ، تقدم التمويل المالي والسياسي والاعلامي للسلطة برام الله، ولسلطة حماس في غزة، وعلينا أن نغادر الانحناء لكل هذه الضغوطات، ما نقرره ننفذه، ونعمل مع الدول في الشرق الأوسط والعالم، من أجل أن تستجيب للحقوق الوطنية الفلسطينية، إن دخولنا بمشروع قرار جديد بالأمم المتحدة، الاعتراف بدولة فلسطين عاملة كاملة العضوية، يجعلنا عضواً عاملاً في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ويوجب على الأمم المتحدة أن تتحلى بالمسؤولية الكاملة القانونية والسياسية والدبلوماسية والعقوبات ، وإرسال قوات تابعة للأمم المتحدة إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، على سبيل المثال: لماذا في سيناء يوجد حتى الآن قوات متعددة الجنسية بلبنان.. والجولان قوات أمم متحدة.. لماذا كل أزمة من أزمات الشرق الأوسط يوجد لها صيغة دولية، 67 عام وقضيتنا الوطنية الفلسطينية معلقة بدون صيغة دولية، وبانفراد، إما في حينها الكولونيالية البريطانية، والانفراد الراهن أميركي، هذا هو الذي يجب أن ينتهي، نحن خطونا خطوة هامة بهذا الاتجاه، وعندما نتزع العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، سنقول تفضلوا هذه مسؤوليتكم بحماية الأرض  والشعب، وعليكم أن ترحلوا الاحتلال بموجب قوانين وقرارات الشرعية الدولية، والقرار الثاني هو دعوة الأمم المتحدة للتصويت لمؤتمر دولي للسلام، برعاية الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، وبمرجعية قرارات الشرعية الدولية، لأن كل المفاوضات منذ أوسلو22 سنة وحتى يومنا، هي بدون حالة المرجعية الدولية، كلها جرت على الطاولة وما يتقرر على الطاولة بين الذئب والحمل، بين الذئب الاسرائيلي الشرس وبين الحمل الفلسطيني، ما يتقرر هو القرار، وقرارات الشرعية الدولية كلها معلقة، القرارات الثلاث الجديدة تحدث تحول بموقف الشرعية الدولية.

 الآن الانتفاضة تقدم فرصة استثنائية تاريخية لإعادة جسر الهوة الواسعة بين الشعب والسلطة، وجسر الهوة بين جيل الشباب والسلطة، وبين كل الأجيال، لننهي الانقسام، كما قررنا من 2005 ـ 2006، 2009، 2011، 2013، وحتى يومنا أن ننهي الانقسام بأربع برامج وطنية، ولم ينتهِ الانقسام، بسبب المصالح الفئوية والزعامتية والفردية بين أبناء السلطوية  في رام الله وغزة أولاً، ووقف التدخلات بين المحاور الإقليمية العربية وشرق الأوسطية المالية والسياسية والاعلامية السامة ثانياً.

هكذا نطوي الضغوط الأميركية، بمؤتمر دولي للسلام بمرجعية قرارات الشرعية الدولية وعضوية الدول الخمس دائمة العضوية ،  وهكذا تصبح القرارات مدولة  لتحديد مسؤولية الأمم المتحدة، وعلينا أن نبدأ من الآن، بترتيب البيت الفلسطيني.

بصراحة… القيادة الفلسطينية بردود فعلها الحالية وسياستها الآن.. هل ترقى إلى مستوى الشعب الفلسطيني… هل ترقى إلى خطورة الوضع الراهن؟

■■لا … ترقى … والسؤال مشروع، لا ترقى إلى الروح الكفاحية للشعب الفلسطيني، والعطاءات التي يقدمها، حولنا وأمامنا بالثورة على امتداد عشريات السنين؛ رداً على هزيمة حزيران/ يونيو 1967، ومن أجل استعادة بناء الشخصية الوطنية الفلسطينية السياسية والقانونية، فلسطينياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، وقدم عشرات آلاف الشهداء، وكان معنا في كل دقيقة.

عندما تشكلت السلطة الفلسطينية؛ مشت في طريق أوسلو ومصالح السلطة بالقوة الأمنية والمالية، كذلك ذهبت حماس إلى القوة والحسم العسكري بمشروع إسلام سياسي إخواني وصل إلى طريق مسدود.

الآن لدينا أربعة برامج اجماع وطني تعالوا لتنفيذها حتى نضمن أن الانتفاضة تسير إلى الأمام وتتطور بقيادة وطنية شاملة وأن نعود إلى الشعب بإدارة الحكومة الوطنية الشاملة للانتفاضة الشاملة، وانتخابات شاملة لمجلس وطني فلسطيني، ولكل مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، تقوم على التمثيل النسبي الكامل.

لقد قررنا هذا أيضاً في قانون الانتخابات الذي توصلنا له في شباط / فبراير 2013 بالقاهرة بالحوار الوطني الشامل، لننهض من جديد في إطار وحدوي منتخب، وننتهي من مجلس وطني فلسطيني منذ عشرين سنة معطل، والآن له دورة جديدة، اعتقد بالربع الأول من عام 2016، كان مقرراً أن يكون مع نهاية هذا العام، وقد نأجل إلى الموعد الجديد الذي ذكرت، ننتهي من مجلس قد شكل بالتوافق قبل عشرين سنة، بالتوافق لأنه كان يحرم علينا الانتخابات، الآن أمامنا تطوير الانتفاضة إلى انتفاضة شعبية شاملة، تصحيح وإعادة بناء البيت الفلسطيني.

سيد نايف حواتمة، نعود إلى نفس السؤال الذي طرحناه حول ردة فعل القيادة الفلسطينية لمستوى الحدث، نقول أيضاً أن هناك انتقادات توجه إلى الشعب الفلسطيني.. حيث لم تكن ردود الفعل بحجم الجرائم الإسرائيلية كما كان متوقعاً، أين هي الانتفاضة الفلسطينية؟! أم أن سياسات القيادة الفلسطينية التي تقمع وتعتقل هي السبب؟

■■حالة الشعب الفلسطيني رغم كل الظروف، هي حالة وطنية وثورية بامتياز..، عمليات الاحتواء والتطويق والقمع السلطوية كارثة يجب أن تتوقف.

  اليوم ردة فعل!

■■جاهزة حالة شعبنا لتقديم كل التضحيات الضرورية، لكن التجارب المرة؛ تجربة الانتفاضة الأولى، بدلاً عن الحرية والاستقلال، بعد ستة سنوات، هي اتفاقات أوسلو الجزئية، تجربة الانتفاضة التي قدم بها هذا الشعب 4700 شهيد، وهذا كله ولدّ أشكالاً من اليأس والإحباط، لكن علينا أن نلاحظ برغم هذا كله، أن الشعب لديه جاهزية عالية جداً للنهوض من جديد، الآن انتفاضة شبابية مرشحة لانتفاضة شعبية شاملة، والحل هو على القيادة الفلسطينية أن تنزل إلى الميدان مع شعبها وفي مقدمة شعبها: برامج الاجماع الوطني، بسلسلة من الخطوات الأساسية، كما ان القيادة السلطوية الفلسطينية التي زرعت الانقسام، أن تنهي الانقسام وفقاً لما قررنا، قرارات المجلس المركزي 2015، قرارات تدويل القضية الفلسطينية، وتعريض جرائم «إسرائيل» كلها إلى شكاوي لمحكمة الجنايات الدولية، على هؤلاء أن يستجيبوا لبناء الجسور مع الشعب من جديد، بكل عناصره وشرائحه، وفتح أفق سياسي جديد وموّحد، وحل أزمة المفاوضات، لتقوم المفاوضات على قرارات الشرعية الدولية، ومؤتمر دولي للسلام بإشراف الأمم المتحدة، وبرعاية الدول الخمس دائمة العضوية، باعتبار الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967أراضي محتلة، سلسلة قرارات من جديد. هذا الذي ينهي حالة التردي والانتظار وإنهاء مساحة من اليأس والإحباط، والسير إلى الأمام بحكومة وطنية شاملة وانتخابات شاملة.

 

■ شكراً للسيد نايف حواتمة .. شكراً لفيلسوف الثورة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين،

Related posts

وفاة الشاب علاء عطا الله خيري، نجل سفير فلسطين في الأردن

الاحتلال الصهيوني يقتحم مراكز الإيواء في بيت حانون بعد إدخال شاحنتي مساعدات الاثنين

البنك العربي الراعي البلاتيني للجمعية العامة السابعة والخمسين للاتحاد العربي للنقل الجوي