عروبة الإخباري – نظمت مكتبة عبدالحميد شومان ضمن برنامج قراءات حفل إشهار كتاب “المغطس”. للمؤلف الدكتور محمد وهيب بمشاركة د. رؤوف أبو جابر ود. خليل مطر ود. مصطفى أبو رمان والأب آندرو.
وألقى الدكتور محمد وهيب كلمة حول اكتشاف موقع عماد السيد المسيح قال فيها “لم يتوقف البحث يوماً عن مكان عماد السيد المسيح، فالموقع كان معروفاً في بطون الكتب المقدسة، وذكرته المصادر التاريخية وأكدته وصوفات الرحالة والمؤرخين ، لكن أحداً لم يجرؤ على القول أنه وصل إلى مكان العماد الحقيقي في عصرنا الحالي، حتى كانت مشيئة الله بظهوره وبزوغ فجره من جديد في وادي الاردن على الجانب الشرقي للنهر المبارك نهر الاردن، واستغرق البحث عن الموقع وقتاً طويلاً في اتجاهات متعدده في المكتبات في بطون المصادر والمراجع والخرائط والمخطوطات القديمه ثم ميدانيا من خلال المقابلات الشخصيه لكبار السن والمعمرين المقيمين في المنطقه ليتم التثبت بشكل نهائي من المكان الحقيقي ، ولتبدأ بعد ذلك الأعمال الميدانية التي اتبعت اسلوب البحث العلمي حيث تم تقييم تل مار الياس ومحيطه وشكل فريق من الخبراء والمتخصصين في علم الاثار/ العماره / المسكوكات/ الفخار / التنقيب / التوثيق / الرسم والتصوير والانثروبولوجياالاجتماعيه والفيزيائيه والهندسه والمساحه وفريق الدعم (اللوجستي الميداني ) وفق منهج البحث الاثري العلمي الحديث باستخدام احدث الاجهزة والتقنيات المتطوره للحصول على افضل النتائج العلميه”.
وأضاف:” ومن خلال أعمال المسح الميداني الأولي التي تم القيام بها عام 1996م ظهر على سطح التل العديد من الاجزء العمائرية والكِسر الفخارية المتناثرة وخاصة على قمة وسفح التل الشمالي والجنوبي بالإضافة إلى حبيبات الفسيفساء والتي كان معظمها من النوع الأبيض، وقليل من الحبيبات الملونة على السفوح السفليه للتل، كما تم ملاحظة وجود بعض الحجارة المشذّبة في الطرف الغربي “السفح السفلي” وكذلك حجارة متدحرجة على السفح السفلي للجانب الشرقي إضافة إلى بعض الحفر الصغيرة الناتجة عن اعمال اعتداءات وأعمال تجريف على السفح الجنوبي من التل بفعل النشاطات الزراعية الحديثه التي كانت تجري على أطراف وادي الخرار منذ مطلع القرن الماضي”.
وتابع وهيب قائلاً:” وثبت ان التل محاط بجدار في منطقة السفح الأوسط ولم يكن واضح المعالم في البداية حيث انه يلتف حول التل بشكل أُفقي من الجهة الشمالية والغربية والشرقية ويتكون من حجارة غير مشذّبة مدكوكة باستخدام المونة تدحرج بعضها باتجاه وادي الخرار نتيجة العوامل الطبيعية والبشرية، كان التل غير واضح المعالم وسطحه غير منتظم وتتناثر على قمته وسفوحه المخلفات الاثرية التي امكن تاريخها بشكل اولي إلى العصور الكلاسكية ( العصر الروماني والبيزنطي ) حيث كانت المخلفات البيزنطية أكثر كثافة وانتشاراً من المخلفات الرومانية, وعلى الفور تقرر اجراء بعض المجسات الاختبارية للحصول على معلومات دقيقة في اجزاء مختلفة من التل، وذلك تمهيداً للبدء بأعمال التنقيبات الأثرية الشاملة، مع الأخذ بعين الاعتبار لتراكم الطبقات الأثرية عبر الفترات التاريخية المختلفة، الأمر الذي أدى إلى التأني والدقة وإتباع منهج البحث في التتابع الطبقي لتفحص مكونات الطبقات السطحية العليا التي تمثل آخر فترة من العصور الكلاسيكية في الموقع”.
وأشار أنه تم المباشرة بأعمال المجسات الإختبارية في مطلع عام 1997م في موقع تل مار الياس بهدف التعرّف على عمق الطبقات الاثرية في الموقع وكذلك الكشف عن الدور التاريخي للتل وأسباب كثافة المخلفات العمائرية على الجزء العلوي منه، حيث تم إتباع أسلوب التنقيب الافقي الدقيق، فتم عمل نقطة ثابتة وتم تقسيم كامل التل إلى مناطق ومربعات، وتم تركيز العمل في الاجزاء الجنوبية والغربية حيث كشفت المجسات عن اهمية المخلفات الاثرية المنتشرة وخاصة كثافة انتشار الحبيبات الفسيفسائية الملونه والحجارة الصغيرة الكلسية الغير مشذبه.
وحول ما تم إكتشافه خلال أعمال المجسات والتنقيب قال:” وقد كشفت أعمال المجسات التي تبعها أعمال التنقيبات الأثرية التي تم القيام بها عن أجزاء من برك مائيه بلغ عددها ثلاث برك وثلاثة كهوف، و كنائس وقاعات صلاة، بالإضافة إلى الكشف عن نظام مائي لنقل المياه من مناطق جنوب التل عبر الانابيب ونظام قنوات مياه تصب في خزان وبئر أقيما خصيصاً لتجميع المياه وحفظها لاستخدامها في نشاطات العمل اليومي في التل ومحيطه المجاور.
وختم شهادته حول اكتشاف المغطس قائلاً:” وقد اكدت نتائج المجسات الاختباريه ان التل شهد عدة فترات تاريخية ابتداءً من الفترة الرومانية المبكرة إلى الفترة المتأخرة، ثم الفترة البيزنطية المبكرة والمتأخرة، وقد تم الاعتماد على طرق علمية دقيقة للحصول على التاريخ الحقيقي للمكتشفات وخضعت المكتشفات للدراسات المخبرية وخاصة المسكوكات والاواني والكسر الفخارية وغيرها من المكتشفات الاخرى التي تم التوصل إليها أثناء التنقيبات الأثرية ثم تبع ذلك القيام باعمال التنقيبات الاثريه المركزة في التل ، والتي بدأت بالمسوحات والتوثيق الميداني منذ عام 1996م واستمرت بوتيرة متصاعده لتشمل اعمال التنقيب والتوثيق والصيانه والترميم ولغاية عام 2002م، حيث استغرق الاكتشاف الميداني 6 سنوات من العمل المتواصل لفريق العمل الاردني المتخصص على مدار العام واستمر العمل في اعمال التوثيق والنشر العلمي ودراسة محيط موقع عماد السيد المسيح منذ العام 2003 ولغاية الان” .
وقد قدم د. رؤوف أبو جابر ود. خليل مطر ود. مصطفى أبو رمان والأب آندرو شهادتهم حول الكتاب ودار حوار ونقاش مع الحضور.