عروبة الإخباري – أكد الرئيس محمود عباس، أمس الاثنين، أن الهبة الجماهيرية نجمت عن يأس الشباب الفلسطيني من استحالة تحقيق حل الدولتين، واقتحام المسجد الأقصى المبارك، وتواصل البناء الاستيطاني وانتشار الحواجز العسكرية.
وتابع الرئيس في كلمة له في احتفالية اليوم العالمي لمكافحة الفساد، والذي نظمته هيئة مكافحة الفساد في مسح جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بالبيرة: بدأت هبة جماهيرية مبررة، ولا نملك أن نقول للشباب لماذا أنتم خارجون؟ ولا أريد أن يدعي أحد أنه أخرق، خرجوا لأسباب عدة أولها أنهم بدأوا يشعرون باليأس من الدولتين، يتجولون لا يرون أساساً منطقياً لدولتين، فدولتنا غير موجودة، استيطان، حواجز، وبدأ اليأس يقترب إلى عقولهم، فبدأ يتراكم هذا الأمر، ولم يجدوا أماماً حلاً.
وأضاف الرئيس: لم يجد الشباب أمامهم حلاً، فالاعتداءات على الأقصى مستمرة، عام 2000 اندلعت انتفاضة لأن شارون اقتحم الأقصى، واليوم نفس الأمر يحدث، نحن لسنا ضد الزيارات التي ترتب مع الأوقاف الإسلامية، للحفاظ على الستاتيكو، فهذا اعتداء على حرمة اعتداء على مقدس.
وأكد الرئيس: هناك اتفاقيات بيننا وبين إسرائيل، وهي نقضت جميعها من عام 1993 حتى اليوم، وفيها اتفاقيات وقع عليها رئيس الوزراء الحالي، ثم ألغيت لنبلغ مؤخراً بأن العودة إلى الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين غير واقعية وغير ممكنة.
وأضاف الرئيس: العودة للمفاوضات تقوم على وقف الاستيطان، والإفراج عن الأسرى، لدينا اتفاق رسمي على أسرى معتقلين قبل اتفاق أوسلو، ولكنهم رفضوا الإفراج عنه، ولم أكن أنا من اتفق معهم، بل أنه كان جون كيري، ومع ذلك نحن صابرين وصامدين ومتمسكين بحقنا ولن نتزحزح عن حقنا.
وتابع الرئيس: المستوطنون بدأوا أولاً بأبو خضير وهو لم يكن الأول، ولكن قضيته كانت بارزة، فهو حرق ثم أعدم، ثم جاءت عائلة دوابشة، إضافة إلى مئات الاعتداءات على المواطنين والمزروعات والمقدسات والشجر، هذا كله أدى إلى بالناس إلى أن تقوم بهذه الهبة الجماهيرية، امنعوا هذه الأسباب، أوقفوا الاعتداءات الإسرائيلية حتى نسوق لأهلنا أملاً في قيام دولة فلسطينية.
وأردف الرئيس: ذهبنا إلى مجلس الأمن لكي نحصل على دولة كاملة العضوية فأفشلنا، ثم ذهبنا مرة أخرى إلى الجمعية العمومية، وحصلنا على صفة دولة مراقب، وشاركنا مؤخراً في قمة المناخ، وبمجرد أن صدرت قرارات مؤتمر المناخ قدمنا طلب الانضمام للحصول على العضوية فيه.
وشدد الرئيس على مبدأ سيادة القانون، وقال: إذا اعتدي على القانون ولو مرة واحدة فهذا يعني أننا نعيش في غابة، لا أحد يجرؤ ولا يسمح لأحد ويجب أن لا تسمحوا لأحد أن يخترق القانون، أو يجتاز القانون، لأن القانون تمثيل للرب على الأرض، كما أمر الله على الأرض، ولا يستطيع أحد أن يتدخل في القانون، ويجب علينا أن لا نخرق القانون.
وشدد الرئيس على أن الشعب الفلسطيني لا يملك ثروات طبيعية، إلا أنه يمتلك العقول البشرية، مشدداً على ضرورة الاهتمام بالجيل الشاب الجديد الذي بدأ يتفتح، مشدداً على ضرورة رعاية الشباب لأن العقول هي التي ستجعل الشعب الفلسطيني يملك الثروات العقلية.
وفيما يتعلق بقطاع الصحة، أكد الرئيس عباس أنه التقى قبل أيام وزير الصحة، د. جواد عواد وسأله عن الفترة الزمنية التي تحتاجها فلسطين لتوقف علاج المواطنين خارج فلسطين وما المطلوب لتحقيق ذلك، وأشار إلى أن د. عواد أبلغه بأنه يحتاج لعامين.
وأضاف الرئيس: لا يجوز أن شعباً أطباءه يعالجون من أمريكا إلى اليابان وما بينهما، وهذا الشعب نصف مرضاه يعالجون بالخارج، وسألت الأخ وزير الصحة ماذا ينقصكم لتحقيق ذلك فكل طلباتك ملباة، وأخبرني أنه يبحث عن قطعة أرض بمساحة 4 دونمات لإقامة مستشفى للسرطان، فقلت له: عندي الآن 5 دونمات أرض ضع يدك عليها، كونها أراضي دولة، إضافة إلى احتياجات أخرى لتطوير علاجات القلب والكلى والأطفال بشريط أنه بعد سنتين لا يعالج أحد خارج فلسطين.
أما فيما يتعلق بملف التعليم، فأكد الرئيس أنه التقى بوزير التربية والتعليم الدكتور صبري صيدم والذي رد على تساؤلات الرئيس حول التعليم والتكنولوجيا، وأنه أبلغ الرئيس أنه بعد فترة قصيرة لن تكون هناك كتب في الصفوف المدرسية، وسيستعاض عنها بالكمبيوتر.
وقال الرئيس: هذه الأمور التي نريد أن نحققها، نريد أن نطور التعليم وندعمه، نريد بناء تعليم قوي ومتميز.
وأردف الرئيس قائلاً: سمعنا أن هناك 460 شكوى ضد الفساد، وهذا الرقم يفرحنا كثيرا، ليس لأنه عندنا فساد، ولكن لأن الناس أصبحوا حريصين على مكافحة الفساد، وبالتالي كل إنسان يشعر أن انسانا ما فاسد فيكتب بحقه وهذا نوع من الشجاعة المعنوية التي يتمتع بها شعبنا، ولم يعودوا يخافون من أصحاب السلطة والنفوذ والفساد.
وتابع الرئيس: أنا سعيد جدا بهذه الأرقام، ولكن أتمنى أن تكون الشكاوى المقدمة صحيحة وأن لا تكون كيدية لأن سمعة الناس مهمة جدا بالنسبة لنا، ولا يجب أن نتهم أحد من الناس بالفساد إلا إذا كان صحيحا، وعلى المواطنين الاسراع بتقديم أي شكوى ضد من يشعرون أنه يتلاعب بالأموال العامة، والمصلحة العامة لأننا نريدها دولة قانون لا دولة بشر.
وأضاف: نحن سائرون بهذا الخط وهيئة مكافحة الفساد تسير بهذا الخط، وتعرف هي ورئيسها أن لا أحد فوق القانون، ولا أحد يتدخل بشؤونها، وإذا وصلت لنا شكوى نناقشها حتى نصدر القرار، مع الحرص الشديد على سمعة الناس، أي قضية يجب أن تدرس بمنتهى الكتمان حتى يدرس القرار، وعلى كل من يرتكب شيئا بحق وطنه من جريمة أو جنحة أو غيرها أن يتحمل مسؤولية ذلك.
وقال الرئيس: مصممون على السير بهذا الخط إلى النهاية، هناك اتفاقيات واجتماعات تعقد في مختلف دول العالم ونحن شركاء فيها ونقدم أنفسنا على اننا بكل جهد من أجل المساءلة والشفافية، وأتمنى أن نتحدث عن الشفافية والمحاسبة والمساءلة، والهيئة تعمل بجد وشفافية، وكل الناس سواسية وكلهم مراقبون على ما يجري، ولكن نراقب بحذر ومسؤولية، ما يهمنا النتيجة وليس التشهير، وأفتخر أنني أطلقت الهيئة وافتخر بالأخوة الذين يعملون فيها، وأتمنى لهم النجاح والتوفيق في عملهم، وأتمنى من الجميع مساعدتنا على أداء مهامنا على أحسن وجه.
بدوره، أكد رئيس هيئة مكافحة الفساد، رفيق النتشة إن حضور الرئيس عباس المؤتمر مرة تلو أخرى يؤكد على وجود سياسة فلسطينية رسمية ترفض الفساد وتسعى إلى اجتثاثه من جذوره، وتحاربه.
وأكد النتشة أن هيئة مكافحة الفساد لن تترك وسيلة أو إمكانية إلا وتتبعها لمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين وتقديمهم للعدالة، مشيداً بالوعي الشعبي الكبير، والذي أثمر عن تقديم عديد البلاغات والشكاوى للهيئة.
وأضاف النتشة: هذا الشعب الذي قدم خيرة أبنائه شهداء وضحى في سبيل تحقيق الحرية والاستقلال لن يقبل الفساد بين ظهرانيه ولن يقبل الفساد من أي شخص كان من كان، مشدداً على أن الهيئة ستواصل عملها في اجتثاث الفساد، والوصول إلى مجتمع فلسطيني خال من الفساد والمفسدين.