السفير الإماراتي البدور: المجتمع الذي لا يقرأ لا يمكن أن يقدم لحضارته شيء

عروبة الإخباري – ميعاد خاطر- قال سفير دولة الامارات العربية المتحدة في عمان بلال البدور أنه اختار الحديث عن الحركة الثقافية والفكرية في دولة الامارات لما تحظى به الجوانب الأخرى السياسية والاجتماعية والاقتصادية من فرص افضل للظهور عبر الفضائيات والشاشات والمرئية والمسموعة والمقروءة.
وقال البدور أن الجوانب الفكرية والثقافية غائبة عن المشهد وإن حضرت من وجهات نظر قد لا تكون دقيقة لعدم الترويج الفعلي لها.
جاء حديثه في لقاء فكري نظمه منتدى الفكر العربي مساء أمس الأحد بعنوان “الحركة الثقافية والفكرية في دولة الإمارات العربية المتحدة” واداره الأمين العام للمنتدى الدكتور محمد ابو حمور.
وفي بداية اللقاء ابلغ د.أبو حمور سعادة السفير والحضور تحيات سمو الأمير الحسن بن طلال.وقال أنه لمس لدى لقائه الأول بالسفير الاماراتي البدور بأن حاسته الفكرية والثقافية عالية إضافة لحسه السياسي والدبلوماسي على عكس ما يعرف عن السفراء الذين يمتازوا بالحس السياسي والدبلوماسي فقط. وتحدث في نبذة مختصرة على الخلفية الثقافية والأكاديمية وخبراته العميقة والكبيرة قبل ان يباغته السفير بالتوقف عن إكمالها.. 

وقال السفير البدور من انه يجب ان يعمل اصحاب الفكر والثقافة على بناء الجسور بين الشعوب لا ان يحطموها، ويكفينا ما نعيشه من واقع مؤلم في بعض البلدان العربية.
ولفت السفير البدورالى “ان كل المثقفين يطالبون بالديمقراطية ويحاولون ردم أعين الديكتاتورية، ولكن المثقف حين يجلس على المنصة يكون أكثر ديكتاتورية، فالمتحدث لا يريد أن يترك المنصة حتى لو رأى الحضور ينظرون الى ساعاتهم”.
واشار الى ان التنقيبات الاثرية على ايدي بعثات عربية ودولية اثبتت أن في دولة الامارات العربية المتحدة 25 موقعا من العصر الحجري و34 موقعا من العصر الحديدي و13 موقعا من فترة ما قبل الاسلام و16 موقعا اسلاميا، إلا انه حين ننظر الى المكتبة لا نجد توثيقا للاقوام التي عاشت في هذه الحقب أو نمط الاشكال الهندسة للبناء والمعابد والمساجد.
ولفت الى العديد من الاسماء التي برزت في التاريخ الاسلامي وموطنها ضمن التقسيمات السياسية الجغرافية الحديثة التي تقع في دولة دولة الامارات، ومنها المهلب بن ابي صفرة الذي تنحدر اصوله من إمارة الفجيرة وأبو بكر بن دريد من المنطقة الشرقية للامارات حيث منطقة دبا.
وتسلسل السفير البدور في قراءته للتطور الفكري والثقافي في دولة الامارات، في الحقب التاريخية، وصولا الى القرن العشرين لتبدأ بواكير مرحلة التنوير من خلال المدارس التي افتتحت بدءا من عام 1905 والتي لم تكن على النظام الحديث وانما شبه نظامية بحيث لا تدرس سوى اللغة العربية والعقيدة الاسلامية وفروعهما.
وقال من هنا تخرجت فئة من طلبة العلم للدراسة في الخارج ومن ابرزهم عبدالله بن صالح المطوع ومحمد بن سعيد الغباش الذي توجه لمواصلة تحصيله العلمي في القاهرة ومر بنابلس، وعادوا ولديهم الرغبة في الكتابة فيما لم يكن في الامارات صحف او مجلات ما دفعهم للنشر في مجلات وصحف تصدر في محيطهم العربي ومنها “المنار” و”الفتح” ومجلة “الكويت” سواء من خلال مقالات او قصائد ومنهم من كان يهتم بالتأليف في الفقه الاسلامي، واخرين كتبوا عن البحر والغوص وصناعة اللؤلؤ، مشيرا الى انه في هذه الفترة تأسست “الجمعية الوطنية” التي تضم مجموعة من المثقفين الاماراتيين.

واشار السفير البدور الى ان اول صحيفة تأسست باسم “مجلة عُمان” عام 1927 وكان توزيعها محدودا، كما تأسست اول مكتبة عامة في ذات العام على يد احد التجار، ليتبع ذلك نقلة تمثلت بسفر العديد من ابناء الامارات الى الخارج طلبا للعلم في الهند والباكستان وايران ومناطق افريقيا ما اكسبهم تعلم لغات تلك الدول ومن ابرزها الاوردية والانجليزية والسواحلية والفارسية.
ولفت الى ان مرحلة الخمسينيات من القرن الماضي شهدت سرعة في الوتيرة حيث بدأ التعليم الحديث بوجود مدرسين عرب ما ساهم بتكون بيئة جديدة ونضج فكري من خلال اقامة وعقد الندوات والمحاضرات، علاوة على ان عددا من ابناء الامارات ذهبوا لمواصلة تعليمهم في الدول الغربية، مشيرا الى ان هذا الحراك الفكري ساهم في خلق حراك سياسي مواز.

وفي مرحلة قيام الاتحاد، بين السفير البدور ان اهم ما حصلت عليه الحركة الثقافية والفكرية هو تحقيق التصالح السياسي والثقافي وانشاء وزارة للثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ودعم المثقفين وتوطينهم وارسال البعثات الدراسية، وتحقيق التصالح الثقافي الامني، حيث لم تشهد مرحلة قيام الاتحاد في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل النهيان الى الان ما يطلق عليه سجين رأي، اضافة الى تحقيق التصالح الثقافي الاقتصادي اذ ان هناك الكثير من اصحاب رؤوس الاموال يقومون بدعم الثقافة والفكر ومن ابرزهم مؤسسة العويس الثقافية ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث.
واشار السفير البدورالى العديد من الهيئات الثقافية الداعمة والمنتجة للثقافة والفكر في دولة الامارات العربية المتحدة ومنها دائرة الثقافة والاعلام في الشارقة ومؤسسة الشيخ محمد بن خالد لافتا الى ان الاتحاد النسائي اولى الجمعيات الثقافية التي تم تأسيسها في دولة الامارات العربية المتحدة.
ونوه الى ان دولة الامارات العربية المتحدة اكتسبت اسلوبها في التعامل مع الثقافة من خلال التسامح الفكري، مشيرا إلى انه يتواجد في دولة الامارات مواطنون من 215 جنسية لا يعانون اي تمييز قائم على العرق او اللون او الدين او المذهب، لافتا إلى ان دولة الامارات احتضنت احد الفنون المنسية وهو فن الخط العربي الذي تقام له المعارض والمهرجانات ورعاية الخطاطين خصوصا الموسم السنوي لكتابة المصحف الذي يكلف فيه 30 خطاطا كل منهم يكتب جزءا علاوة على مسابقة فن الخط العربي واصدار مجلة “حروف عربية ” التي تعنى بهذا الفن.
واشار السفير البدورالى مبادرة تحدي القراءة وهو مشروع نهضوي ثقافي عربي وهو مسابقة بين جميع طلاب المدارس على مستوى الدول العربية لقراءة 50 كتابا في العام، مبينا الى ان 130 الف طالب وطالبة من الاردن سجلوا في المشروع .
وبين ان دولة الامارات العربية المتحدة رغم انها لا تمتلك لقى اثرية كثيرة الا انها معنية بالاعتناء بالشؤون المتحفية، اذا انه سيتم افتتاح متحفين في العام 2016 المقبل: اللوفر ابو ظبي وارميتاج حيث سيتم العمل على تراكم اقتناء الاعمال الفنية، مثلما سيتم وضع حجر الاساس في الاشهر القليلة المقبلة لمكتبة محمد بن راشد الضخمة وصالة اوبرا جديدة.
من جهته قال د. ابو حمور ، إن موضوع “الحركة الثقافية والفكرية في دولة الإمارات العربية المتحدة” يمثل لنا أبعاداً مهمّة حين نتحدث عن تجربة متميزة في التاريخ العربي الحديث لنهوض دولة عربية متحدة، استطاعت خلال عقود وجيزة أن تبلور نموذجاً وحدوياً وتنموياً حداثياً، وأن تتقدم في مختلف المجالات لتصل إلى مستويات مرموقة، تستحق كل التقدير والإعجاب، برؤى قياداتها المستنيرة ومؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وفي نهاية اللقاء الذي حضره سفراء ومسؤولين وشخصيات عامة فتح المجال للمداخلات والاسئلة التي أثرت النقاش ورد عليها السفير.
يشار إلى أن السفير بلال البدور، أحد أبرز مثقفي الإمارات ومفكريها، بما له من خبرات واسعة ومتعددة في الحقل الثقافي، فضلاً عن الحقل الدبلوماسي وعن العمل التطوعي والاجتماعي، واختصاصه في التأريخ للحركة الثقافية في الإمارات، من خلال مجموعة من الدراسات التي سبق أن أصدرها عن هذه الحركة متناولاً بداياتها قبل الاتحاد، وتحقيقاته عن عدد من أدباء وشعراء الدولة، وأبرزها: موسوعة شعراء الإمارات الصادرة عام 2014.

 

Related posts

طلاب الطفيلة ووادي موسى يفتتحون منافسات مشروع “الشباب الآن” الذي تموله “البوتاس العربية” بعروض شيقة حول مواقع الإرث الثقافي

ثلاثة مشاريع فائزة في تحدي أورنج الصيفي 2024على طريق الابتكار المجتمعي والتكنولوجيا ذات التأثير الإيجابي

مختبر أورنج للابتكار ينطلق في جامعة مؤتة لدعم المشهد الرقمي والريادي في الكرك